مقتل العشرات في غارات إسرائيلية على مركز للبحوث وسط سوريا

مصياف (سوريا) - قُتل 18 شخصا في غارات إسرائيلية استهدفت “مواقع عسكرية” وسط سوريا، وفق ما أفادت به السلطات السورية الاثنين، في ضربات هي من “بين الأشدّ” على سوريا بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وهذا الهجوم هو الأكبر من حيث عدد القتلى، والذي تعلن السلطات السورية أن إسرائيل شنته على أراضيها منذ الضربة التي استهدفت مجمع السفارة الإيرانية في دمشق في أبريل الماضي.
وقال وزير الصحة السوري حسن محمد الغباش خلال جولة لمجموعة صحافيين في مصياف إن “عدد شهداء العدوان الإسرائيلي” على محيط مصياف “بلغ 18 شهيدا” بالإضافة إلى 37 جريحا.
ومنذ بدء النزاع في سوريا عام 2011 شنّت إسرائيل المئات من الضربات الجوية، مستهدفة مواقع لقوات النظام وأهدافا لحليفيه إيران وحزب الله، لكن نادرا ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات.
وخلال جولة نظمتها السلطات السورية، شاهد الصحافيون آثار القصف جلية على الطريق المؤدي إلى مدينة مصياف والذي تضرر بشكل كبير، بالإضافة إلى الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية مثل شبكتيْ الكهرباء والاتصالات.
وتوزعت على جانبي الطريق سيارات محترقة ومتفحمة بشكل كامل تحولت إحداها إلى هيكل معدني، فيما كان الدخان لا يزال يتصاعد بشكل محدود من بعض الأشجار والأعشاب المحترقة.
وأورد المرصد السوري، الذي يوجد مقره في بريطانيا وله شبكة مصادر ومندوبين واسعة في سوريا، حصيلة أعلى بلغت 26 قتيلا، من بينهم “5 مدنيين و4 من الجيش والمخابرات السورية و14 سوريّا يعملون مع الإيرانيين، بالإضافة إلى 3 جثث مجهولة الهوية”.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس إن الغارات “من أكبر الضربات وأشدّها” التي تنفذها إسرائيل في سوريا.
وأضاف أن الغارات استهدفت “مركز البحوث العلمية في مصياف ومواقع مرتبطة به”. وأشار إلى أنه يجري تطوير “صواريخ دقيقة ومسيّرات” في هذا المركز الذي يضمّ خبراء إيرانيين.
ونقلت رويترز عن مصدرين من أجهزة مخابرات في المنطقة قولهما إن مركزا عسكريا رئيسيا للأبحاث الخاصة بإنتاج أسلحة كيمياوية يقع قرب مصياف تعرض للقصف عدة مرات ويُعتقد أن المركز يضم فريقا من الخبراء العسكريين الإيرانيين المشاركين في إنتاج أسلحة.
ونددت الخارجية السورية بهذه الغارات، معتبرةً في بيان أن “تمادي كيان الاحتلال الإسرائيلي في اعتداءاته على الأراضي السورية” دليل على سعيه “المحموم” إلى “مزيد من التصعيد في المنطقة والدفع بها إلى منزلقات خطرة ستكون لها عواقب وخيمة”.
وذكر المرصد أن الغارات أسفرت عن “تدمير مبان ومراكز عسكرية”.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن الهجوم حصل قرابة الساعة 20:23 مساء الأحد (17:23 ت غ) “من اتجاه شمال غرب لبنان”، مؤكّدة أنه استهدف “عددا من المواقع العسكرية في المنطقة الوسطى، وقد تصدت وسائط دفاعنا الجوي لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها”.
ونادرا ما تؤكّد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكنّها تكرّر أنها ستتصدّى لما تصفه بمحاولات إيران ترسيخ وجودها العسكري على حدودها.
وأدانت وزارة الخارجية الإيرانية الاثنين الغارات الإسرائيلية “الإجرامية”. وقال الناطق باسمها ناصر كنعاني “ندين بشدة هذا الهجوم الإجرامي الذي نفّذه النظام الصهيوني على الأراضي السورية. نعتقد أن الوقت حان ليتوقف مؤيدو الكيان (الإسرائيلي) عن دعمه وتسليحه”.
الضربات الإسرائيلية على سوريا تزايدت منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي
ومنذ سنوات النزاع الأولى في سوريا، كانت إيران أحد أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، كما دعمت طهران مجموعات موالية لها، على رأسها حزب الله، في القتال إلى جانب الجيش السوري.
وتمكنت القوات السورية، بفضل الدعم الإيراني والروسي، من استعادة قسم كبير من الأراضي السورية التي كانت خسرتها في بداية الحرب لصالح فصائل معارضة.
وتزايدت الضربات الإسرائيلية على سوريا منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، في أعقاب شنّ الحركة الفلسطينية هجوما غير مسبوق على جنوب الدولة العبرية.
ولئن كان حزب الله قد أعلن عن فتح “جبهة إسناد” لغزة من جنوب لبنان ضد إسرائيل، فإن سوريا تحاول البقاء بمنأى عن التصعيد الإقليمي، لكن حزب الله اللبناني وفصائل أخرى موالية لإيران ينفّذان أحيانا هجمات ضد مواقع إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة انطلاقا من سوريا.
وفي أبريل الماضي استهدف قصف نُسب إلى إسرائيل مبنى ملحقا بالسفارة الإيرانية في دمشق أسفر عن مقتل سبعة عناصر من الحرس الثوري الإيراني. وردّت إيران على هذا القصف بهجوم غير مسبوق على إسرائيل.
وفي أغسطس قتل ثلاثة مقاتلين موالين لإيران في غارات إسرائيلية استهدفت مواقع للجيش السوري وحزب الله اللبناني في وسط سوريا.