هيئة تحرير الشام تشعل جبهة إدلب لمنع أي تطبيع بين سوريا وتركيا

دمشق- أنهت هيئة تحرير الشام وقفا لإطلاق النار بينها وبين النظام السوري سرى منذ عام 2020، وبدأت بشن هجمات على مختلف خطوط المواجهة في منطقة إدلب ومحيطها، ونفذت هجوما انتحاريا الأربعاء أوقع عددا كبيرا من الضحايا بين قوات النظام.
وقال مراقبون إقليميون إن الهيئة تبدو عازمة على إجهاض مساع تقودها روسيا لتطبيع العلاقة بين سوريا وتركيا من خلال إعادة الاقتتال إلى منطقة إدلب التي يعيش فيها أكثر من خمسة ملايين سوري بين ساكن أصلي ونازح، لكنها المنطقة التي يسعى الأتراك لتحويلها إلى منطقة إعادة للاجئين السوريين المقيمين على أراضيها.
ولئن بدا التصعيد موجها إلى قوات النظام السوري، فإن أبرز متضرر منه هو مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ينوي إعادة توطين اللاجئين في بلدهم؛ إذ سيجد من الصعب سياسيا أن يبعد لاجئين إلى منطقة قتال بعد سنوات من الحديث عن أهمية دور تركيا في حماية المدنيين السوريين من آلة حرب نظام الأسد.
وقُتل 12 عنصرا من قوات النظام السوري جراء هجوم انتحاري نفّذته هيئة تحرير الشام في شمال غرب البلاد، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، في حصيلة قتلى هي الأعلى في المنطقة منذ العام الماضي.
وقال المرصد “قُتل 12 عنصرا من قوات النظام بينهم ضابط، نتيجة عملية انغماسية نفذتها قوات خاصة من هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على مواقع تابعة لقوات النظام في ريف اللاذقية الشمالي” المجاور لمحافظة إدلب.
وتعد حصيلة القتلى الأعلى في صفوف قوات النظام في المنطقة منذ عام تقريبا، بحسب المرصد.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن لوكالة فرانس برس إن الهجوم يأتي في إطار “تصعيد بدأته هيئة تحرير الشام منذ مطلع الأسبوع، وتخلّلته هجمات على مواقع لقوات النظام على جبهات عدة”، من دون أن تتضح خلفياته.
وتسيطر هيئة تحرير الشام، مع فصائل معارضة أقل نفوذا، على نحو نصف مساحة إدلب ومحيطها، وعلى مناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة المجاورة. وتؤوي المنطقة أكثر من خمسة ملايين نسمة، معظمهم نازحون، بحسب الأمم المتحدة.
◄ لئن استهدف التصعيد قوات النظام السوري، فإن أبرز متضرر منه هو مشروع أردوغان الذي ينوي إعادة توطين اللاجئين
ويسري في إدلب ومحيطها منذ السادس من مارس 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته كل من موسكو، الداعمة لدمشق، وأنقرة، الداعمة للفصائل، وقد أعقب هجوما واسعا شنّته قوات النظام على الفصائل، بدعم روسي، وقد دام ثلاثة أشهر.
وتشهد المنطقة بين الحين والآخر قصفاً متبادلاً تشنّه عدة أطراف، كما تتعرض لغارات من جانب دمشق وموسكو. لكنّ وقف إطلاق النار لا يزال صامدا إلى حدّ كبير.
وتشعر هيئة تحرير الشام بأن التطبيع بين دمشق وأنقرة سيكون على حسابها، وأنه لا يمكن إدماجها بأي شكل في مرحلة التسوية، وأن أردوغان تخلى عنها، وتركها لمصيرها في مواجهة قوات الأسد، في حين أن بقية الفصائل يمكن أن تكون جزءا من التسوية.
وتشترط دمشق منذ عام 2022 أن تسحب تركيا قواتها، التي سيطرت بفضل عملياتها العسكرية على شريط حدودي واسع في شمال البلاد وتحظى بنفوذ في شمال غربها، كمقدمة للقاء الرئيسين بشار الأسد وأردوغان.
وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعا داميا تسبّب في قتل أكثر من نصف مليون شخص وألحق دمارا هائلا بالبنى التحتية وأدى إلى تشريد ونزوح وهجرة الملايين من السكان.