الغرب في مهمة صعبة لإيقاف ثورة البطاريات الصينية

الرسوم الجمركية لن تحد من هيمنة بكين على الأسواق.
السبت 2024/09/14
لا حدود لأفق الطموحات

تسود قناعة بين المحللين بأنه من السابق لأوانه إعلان النصر في الحرب من أجل الجيل القادم من تكنولوجيا بطاريات السيارات الكهربائية، ولكنهم يرون أنه من الصعب تخيل خسارة الصين ميزتي الإنتاج الضخم والابتكار، المقرونتين أساسا بالأسعار الرخيصة.

بكين - دخلت السيارات الكهربائية الصينية عصرًا جديدًا من القيادة التي تعمل بالبطاريات، والآن تواجه موديلات مثل سيال من بي.واي.دي وفانكي كات من غريت وول موتور ردود فعل دولية عنيفة.

وتضاعف الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على واردات السيارات الكهربائية من الصين إلى أكثر من 100 في المئة، في حين يرفع الاتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية الإجمالية إلى ما يقرب من 50 في المئة لبعض العلامات التجارية.

وتعد البطاريات المصنوعة في الصين، والتي تعمل على تشغيل هذه النوعية من المركبات، هدفا واضحا للقيود التجارية. لكن هذه المعركة ستكون أصعب بالنسبة إلى الغرب للفوز بها.

ويقدر محللو شركة بيرنشتاين للأبحاث أن شركة كونتمبوريري امبيركس تكنولوجي البالغة قيمتها 115 مليار دولار، وشركاتها الأصغر حجمًا، شكلت ثلثي السوق العالمية لخلايا الطاقة المستخدمة في السيارات الكهربائية في النصف الأول من عام 2024.

وتنمو الشركات من الصين أيضًا بشكل أسرع، فقد تضاعف عدد المنشآت التي أنشأتها شركة سفولت إنيرجي تكنولوجي بأكثر من الضعف في الفترة من يناير إلى يونيو الماضيين.

كما حفزت أعمال الوحدات التي أنشأتها شركات سي.أي.أل.بي وغيوشون وسي.أي.تي.أل وبي.واي.دي المنافسة بأكثر من الخمس مقارنة بعام 2023.

وتبدو أيضا تلك الأعمال مدرة للمكاسب، حيث حققت سي.أي.تي.أل، على سبيل المثال، أكثر من 40 مليار يوان (5.6 مليار دولار) من الأرباح خلال العام الماضي.

ويتم تصدير الكثير من هذا الإنتاج، فقد تضاعف إجمالي حجم وحدات بطاريات الليثيوم التي تغادر الصين تقريبًا بين عامي 2015 و2023، وفقا لمركز التجارة الدولية. وأصبحت الولايات المتحدة وأوروبا من المشترين الرئيسيين للخلايا الصينية، ما يضغط على المشغلين المحليين مثل شركة نورثفولط السويدية.

تيم بوش: على الدول الغربية تطوير بدائل للانفصال عن الصين
تيم بوش: على الدول الغربية تطوير بدائل للانفصال عن الصين

والآن يقاوم صناع السياسات الغربيون هذا التيار، فقد وضع الرئيس جو بايدن في مايو الماضي خططًا لرفع التعريفات الجمركية على واردات البطاريات وأجزائها إلى 25 في المئة، من 7.5 في المئة السابقة.

والواقع أن قانون خفض التضخم، والذي يدعم السيارات الكهربائية بما يصل إلى 7500 دولار، بداية من عام 2025 يستثني صراحة المركبات التي تم استخراج أو معالجة أو إعادة تدوير مواد البطاريات الخاصة بها من قبل "كيان أجنبي معني".

ويغطي هذا المصطلح الشركات التي يقع مقرها الرئيسي في الصين أو المسجلة فيها، والشركات التي تمتلك الحكومة فيها 25 في المئة أو أكثر من أسهمها أو حقوق التصويت أو مقاعد مجلس إدارتها.

كما يُستثنى المصنعون الصينيون من قانون البنية الأساسية الحزبي، الذي تبلغ قيمته 6 مليارات دولار من الاعتمادات للبطاريات والمعادن الأساسية اللازمة لصنعها.

ويقيم صناع السياسات الأوروبيون حواجز مماثلة للبطاريات المصنوعة في الصين. ولم يفرضوا تعريفات جمركية إضافية، لكن سلسلة من المبادئ التوجيهية بشأن المصادر المحلية والمسؤولة تجعل التجارة مكلفة ومعقدة على نحو متزايد.

وسينطبق نفس الشيء على ضريبة الحدود الكربونية التي اقترحها الاتحاد الأوروبي، والتي ستفرض رسوما على الواردات كثيفة الانبعاثات، بما في ذلك السيارات والأجزاء ذات الصلة من عام 2030.

ومن المرجح أن تشتد هذه الجهود مع تزايد التوتر في العلاقات السياسية. وتحظى الجهود الأميركية الرامية إلى تقليل اعتماد البلاد على منافسها الإستراتيجي الرئيسي بدعم واسع النطاق من الحزبين.

ويشعر المسؤولون بالقلق أيضا إزاء وجود التكنولوجيا الصينية في ما يسمى بـ"المنتجات ذات الاستخدام المزدوج" التي لها تطبيقات عسكرية. والبطاريات ضرورية للغواصات والطائرات دون طيار.

ورغم أن قانون التضخم هو أحد سياسات بايدن المميزة، من المحتمل أن يتردد دونالد ترامب في عكسه بالكامل إذا عاد إلى البيت الأبيض.

ويشير المحلل تيم بوش في البنك السويسري يو.بي.أس إلى أن الاستثمارات المتعلقة بالبطاريات التي حفزها مخطط الائتمان الضريبي تتركز في الولايات ذات الميول الجمهورية. لكن لكي تنجح الدول الغربية في الانفصال عن الموردين الصينيين، ستحتاج إلى تطوير بدائل، وفق ما يراه بوش.

وتتوسع شركات البطاريات الكورية العملاقة مثل أل.جي إنيرجي سوليوشن، وأس.كي أون، وسامسونغ أس.دي.آي، التي تمثل حصة سوقية عالمية مجتمعة تبلغ 23.5 في المئة، في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولكن الاعتماد على هذه الشركات الثلاث له جوانب سلبية، لأنها تتخلف عن البراعة التقنية التي تتمتع بها الشركات الصينية المنافسة الأكبر حجماً.

ولم تنجح أي منها حتى الآن في زيادة الإنتاج الضخم لخلايا فوسفات الليثيوم والحديد التي تحظى بشعبية متزايدة، على سبيل المثال. وقد تسمح التطورات في تكنولوجيا البطاريات للشركات الناشئة بالقفز فوق الشركات الرائدة والراسخة.

والاحتمال الأكثر إيجابية هو البطاريات ذات الحالة الصلبة، التي تستخدم طبقة من الليثيوم والمعدن بدلاً من الأنود التقليدي، الجزء من الجهاز الذي ينتقل إليه التيار أثناء الشحن.

◙ اعتماد الغرب على شركات مثل أل.جي سوليوشن وأس.كي أون وسامسونغ أس.دي.آي له سلبيات، لافتقارها إلى الابتكار

وهذا يوفر كثافة طاقة أعلى بحيث يمكن أن تكون الحزمة التي تزود السيارة بالطاقة أكثر أماناً وأصغر حجماً وأخف وزنا دون التضحية بالمدى.

ويتنافس الرواد على إخراج العلم من المختبر، ولا أحد لديه تقدم واضح. وتتوقع شركة بينشمارك مينرالز أنه بحلول عام 2030 قد تشكل كل من الولايات المتحدة والصين حوالي ثلث سوق هذه المواد الكيميائية.

وتستكشف الشركات الصينية الرائدة، بما في ذلك سي.أي.تي.أل وبي.واي.دي، بطاريات الحالة الصلبة. وتقول تويوتا، أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم، إنها قد تكون على بعد ثلاث سنوات فقط من وضع المركبات التي تستخدم هذه المنتجات على الطريق. وتتعاون فولكسفاعن الألمانية مع شركة كوانتوم سبيس للقيام بنفس الشيء.

ومع ذلك، فإن تجاوز شركات تصنيع البطاريات الصينية هو اقتراح صعب، إذ لا تزال المنتجات ذات الحالة الصلبة تستخدم الليثيوم، وتتطلب بعض الإصدارات أيضًا الجرافيت والنيكل والكوبالت.

وبالرغم من أن الصين تمتلك حوالي 7 في المئة فقط من احتياطيات الليثيوم في العالم، إلا أنها تسيطر على حوالي 80 في المئة من إنتاج المواد الكيميائية لليثيوم، وفقًا لمنظمة أبحاث الصين وآسيا، كما تهيمن على النيكل والكوبالت.

ويتمتع ثاني اقتصاد في العالم بقبضة محكمة على الجرافيت إلى درجة أن الولايات المتحدة اضطرت مؤخرًا إلى دفع القيود المفروضة على الإمدادات الخارجية.

وفي الأسبوع الماضي ذكرت رويترز أن شركات تصنيع البطاريات، بما في ذلك فورد، تحث مكتب الممثل التجاري الأميركي على تخفيف الرسوم الجمركية المقترحة على واردات هذه المادة.

وإذا ابتكر المهندسون وصفات جديدة للكاثودات والأنودات يصبح من المحتمل أن تكون معالجة المواد اللازمة أقل كلفة في الصين، التي تنتج حاليًا بطاريات بسعر حوالي ثلاثة أرباع تلك المصنوعة في أي مكان آخر.

وينمو البحث والتطوير أكثر بأسعار معقولة في الصين أيضا، فقد شكل الباحثون 80 في المئة من التوظيف القياسي لبي.واي.دي، في العام الماضي.

10