الانتخابات الأردنية تحدد المشهد السياسي مع استغلال الإسلاميين لحرب غزة

تتجه الأنظار نحو الانتخابات النيابية الأردنية بعد تنفيذ قانوني انتخاب وأحزاب جديدين سيحددان في المستقبل القريب ملامح الحكومات وشكلها، بالإضافة إلى تأثير حرب غزة وتجييش الإسلاميين للناخبين بحجة التعاطف مع الفلسطينيين لكسب الأصوات والعودة إلى المشهد السياسي.
عمان - يتوجه الأردنيون الثلاثاء إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في مجلس النواب الـ20 في تاريخ الدولة الأردنية، من خلال تنفيذ قانوني انتخاب وأحزاب جديدين سيحددان في المستقبل القريب ملامح الحكومات وشكلها، في الوقت الذي يستغل فيه الإسلاميون الغضب الشعبي بسبب الحرب على غزة للفوز بما يكفي من المقاعد في الانتخابات البرلمانية لتغيير المشهد السياسي المستقر في المملكة.
وحث رئيس الوزراء بشر الخصاونة المواطنين على الاقتراع في الانتخابات النيابية 2024، باعتباره حقَّاً وواجباً، مضيفا أن المسار السياسي سيشهد الثلاثاء المحطة العملية الأولى من خلال إجراء الانتخابات النيابية.
وأضاف الخصاونة إن الانتخابات “المدخل للاقتراب والتَّأثير على صنع القرار وعلى التشريع والعمل النِّيابي والبرلماني في إطار حزبي برامجي يستمد منطلقاته وعناصره ومستهدفاته من أحزاب ترتكز على أولويات وخصائص الأردن الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المميزة والمتفردة”.
وأكَّد الخصاونة أنَّ “الاقتراع ليس فقط حقاً وإنما يقع في سياق الواجب لإحداث التَّغيير المطلوب والمنشود” مناشداً فئة الشَّباب بأن يكون إقبالهم على الاقتراع أكبر ممَّا كان في السَّابق.
واعتبر أن الشباب يشكلون أمل المستقبل وأنهم “يشكِّلون الرصيد والاحتياطي الإستراتيجي الحقيقي والثّروة الحقيقيَّة للمملكة”.
وتسمح هذه الانتخابات لكل مقترع أن يدلي بصوتين اثنين (واحد على مستوى الدائرة المحلية الانتخابية وآخر على مستوى الدولة) عبر التصويت لقائمة محلية ومترشحين فيها وعبر التصويت لقائمة حزبية كذلك.
من جهته، يعمل حزب جبهة العمل الإسلامي وهو حزب المعارضة الرئيسي في الأردن، والجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، على تجييش الرأي العام لاستعادة الحضور في المشهد السياسي بعد تراجعه، وقال إن صوته مطلوب في البرلمان للمساعدة في التراجع عن سياسات اقتصادية لا تحظى بشعبية والتصدي لقوانين تحد من الحريات العامة ومعارضة المزيد من التطبيع مع إسرائيل التي أبرم معها الأردن معاهدة سلام في 1994.
ويستثمر الحزب الإسلامي موجة الغضب الشعبي بسبب الحرب على غزة لحشد التأييد بعد تراجعه في المشهد السياسي، في الوقت الذي يسعى فيه الأردن لتجنب تداعيات الحرب على البلاد، ويتجاهل الإسلاميون عموما أن قطاعات المياه والطاقة تعتبر من أكثر القطاعات الاقتصادية والسياسية حساسية في الأردن بالنظر إلى مشكلة ندرة المياه المزمن، وصعوبة تأمين مصادر الطاقة للاستخدام المحلي. حيث يستورد الأردن أكثر من 96 في المئة من حاجته إلى الطاقة، وتفوق فاتورة وارداته السنوية منها 3 مليارات دولار، بحسب بيانات إحصائية رسمية.
ويعاني الأردن من شح مصادر الطاقة وتفاقم مشكلة ندرة المياه التي باتت تقف على رأس التحديات الإستراتيجية التي تواجه البلاد على مستوى الأمن القومي وهي تشكل أزمة سنوية متكررة خاصة في فصل الصيف.
لكن المعارضة السياسية، تنكر وجود هذا التحدي، وتستمر في الضغط لدفع الأردن إلى التخلي عن المعاهدات التي أبرمها مع اسرائيل في مجال المياه والطاقة ويشككون في كل التقارير الدولية والمحلية التي تكشف عن جدّية تحدّي الطاقة وندرة المياه، وتعتبر الوقت ملائما لجني المكاسب السياسية من هذا الخطاب المعادي للسلام.
ووصف مراد العضايلة، الأمين العام للحزب الذي يتشارك الأفكار الأيديولوجية مع حركة حماس، في مقابلة مع رويترز الاثنين ما يحدث حاليا في قطاع غزة بأنه معركة وجودية لا يمكن للحركة الأردنية ولا الإسلامية أن تقف خلالها مكتوفة الأيدي وقال إن صوت الشارع الأردني مسموع ومؤثر.
وفي بلد تغلب عليه المشاعر المعادية لإسرائيل، من المتوقع أن تساعد حرب غزة في تعزيز فرص جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات، إذ قاد الحزب عددا من أكبر المظاهرات المناصرة لحماس في المنطقة.
وخرج المئات إلى شوارع العاصمة الأردنية عمّان للاحتفال الأحد بعد ساعات من إطلاق مسلح أردني النار في هجوم أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين عند معبر الملك حسين الحدودي في الضفة الغربية المحتلة.
وليس من المرجح أن يتمكن الحزب، الذي قدم 38 مرشحا فقط للمنافسة على 138 مقعدا، من الإطاحة بمرشحي العشائر ومرشحين من تيار الوسط ومؤيدين للحكومة الذين يهيمنون على نظام انتخابي يقلل تمثيل المدن التي يحظى فيها الإسلاميون والليبراليون بأفضل فرص للفوز.
لكن الإسلاميين، الذين يثيرون غضب السلطات بمطالبهم بإلغاء معاهدة السلام وقطع العلاقات التجارية مع إسرائيل، يحثون أنصارهم على الخروج والتصويت لإظهار معارضتهم للحرب على غزة.
وضمن 38 حزبا مسجلا في الأردن، ترشح منها 36 حزبا عن الدائرة العامة، وحزبان للدوائر المحلية. وستبدأ عملية الاقتراع في تمام الساعة السابعة صباحا بتوقيت عمّان وستنتهي في السابعة مساء دون أيّ تمديد، بحسب الهيئة المستقلة للانتخاب التي أكّدت أن مجلس المفوضين لا يملك صلاحية التمديد في هذه الانتخابات.
وبحسب مصدر في الهيئة فإن عدم تمديد ساعات الانتخاب يهدف إلى تجنب استخدام المال الأسود (شراء أصوات) الذي يؤثر على الناخبين ويستخدم في الساعات الأخيرة عادة.
وأتاح قانون الانتخاب الجديد فرصا جديدة للنساء والشباب، فعلى مستوى الدوائر المحلية جرى رفع عدد المقاعد المخصصة للمرأة (كوتا) من 15 إلى 18 مقعدا.
كما أتاح الفرصة للمرأة الراغبة بالترشح بتحديد مسار الترشح، إما عن طريق مسار الـ(كوتا) أو عن طريق مسار التنافس.
وفي القوائم الحزبية؛ يشترط لتشكيلها أن تضم امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وأخرى ضمن المترشحين الثلاثة الآخرين. وحول فئة الشباب في القوائم الحزبية؛ يجب أن تضم شابا أو شابة يقل عمره أو عمرها عن 35 عاما ضمن أول خمسة مترشحين.
يذكر أن ترتيب المترشحين والمترشحات في القائمة الحزبية مهم جدا لأنه يلعب دورا في تحديد الفائزين والفائزات بالمقاعد التي ستحصل عليها القائمة الحزبية.
حزب جبهة العمل الإسلامي الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين يعمل على تجييش الرأي العام لاستعادة الحضور في المشهد السياسي بعد تراجعه
وقالت وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الأردنية عن ضعف الأحزاب السياسية في الأردن، إن “المواطن لا زال يعاني من ثقافة التخويف والعزوف عن الأحزاب والانتساب إليها، كذلك لعدم معرفة المواطن بحقوقه السياسية”.
وأضافت أن “معظم الأحزاب تتبع بتكوينها الداخلي الأحزاب الشمولية؛ أي أن الشخص الذي أسس الحزب يبقى رئيسا للحزب متحكما بأجوره مسيطرا عليه لا يحقق الديمقراطية الداخلية ولا يجري تداولا للمواقع القيادية على أسس ديمقراطية خلافاً لمفهوم الحزب السياسي المبني على العمل الجماعي والمنافسة على أساس الكفاءة والتشاركية”.
وأعلنت الهيئة عن إطلاق منصة خاصة لنشر نتائج الانتخابات النيابية المقبلة. وأكدت في بيان أن نشر النتائج بعد إغلاق الصناديق الساعة السابعة من مساء الثلاثاء وبدء مرحلة الفرز؛ ليصار إلى نشر النتائج أولا بأول حال صدورها.
وأشارت إلى أن إطلاق هذه المنصة قبل يوم الاقتراع بصفتها استحقاقا قانونيا يأتي من حرصها على تطبيق نهج الشفافية في نشر النتائج؛ داعين المهتمين إلى متابعته ومعرفة النتائج حال صدورها.
وذكرت مصادر أن كل من يدعّي الأمية أو العجز عن الكتابة في مراكز الاقتراع يواجه عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة أو غرامة بين 200 و500 دينار أو بكلتا العقوبتين، وفق المادة 60 من قانون الانتخاب المعدل.
وكان ادعاء الأمية يندرج في انتخابات سابقة ضمن تفاهمات بين مترشحين وناخبين محتملين لضمان نيل الأصوات المُتعهد بها قبل فتح الصناديق.