ماذا لو زار عباس قطاع غزة.. هل تقبل إسرائيل

قطاع غزة جزء لا يتجزأ من مسؤوليات دولة فلسطين على كامل أراضيها ولن تسمح السلطة الفلسطينية باختطافه مجدداً من قبل فصيل سياسي أقحم الشعب في معركة خاسرة مع الاحتلال.
الخميس 2024/09/12
لا وجود لبديل فلسطيني آخر

فاجأتنا صحيفة “كان” العبرية بخبر يفيد بأن مصر وافقت لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على الدخول إلى قطاع غزة عن طريق معبر رفح. هذا يعني أن هناك زيارة مرتقبة لـ”أبومازن” إلى القطاع، لكن سيتم حسمها بعد الخطاب الذي من المتوقع أن يلقيه أمام الأمم المتحدة يوم 26 سبتمبر الحالي. هذا يفيد بأن المصريين لم يرفضوا فكرة أن يصل عباس إلى القاهرة ويدخل إلى غزة عن طريق معبر رفح، لكنهم اشترطوا أن تبدي إسرائيل موافقتها، وهو الأمر الذي لم ينجح حتى الآن.

وتأتي الرغبة المصرية في تعزيز حضور أبومازن في غزة ورؤية السلطة الفلسطينية لليوم التالي للحرب، بما في ذلك في الجانب الفلسطيني من معبر رفح. وبذلك يمكن التقدير أن المصريين أصروا على الموافقة الإسرائيلية لزيارة عباس من خلال رفح، من أجل تشجيع إسرائيل على قبول شرعية حكم السلطة الفلسطينية لغزة في اليوم التالي للحرب.

وفي حالة إتمام الزيارة، ستكون إشارة إيجابية تعني أن عودة القطاع إلى أحضان السلطة باتت أقرب السيناريوهات المتوقع حدوثها بعد أن تضع الحرب أوزارها. لكن هل ستوافق إسرائيل على زيارة عباس؟ وما دلالة وأهمية هذه الزيارة؟ وما هو موقف حماس منها؟

من الواضح أن السلطة تنظر إلى قطاع غزة بعين خطة تنموية وهي إحلال السلام وإعادة الإعمار الشامل للقطاع وإعادة الأهالي إلى بيوتهم، ووقف العدوان المتواصل، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة والأراضي الفلسطينية كافة، والتأكيد على أن السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية هي صاحبة الولاية على أرض دولة فلسطين كاملة بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، باعتبارها وحدة سياسية جغرافية واحدة. فهي تقوم بالعمل خارجياً والتحرك عبر المنابر الأممية والغربية للحصول على دعم سياسي ومالي يخص مستقبل غزة.

◄ إذا تمت الزيارة فإنها سترسم مستقبلاً جديداً لقطاع غزة والقضية الفلسطينية برمتها، كما ستعمل على إحلال الهدوء في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط

وهذا ما سبب تخوفاً لحركة حماس خاصة بعد خطاب الرئيس عباس، واعتبار تصريحاته بولاية منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية على قطاع غزة تهديدًا لوجودها في سدة السلطة في القطاع.

عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة محسومة ولا وجود لبديل فلسطيني آخر. فحماس حرقت أوراقها في 7 أكتوبر وغامرت بوضع القطاع في يد الاحتلال وأصبحت تفاوض على معبر فيلادلفيا، وهذا يعني أنها ضيعت على أهل غزة أكثر من عشر سنوات بلا نتيجة.

وعلى الصعيد الإسرائيلي، موقف دولة الاحتلال هو بمثابة دليل على القبول بشرعية حكم السلطة الفلسطينية لغزة في اليوم التالي للحرب.

وكانت السلطة الفلسطينية قد طلبت رسمياً من إسرائيل السماح لعباس بزيارة قطاع غزة من خلال حاجز بيت حانون (إيريز) أو معبر كرم أبوسالم. هذا يوصف بأنه مدخل لإمكانية عودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع. فكانت القيادة الفلسطينية قد نفذت حراكاً سياسياً من أجل التمهيد لزيارة عباس والقيادة إلى قطاع غزة، والتي أعلن عنها عباس مؤخراً خلال كلمة له أمام البرلمان التركي، ويبدو أنها ستتحقق قريباً ليعود الأمن والاستقرار إلى قطاع غزة مجدداً.

السلطة الفلسطينية عازمة على ملء فراغ ما بعد الحرب وتصحيح مسار انقلاب 2007، الذي قادته حركة حماس، باعتبار أن السلطة هي الممثل الشرعي للفلسطينيين في المنابر الدولية وبإمكانها الحصول على الدعم المالي اللازم لإعادة الإعمار. كما تتواصل مع الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وغيرها من الدول والقوى المهمة في العالم. ولديها إمكانية التفاوض وخطف المكتسبات من إسرائيل لصالح الشعب الفلسطيني، وبالتالي العودة للإشراف من جديد على القطاع، ثم العمل على تسكين إنساني لأهالي غزة وإنهاء مأساة الملايين أو على الأقل إجراء تسويات سياسية مع إسرائيل وحل أزمات القطاع بشكل تدريجي.

ما سبق يؤكد أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من مسؤوليات دولة فلسطين على كامل أراضيها، ولن تسمح السلطة مجدداً باختطافه من قبل فصيل سياسي أقحم الشعب في معركة خاسرة مع الاحتلال، وتسبب في موت الأطفال والنساء والشيوخ وتشريد مئات الآلاف.

وإذا تمت هذه الزيارة فإنها سترسم مستقبلاً جديداً لقطاع غزة والقضية الفلسطينية برمتها، كما ستعمل على إحلال الهدوء في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط، وإبعاد الدخلاء عن التحكم في مصير الشعب الفلسطيني الحبيب.

9