دراويش اللبناني رؤوف الرفاعي يحطون رحالهم في إسطنبول

الفنان التشكيلي اللبناني يستمدّ إلهامه من البيئة التي تحيط به، وخاصة القضايا التي تهمّ مجتمعه.
الاثنين 2024/09/09
دراويش يعبرون عن أفكار الفنان وهويته

إسطنبول (تركيا)- افتتح الفنان التشكيلي اللبناني رؤوف الرفاعي معرضا للوحاته الفنية في صالة “كلمات للفنون” بمدينة إسطنبول، غرب تركيا، وفيها يبتدع لوحات على القماش تنطوي على مزيج واضح من التشكيل والتجريد.

وقال الرفاعي خلال الافتتاح إن أعماله “بمثابة مرآة تعكس واقع الحضارة والتطور في الشرق الأوسط”، مشيرا إلى أنه متحمس لمعرضه في إسطنبول.

بوكس

وأضاف “افتتحت معارض في سنغافورة ودبي وتونس ومصر. لكن لم يسبق لي أن أقمت معرضا في إسطنبول من قبل”.

وأردف “إسطنبول مركز جغرافي ولها تاريخها الخاص. افتتاح المعرض فيها مهم جدًا بالنسبة لي في ما يتعلق بالعلاقات التي تربطنا تاريخيا وثقافيا”.

ويمكن زيارة المعرض الذي يضم مزيجا من الأعمال التجريدية للفنان حتى الثامن والعشرين من سبتمبر الجاري. وفيه يصور الفنان اللبناني شخصية الدرويش بهيئات مختلفة منها الدرويش المضحك والدرويش الحزين والدرويش السعيد والدرويش الذي يغلق عينيه محاولا أن يخفي حقيقة ما يرى. وبورتريهات الدروايش جميعها تحتفظ برموز ثابتة كالطربوش والشاربين وملابس الفلاحين التي تعكس جزءا من هوية الفنان المتحدر من بعلبك.

ويعرّف الفنان مجموعته الفنية هذه بالقول “تحثّنا مجموعة ‘دراويش’ على التساؤل عمّا إذا كانت تمثّل الدرويش الصوفي أو الدرويش الفلاح الذي فاته قطار التطوّر. وتتفاعل المجموعتان في ما بينهما فيلعب الدرويش دور المشاهد البريء الذي يجد نفسه على حين غرة رهين الأحداث الدراماتيكية الجارية في سيرك الشرق الأوسط والذي بات يعجّ بالحيوانات والرجال ذوي النزعة الذكورية والمهرّجين على أنواعهم، الحزين والضعيف والجبان”.

الرفاعي ولد في لبنان عام 1954، ودرس في معهد بيروت للفنون الجميلة وحصل على درجة البكالوريوس في الفن الزخرفي عام 1982.

حصل الفنان على درجة الدكتوراه في “العمران” من جامعة السوربون بفرنسا عام 1995، وأعماله مدرجة في المجموعات العامة والخاصة، في متاحف وطنية وبنوك وجامعات، وتمكّن على مرّ السنين من التميّز فبرز كأحد الرسامين المعاصرين الأكثر تأثيرا وإبداعا.

وأسوة بالعديد من الفنانين، يستمدّ الرفاعي إلهامه من البيئة التي تحيط به، وخاصة القضايا التي تهمّ مجتمعه، فيقول “إن فنّي موجّه دائما نحو الإنسانية، فيأتي كردّ طبيعي على الظروف القاسية التي تسود في المجتمع الذي أنتمي إليه وحيث أعايش هذا الواقع المرير بشكل يومي”.

◄ بورتريهات الدروايش جميعها تحتفظ برموز ثابتة كالطربوش والشاربين وملابس الفلاحين التي تعكس جزءا من هوية الفنان المتحدر من بعلبك
بورتريهات الدروايش جميعها تحتفظ برموز ثابتة كالطربوش والشاربين وملابس الفلاحين التي تعكس جزءا من هوية الفنان المتحدر من بعلبك

وتتنقل أعماله الفنية ما بين الواقع وعالم الخيال يسيّرها الوجدان والأحاسيس، حيث يقول عنها “أحب أن أعمل بسرعة واندفاع. فعملي مشحون بالمشاعر ويخضع لتأثير اللحظة الراهنة. وبما أن الزيت يتطلّب وقتا طويلا لكي يجفّ، مما قد يخفف من حدّة مشاعري، فأنا أستخدم الأكريليك”.

تطور عمل الفنان التشكيلي عبر السنين من مواضيع تتعلق بالبيئة وتلوثها، إلى وحدة الإنسان وعزلته في عالم مُتغير يقضي على خصوصيته، ثم حطّ الرحال على موضوع أو ثيمة الدراويش التي هي الجمع الجامع لكل ما هجس به من أفكار وآراء حول الاهتراء العام الذي يصيب العالم بأسره والعالم العربي بشكل خاص.

تطور أسلوبه وتبدلت الألوان المُستخدمة كما تغير نمط حركة ريشته، فطغى الرسم حينا على حساب التشكيل اللوني، ليأسر فيصور “بهلوانيات” درويشه وسرعة تقلباته في فضاء اللوحة، وأحيانا أخرى يعود اللون ليسترجع أولويته في الخطاب الفني.

وقدمت غاليري “كلمات للفنون” لمعرض الفنان اللبناني بالقول “لم يكن الارتباط بالفن حالة متجسدة بالتجانس مع الذات، كما هو الحال في الزمن الآني. فهذا الغنى المتغير والمتنامي للذائقة الإنسانية يعكس ما تقتضيه حساسية الفن من مسؤولية لم تكن ملحة كما هي عليه الآن”.

وأوضحت أن منذ انطلاقها “تحترف دار وغاليري كلمات خطا ثقافيا يؤسس لثقافة حقيقية ترمي إلى ترتيب قراءة متأنية للمشهد التشكيلي العربي عطفا على أجندة طويلة من النشاطات الفنية المعاصرة إلى ما وراء الحدود الجغرافية والعالمية لتؤسس من خلال إقامتها للأنشطة والتي سيتم  طرحها عما قريب ضمن أجندتها للموسم القادم وبمهنية نحو ثورة فنية تتجلى في طرق العرض والاختيارات الصحيحة للنهوض بالفن من حالته المتردية والمتشابهة إلى معاناة الإنساني السامي”.

وجاء في تقديم الغاليري المصاحب للوحات الفنان الرفاعي “الفن في حالة دائمة من التكون والتجدد بلا نهاية، في مختلف أشكاله وتجلياته. دروايش رؤوف الرفاعي سفراء إلى العالم  تحط في دار وغاليري كلمات إسطنبول”.

لوحة

 

لوحة

15