خطط عراقية لتسريع معالجة تشوهات النظام الضريبي

بغداد - تسعى الحكومة العراقية إلى تسريع معالجة تشوهات النظام الضريبي، الذي يعد من بين الأسوأ في المنطقة العربية، أملا في جعله ملائما من حيث تحقيق العدالة الجبائية، وفي الوقت نفسه جذب المستثمرين.
وكشف رئيس اللجنة العليا للإصلاح الضريبي عبدالحسين العنبكي عن خطة من ثلاثة محاور في هذا المضمار، مع اتخاذ إجراءات تسهيلية تخص الإدارة الضريبية، وكذلك إعفاء غرامات سابقة لشرائح كثيرة من أجل استعادة ثقة المكلفين بدفع الضريبة.
وفند العنبكي، وهو مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، تفسير بعض وسائل الإعلام التي اعتبرت أن الغاية من الإصلاح الضريبي هي زيادة الإيرادات غير النفطية، مؤكدا أن “هذا التفسير غير سليم من الناحية العلمية”.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن العنبكي قوله إن “الهدف الأساسي من الإصلاح الضريبي إيجاد نظام سهل وشفاف وصديق لبيئة الأعمال وجاذب للمستثمرين”.
وأوضح أن النسبة الضريبية ليست الأساس، وإنما النسبة الضريبية عندما تضرب بالوعاء الضريبي تكون الحصيلة الإيرادات.
وتابع “نسعى في الإصلاح الضريبي لأن يكون الوعاء الضريبي كبيرا لأن الإيرادات سترتفع حتما، حتى في حال كانت الأسعار الضريبية نفسها وبمعدلات أدنى”.
وبحسب العنبكي فإن هذه الإيرادات تعتبر نتيجة عرضية لحالة الإصلاح الضريبي وليس الأساس الذي يتم من أجله الانطلاق في مجال الإصلاح.
ويرى خبراء ومحللون أن بغداد أمام معركة مفصلية للإسراع في تعديل أوتار منظومتها الضريبية، التي باتت أحد الملفات المستعجلة الموضوعة على الطاولة.
ويعد العراق من بين الكثير من الدول العربية التي تواجه تحديات كبيرة في طريق تحسين وتطوير أنظمتها الضريبية حتى تتماشى مع برامج الإصلاح، بفعل الأزمات المتتالية التي أرهقت موازناتها.
وعلى مدار أكثر من أربعة عقود كانت عوائد الضرائب تكاد تكون شبه معدومة، وتفاقمت المشكلة إثر الغزو الأميركي في عام 2023، حيث أدت الصراعات السياسية إلى تهميش دور الضرائب كمورد للدخل إلى جانب إيرادات النفط وغذت ظاهرة التهرب الضريبي.
وفي بلد يحتل المركز الـ21 على مستوى العالم في مؤشر الفساد، الذي تنشره منظمة الشفافية الدولية سنويا، تعبّد البيروقراطية المملة والفساد المزمن طريقا إلى امتصاص موارد الدولة.
الاقتصاد الموازي حرم البلد من مصادر تمويل بمليارات الدولارات كان يمكن تخصيصها للمدارس والمستشفيات والخدمات العامة الأخرى
وفي اقتصاد قائم على النفط، وفي ظل ضعف كبير في قطاعي الزراعة والصناعة وغياب أي إمكانية للحصول على عائدات منهما تشكّل رسوم الجمارك المصدر الأهم للعائدات.
لكن الحكومة ظلت لسنوات لا تتحكم في هذه الموارد التي تتوزّع على أحزاب ومجموعات مسلحة غالبيتها مقربة من إيران تتقاسم السطوة على المنافذ الحدودية وتختلس ما أمكن من الأموال.
وقال العنبكي إن “اللجنة العليا في الإصلاح الضريبي تريد أن تحقق العدالة الضريبية وأن تجعل التحاسب الضريبي سهلاً وشفافاً ولا تريد أن تكون هنالك حالات من الابتزاز والتعطيل والتأخير للإجراءات الضريبية”.
وأشار إلى أنه تم إجراء الكثير من التسهيلات التي هي بالنتيجة تؤدي الى إعادة ثقة المكلفين بدفع الضريبة في الإدارة الضريبية.
وبين أنه “تم إعفاء الكثير من الشرائح وتوسعة حالات السماحات وإعفائهم من الغرامات السابقة ومن الفوائد المتراكمة لغرض استعادة ثقة المكلفين بالإدارة الضريبية”.
وقال “عندما يأتي المكلفون بالتحاسب فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة الإيرادات الضريبية”، مؤكدا أن “الغاية من هذه الإجراءات إيجاد نظام ضريبي جاذب للمستثمرين وليس البحث عن زيادة الإيرادات الضريبية فقط لأن زيادة الإيرادات الضريبية تعد هذا تحصيل حاصل”.
ويتعلق جزء كبير من مشاكل الإصلاحات المصرفية والمالية بتهرب وتحايل بعض التجار ورجال الأعمال على النظام الضريبي وأن رجال أعمال يذهبون إلى السوق غير القانونية للعملة الأجنبية، ويتركون السعر الرسمي والمنصة الإلكترونية لتجنب الضريبة.
وحرم الاقتصاد الموازي البلد من مصادر تمويل بمليارات الدولارات كان يمكن تخصيصها للمدارس والمستشفيات والخدمات العامة الأخرى التي تعاني من التدهور والإهمال.
ويقول الكثير من المسؤولين الحكوميين إن الدولة يجب أن تحصل على نحو 7 مليارات دولار من الجمارك سنويا، لكن في الواقع تصل عشرة إلى 12 في المئة فقط من موارد الجمارك إلى وزارة المالية.