علم تركيا فوق إدارة تونسية يثير غضبا في مواقع التواصل ومطالب بالمحاسبة

القضاء التونسي يوقف أربعة أشخاص بسبب الحادثة.
الخميس 2024/09/12
رمزية كبيرة

تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي التونسية موجة غضب واسعة بسبب رفع العلم الوطني فوق أحد الأبنية الحكومية بالخطأ لبرهة من الوقت، ورغم اعتذار الشركة العمومية وإعلانها التحقيق في الحادثة استمر تعالي الأصوات المطالبة بمحاسبة المسؤولين.

تونس - اعتذرت الإدارة العامة للشركة الوطنية للسكك الحديد التونسية الثلاثاء عما اعتبرته “الخطأ المتعلق بالراية الوطنية”، بعد تداول مقطع فيديو الثلاثاء ظهر فيه العلم التركي وهو يرفرف فوق مبنى “مصالح الإدارة المركزيّة للملك الحديدي” بتونس، في حادثة أثارت استياءً واسعاً ودعوات لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدّ المسؤولين عن هذا الخطأ، وأصدر القضاء التونسي أمرا بتوقيف أربعة أشخاص.

ويتشابه العلمان كثيرا؛ فكلاهما باللون الأحمر وفي المنتصف هلال ونجمة، وما يفرقهما هو أنه في علم تونس الهلال موجود ضمن دائرة بيضاء، أما علم تركيا فلا توجد هذه الدائرة.

والأربعاء نقلت وسائل إعلام محلية عن المتحدث الرسمي باسم المحكمة الابتدائية في تونس أن المحكمة أذنت إثر الواقعة “بفتح بحث عدلي تعهدت به الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية”. وإثر التحقيقات الأولية قررت النيابة “الاحتفاظ بأربعة أشخاص”.

وأثار الخطأ استهجان نشطاء منصات التواصل الاجتماعي، الذين عبروا عن غضبهم إزاء “هذا التصرف غير المقبول برفع راية غير الراية الوطنية على واجهة إدارة عمومية”.

وأبدوا استياءهم من هذا الخلط بين العلمين المتشابهين، ووصفوه بـ”غير المقبول” من قبل مسؤولين في الدولة. وقال الصحافي سفيان بن فرحات في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك:

Soufiane Ben Farhat

مسألة رفع علم تركيا فوق إدارة تونسية ليست نتيجة خطأ عرضي، بل هي مرتبطة عضويا بعمل إجرامي وقصدي مع سابقية الإضمار، لا شك في ذلك. إنهم عازمون على اقتراف كل الجرائم لترذيل وطننا العزيز. كالعادة، جمعوا كيدهم ثم أتوا. إن مشكلتهم ليست مع السلطة أو ضد السلطة فحسب، المسألة أعمق بكثير، إنهم ضد الوطن برمته، تونس برموزها المؤسسة وعناوين سيادتها وتفردها في مسرح الأمم والأوطان وتألقها الدائم رغم المطبات والهنات والعوائق الظرفية. لكن الشعب والوطنيين الصادقين والأحرار متفطنون لهم ولألاعيبهم ولدواليبهم ولخزعبلات مكرهم. لن يمروا.

وكتب ناشط:

Lassaad Grami

علم تركيا يرفرف فوق إدارة تونسية. هذي قلتلهم (هذه قالت لهم) اسكتوا.

أين المسؤول الأول عن الشركة التونسية للسكة الحديد بتونس؟ لازم (يجب) فتح تحقيق ولا رجوع إلى الوراء.

وعلق ناشط:

Kochbati Walid

عملية علم تركيا فوق سطح إدارة تونسية: أنا الحق مانيش مغروم بنظرية المؤامرة لكن نتصور أنو (أنا في الحقيقة لست مغرما بنظرية المؤامرة لكني أتصور أن) العلم التونسي كقماش حاجة توفرها الدولة فوق كل إدارة، يعني المدير ولا الشاوش ما يمشيش يشري العلم مالأسواق ويحطو (المدير أو الحاجب لا يذهبان إلى السوق لشراء العلم ووضعه) فوق السطح، الدولة تجيبلو (توفر له) العلم كيما تجيبلو (كما توفر له) الأوراق والستيلوات (الأقلام).

السيد إلي حط (الذي وضع) العلم التركي يعرف مليح الي هو يحط في (يعرف جيدا أنه بصدد وضع) العلم التركي، على خاطرنا توانسة مانغلطوش في (لأننا نحن التونسيين نعرف جيدا) العلم ملي عمرنا ست سنوات (منذ بلوغنا سن السادسة).

وإثر الجدل المثار، أصدرت الشركة بيانا توضح فيه أنه خلال إجراءات تجديد الراية الوطنية المرفوعة فوق مختلف الأبنية التابعة لها، “اقتنت مجموعة من الأعلام لكن عند تسلم الطلبية تسرب عن طريق الخطأ علم دولة أجنبية مشابه لعلم تونس ولم يقع التفطن إلى ذلك، إلا بعد رفعه فوق بناية مصالح الإدارة المركزيّة للملك الحديدي بتونس وتم التدخل على الفور واستبدال العلم مباشرة بالراية الوطنية”.

وأشارت إلى أن الإدارة العامة للشركة تولت على الفور، وبإذن من وزير النقل، فتح تحقيق للوقوف على ملابسات هذه الحادثة لتحميل المسؤوليات واتخاذ الإجراءات الإدارية والترتيبية في الغرض.

وجددت اعتذارها وأكدت أن رفع العلم الوطني يمثل رمزاً سامياً للسيادة والوحدة الوطنية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التسامح مع أي تصرف قد يمس بهذه الرمزية.

ورغم الاعتذار فإن موجة الغضب لم تهدأ في البلاد واعتبر الكثيرون أن الأمر يحمل شبهة التعمد الذي يستوجب المساءلة من أعلى هرم الشركة، كما استفاض آخرون في الحديث عن حوادث الفساد في المؤسسات العمومية مع الاستهتار بمصالح البلاد والمواطنين، وقالوا إن هذه الحادثة هي أحد ظواهر الفساد، مطالبين بعدم التسامح مع المسؤولين.

وأكد العديد من الناشطين أنه لا يمكن لتونسي أن يخطئ في التمييز بين علم بلاده وعلم بلد آخر، لذلك فإن الخطأ غير مقبول ومن المستبعد وجود حسن نية في الحادثة لاسيما أن تركيا تعتبر من أكثر الدول الداعمة للإسلاميين ولحركة النهضة التي تتخذ اليوم موقفا معارضا للسلطات وسط حرب إعلامية أطلقتها بسبب تراجعها السياسي والشعبي، وقال ناشط:

Chaker Babai

بربي نحنا ناقصين (بالله عليكم هل نحن من الذين بمعزل عن الـ) مشاكل؟ شمعناها إدارة السكك الحديد ترفع (ماذا يعني أن ترفع إدارة السكك الحديد) فوقها علم دولة أجنبية، لا عاد وزيد (بل أكثر من ذلك هو) علم تركيا… برشا (الكثيرون) عندهم حساسية من تركيا وقلوب تركيا… وزيد نرفعوا العلم متاعها (وزد على ذلك أننا نرفع علمها) يرفرف فوق إدارة تونسية. الحمد لله الشركة اعتذرت عن الخطأ وقالت العلم تسرب ضمن طلبية تسلمتها وما ردوش بالهم (ولم يحذروا) من التسرب، ونحمدوا ربي الناس الكل الي التسرب جا حدو علم موش حاجة أخرى (ونحمد الله على أن ما تسرب علم وليس شيئا آخر) وستر ربي ظهرت موش مقصودة (ومن ألطاف الله أن ذلك لم يكن مقصودا)!

وكتب آخر:

Chaari Mezen

فمة واحد ما يفرقش (هل ثمة من لا يفرق) بين علم تونس وعلم العثمانيين…؟

العلم… شافوه (رأوه)… جبدوه مالكردونة (سحبوه من الكردونة)… خرجوه مالكردونة (أخرجوه منها). وراوه للمسؤولين (أبانوه للمسؤولين) في الإدارة… طلعو بيه للسطح (صعدوا به إلى السطح)….علقوه في الحديدة (علقوه على السارية)… ربطوه… هبطو مالسطح (نزلوا من السطح)… غزرولو ماللوطة (نظروا إليه من أسفل)… لقاوه مريقل (اعتبروه في وضع طبيعي)… رجعو يخدمو على رواحهم (عادوا إلى شغلهم).

هذا الكل صار ومفاقوش لي هو علم دولة أخرى (حصل كل هذا ولم يفطنوا إلى أنه علم دولة أخرى).

وجاء في تعليق:

Fahd Alibi

علم تركيا فوق إدارة تونسية… اشترت الإدارة العلم التركي ولم تتثبت من الأمر… رفعته فوق الإدارة ولم تكتشف حجم الجريمة التي ارتكبتها… عجبا إدارة تونسية تقتني كمية من العلم التونسي “قطوس في شكارة” (قط في كيس) ولا تتثبت من الجودة و الحجم… إلخ… يصعد عامل و يثبته فوق الإدارة والموظفون ورئيسهم يغطون في النوم… فكانت الفضيحة… الراية العثمانية فوق إدارة تابعة للدولة التونسية.

واعتبر آخر:

Moncef Bouchahda

لقد جمعوا بأسهم ثم أتوا… مسألة رفع علم تركيا فوق إدارة تونسية ليست نتيجة خطأ عرضي، بل هي مرتبطة عضويا بعمل إجرامي وقصدي مع سابقية الإضمار.

لن يمروا…

وهذه ليست الحادثة الأولى في تونس، ففي عام 2020 تعرضت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر لانتقادات واسعة بسبب احتفالها وأعضاء حزبها بعيد الجمهورية باستخدام كعكة تحمل العلم التركي عوضاً عن العلم التونسي.

كما تعرضت الممثلة التونسية هند صبري لهجوم من قبل عدد من المغردين على تويتر سابقا بعد أن نشرت علم تركيا بدل علم تونس خلال تغريدة نشرتها إثر فوز المنتخب المصري وتأهله لكأس العالم روسيا عام 2018، واعتذرت لاحقا قائلة إن مكتبها الإعلامي مسؤول عن النشر وأنه لا يمكن لأحد المزايدة على موقفها من بلدها.

وفي واقعة مماثلة في مايو الفائت تم حجب العلم التونسي خلال مسابقة رياضية في السباحة بعدما فرضت الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (وادا) عقوبات على اللجنة الأولمبية التونسية بسبب عدم تطبيقها للوائح القانونية الدولية، ما أثار حفيظة الرئيس قيس سعيّد الذي انتقد القرار بشدة خلال زيارة إلى المسبح أعاد فيها رفع علم بلاده.

وأمر قيس سعيّد في 11 مايو بحلّ مكتب اتحاد السباحة وإقالة مسؤولين من بينهم المدير العام للوكالة الوطنية لمكافحة المنشطات.

ووُضع آنذاك ثلاثة مسؤولين رهن التوقيف الاحتياطي على ذمة تحقيق قضائي.

ووجهت إليهم تهم “التآمر ضد الأمن الداخلي” للدولة، و”تكوين عصابة (منظمة) لاقتراف اعتداءات وإحداث الفوضى”، و”المساس بالعلم التونسي”.

وأطلق سراحهم في الخامس من سبتمبر بعدما صدر في حقهم حكم قضائي بالسجن ثلاثة أشهر مع تأجيل التنفيذ، حسب ما أفاد به المتحدث الرسمي باسم محكمة بن عروس محمد الصادق الجويني وكالة فرانس برس.

5