اجتماع حاسم برعاية أممية لحل أزمة مصرف ليبيا المركزي

طرابلس – أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن الفصائل الليبية المتنافسة أحرزت تقدما بشأن أزمة المصرف المركزي وستواصل المشاورات اليوم الخميس للتوصل إلى اتفاق نهائي، وذلك في محاولة لنزع فتيل أزمة تقلص إنتاج النفط وصادراته.
وضم الاجتماع الذي استضافته البعثة الأممية ممثلين عن مجلس النواب ومقره في بنغازي بالشرق والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي، وكلاهما مقره بطرابلس في الغرب.
وأضافت البعثة في بيان "أحرز ممثلا المجلسين التشريعيين تقدما بشأن المبادئ العامة الناظمة للمرحلة المؤقتة التي ستسبق تعيين محافظ ومجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي".
ومنذ منتصف أغسطس الماضي، تعيش ليبيا أزمة حادة بعد إصدار المجلس الرئاسي قرارا يقضي بعزل محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، وتعيين محمد الشكري مكانه، وهو الإجراء الذي رفضه مجلسا النواب والأعلى للدولة، لصدوره "من جهة غير مختصة" في النظر بالمناصب السيادية.
ووسط تحذيرات أممية ودولية من التأثير السلبي للأزمة على الاقتصاد الليبي لا سيما أن مصارف دولية أوقفت التعامل مع المصرف المركزي الليبي، أطلقت البعثة الأممية مبادرة لعقد اجتماع طارئ يضم الأطراف المعنية بالأزمة للتوصل إلى توافق وهو ما أيده مجلس الأمن عبر بيان له.
ومع انهيار الدولة بين الفصائل المتنافسة، ظل مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط بعيدين عن الصراع مما كفل استمرار بعض وظائف الحكومة.
ولم يشر بيان البعثة إلى موقف ممثل المجلس الرئاسي من التفاهمات الجديدة بشأن أزمة المصرف المركزي، لكن رئيس المجلس محمد المنفي، دعا قبل أسبوعين مجلس النواب لاختيار محافظ جديد للمصرف المركزي في جلسة علنية بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة.
وقال ممثل المجلس الرئاسي زياد دغيم الأربعاء إنه لم يشارك في أي نقاشات متعلقة باجتماع المصرف المركزي اليوم برعاية بعثة الأمم المتحدة رغم وجوده داخل مقر البعثة، بسبب "عدم توافق ممثلي مجلسي النواب والدولة على أي شيء واستمرار خلافهما".
وأعرب دغيم، في تصريح لمواقع "بوابة الوسط" عن "ترحيبه بكل ما يتفق عليه ممثلو مجلسي النواب والدولة"، داعيًا لوضع "آليات جادة" لانتخاب محافظ جديد وبشكل توافقي قبل انتهاء المهلة المتفق عليها في الثالث من أكتوبر المقبل.
والأسبوع الماضي، احتضنت البعثة أولى جلسات مشاورات ممثلي مجلسي النواب والدولة على مدار يومي الأحد والاثنين، قبل أن يطلبا مهلة إضافية لمدة خمسة أيام لزيادة التشاور مع مجلسيهما، بعد أن توصلا "إلى تفاهمات مهمة حول أزمة مصرف ليبيا المركزي، وخاصة بشأن آلية وآجال تعيين محافظ ومجلس إدارة المصرف"، وفق بيان البعثة الأسبوع الماضي.
وبينما كان مقررا استئناف ممثلي المجلسين، الاثنين الماضي، المشاورات بنهاية مهلة الأيام الخمس، إلا أن الموعد تأجل إلى الأربعاء، وفقا لتصريحات إعلامية لممثل مجلس النواب في المشاورات نفسها الهادي الصغير.
واستؤنفت المشاورات بين ممثلي المجلسين الاثنين الماضي قبل أن ينسحب ممثل المجلس الأعلى للدولة، على خلفية مقترح دفع به عدد من سفراء الدول الأجنبية لدى ليبيا، ويقضي بتشكيل مجلس دائم للمصرف مكون من ثلاث شخصيات بمحافظ ونائبين، بسبب مخاوف دول تلك السفارات من ألا تلبي الإدارة المؤقتة التوافق المنشود بين المجلسين، ما يعرقل قدرتهما على التواصل إلى توافق حول محافظ وإدارة دائمة للمصرف.
وعلى الرغم من إعلان الهيئتين التشريعيتين الأسبوع الماضي أنهما اتفقتا على تعيين محافظ للبنك المركزي بشكل مشترك في غضون 30 يوما، فإن الوضع لا يزال غير مستقر ويكتنفه الغموض.
وتمكنت لجنة التسليم والاستلام المكلفة من الرئاسي، الإثنين، من دخول مقر المصرف، الأمر الذي دعا الحكومة المكلفة من قبل مجلس النواب لإعلان "حالة القوة" القاهرة على قطاع النفط ووقف الإنتاج والتصدير.
وقال المنفي "نحن نتفهم قلق بعثة الأمم المتحدة بسبب التباس التوصيف لقراراتنا وتداخل الاختصاصات.. لكن قرار تشكيل مجلس إدارة جديدة للبنك المركزي جاء بسبب تخلي المؤسسات المعنية عن مسؤولياتها".
وأظهرت بيانات شركة كبلر للتحليلات اليوم أن صادرات النفط الليبية انخفضت بنحو 81 بالمئة الأسبوع الماضي. وأدى النقص الحاد في الوقود إلى اصطفاف طوابير طويلة من المركبات أمام محطات البنزين.
وباتت أزمة مصرف ليبيا المركزي تنعكس سلبا على الأوضاع الحياتية اليومية للشعب الليبي بعد تحذيرات من الجانب الأميركي حيث كشفت وزارة الصحة بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها الإثنين الماضي عن توقف إجراءات توريد مشغلات غسيل الكلى بسبب تأخر فتح الاعتمادات عن طريق مصرف ليبيا المركزي.
وإلى جانب أزمة البنك المركزي تعيش ليبيا أزمة أخرى منذ 3 سنوات متمثلة في صراع بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس، التي تدير منها كامل غرب البلاد، وحكومة أسامة حماد، التي كلفها مجلس النواب ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدن بالجنوب.