تركيا تغري مصنّعي السيارات الصينية بالمعادن النادرة

مساع للاستعانة ببكين من خلال شراكة تتيح لأنقرة الاستفادة من احتياطياتها الأرضية غير المستغلة.
الخميس 2024/09/05
المكونات الأولية أساس التفوق

حولت تركيا أنظارها إلى المعادن النادرة التي ستكون محور شراكة مع الصين في الفترة المقبلة، في محاولة لإغراء شركات تصنيع السيارات الكهربائية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم بضخ استثماراتها في سوقها ولتكون فيما بعد ممرا نحو الأسواق الأوروبية.

أنقرة - تسعى الحكومة التركية إلى التعاون مع نظيرتها الصينية بغية الاستفادة من احتياطياتها من المعادن الأرضية النادرة، في شراكة محتملة يمكن أن تجعل البلاد أكثر جاذبية لمصنعي السيارات الكهربائية والبطاريات الصينيين.

ولتسريع الشراكة الجديدة في مجال الأتربة النادرة، سيتوجه وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار على رأس وفد إلى بكين الشهر المقبل لإجراء محادثات متقدمة حول ذلك، بحسب ما ذكرته مصادر لوكالة بلومبيرغ الأربعاء.

ويرى محللون أن هذا التحرك يأتي بعد طلب تركيا الرسمي الانضمام إلى مجموعة بريكس، التي تضم دول الأسواق الناشئة، بما في ذلك الصين وروسيا والهند.

وأكدت المصادر المطلعة أن أنقرة تأمل أن يشجع حدوث تطور في هذا المجال الشركات الصينية، بما في ذلك بي.واي.دي، على النظر في إنتاج البطاريات بعد اتفاقية حديثة لصناعة المركبات الكهربائية في البلاد.

وأشارت المصادر، لم تذكر بلومبيرغ هوياتها، إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان التقى نظيره الصيني شي جينبينغ في كازاخستان مطلع يوليو الماضي، وناقشا التعاون في تطوير المعادن.

ويراهن المسؤولون على الموقع الجغرافي لتركيا الرابط بين الشرق والغرب، وأيضا الاتفاق الجمركي مع الاتحاد الأوروبي لجذب استثمارات صينية، كما فعلت مؤخرا مع شركة بي.واي.دي، التي باتت في صدارة منتجي المركبات الصديقة للبيئة على مستوى العالم.

ووقعت أنقرة اتفاقا في العام 1995 ينص على حرية حركة البضائع مع أسواق الاتحاد الأوروبي لمجموعة واسعة من السلع، ولاسيما السيارات، حيث تستقبل منذ السبعينات العديد من الشركات الأجنبية مثل تويوتا وهيونداي ورينو وفيات وفورد.

فاتح كاجير: نواصل عملنا لجعل بلدنا لاعبا عالميا مهما في القطاع
فاتح كاجير: نواصل عملنا لجعل بلدنا لاعبا عالميا مهما في القطاع

وتعمل الشركات الصينية على تحسين فرص الوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي الذي أبرمت تركيا اتفاقية جمركية معه، خاصة بعد أن بدأت بروكسل في فرض تعريفات جمركية على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين.

وكان الاتحاد قد فرض بشكل مؤقت مؤخرا رسوما إضافية تصل إلى نحو 38 في المئة على السيارات الكهربائية الصينية بسبب الدعم الحكومي غير العادل.

ووقعت بي.واي.دي بالفعل الشهر الماضي اتفاقية لبناء مصنع في تركيا بطاقة إنتاج سنوية تبلغ نحو 150 ألف سيارة باستثمار يبلغ قرابة مليار دولار، فيما سيوفر المشروع حوالي 5 آلاف فرصة عمل.

وأكدت الشركة، التي أزاحت تسلا الأميركية عن عرش هذا المجال الناشئ، بعد الاتفاق أنها تخطط لبدء تشييد مصنعها الأول في تركيا خلال الصيف، مع جدول زمني طموح لإكمال المنشأة في مدة لا تتجاوز السنة.

وتوقع خبراء أن تفتح استثمارات شركة السيارات الكهربائية الصينية العملاقة الباب أمام استثمارات أخرى إضافية، فضلا عن التأثير الإيجابي الواسع على اقتصاد البلاد.

كما أجرى المسؤولون الأتراك آنذاك مفاوضات منفصلة مع شركة شيري وشركة سياك موتور، وشركة غريت وول موتور.

وفي الشهر الماضي أبرمت غانفينغ لي إنيرجي الصينية اتفاقية مع ييجيت آكو التركية لإقامة مشروع مشترك في تركيا بقيمة نصف مليار دولار لإنتاج بطاريات ليثيوم أيون لتشغيل السيارات الكهربائية.

واكتشفت تركيا قبل عامين ما وصفته بأنه احتياطي كبير من المعادن الأرضية النادرة في بيليكوفا قرب مدينة إسكي شهير في وسط الأناضول. وأكدت وزارة الطاقة استعدادها لبناء مصفاة هناك لمعالجة المواد الخام.

وأفادت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في ذلك الوقت بأن الاكتشاف أسفر عن فرصة جديدة للتعاون بين البلدين، بينما تطمح تركيا إلى تكرير المُركبات المكتشفة في بيليكوفا وتحويلها إلى عناصر فردية بأعلى درجة نقاء ممكنة، وفقا للمصادر.

وكان الخبراء الجيولوجيون قد أشاروا منذ سنوات طويلة إلى أن تركيا لديها كميات من رواسب المعادن النادرة في إسكي شهير، إلا أن التقديرات ذهبت إلى أنها كميات قليلة.

ومع ذلك رفض الجيولوجيون الأتراك التسليم بهذه التقديرات والتغاضي عن الاحتمالات القائمة بأن تكون المنطقة بها كميات أكبر من المعادن النادرة.

ويحتوي منجم إسكي شهير على كميات من 10 معادن أرضية نادرة، من أصل 17 نوعا من هذه المعادن، والتي تستخدم في تصنيع مجموعة كبيرة من المنتجات عالية التقنية، مثل الأجهزة الإلكترونية والبطاريات والتلسكوبات وآلات الأشعة السينية وغيرها.

تقديرات أنقرة لإنتاج 4 معادن نادرة

  • 72 ألف طن من معدن الباريت
  • 70 ألف طن من الفلوريت
  • 10 آلاف طن سنويا من أكاسيد المعادن النادرة
  • 250 طنا من الثوريوم

وتعتقد أنقرة أن إنتاج المعادن النادرة قد يبلغ ما يقارب 72 ألف طن من معدن الباريت و70 ألف طن من الفلوريت ونحو 10 آلاف طن سنويا من أكاسيد المعادن النادرة و250 طنا من الثوريوم.

لكنْ ثمة شق يشكك في أن هذا الإنتاج لن يكون له تأثير كبير في سوق المعادن العالمية، الذي يشهد إنتاجا سنويا يبلغ حوالي 280 ألف طن.

وتمتلك تركيا ثروة باطنية من المعادن تشمل الفوسفات والنحاس والدولوميت والفحم الحجري والحديد والرصاص والذهب باحتياطي يبلغ 600 ألف طن والفضة باحتياطي يبلغ 60 ألف طن، وتعد من بين أكبر منتجي الكروم.

وقبل سنوات ذكرت الهيئة العامة للتنقيب وتقييم المعادن في تركيا أن البلاد تصنف العاشرة من بين دول العالم بمصادرها المعدنية بينما تعتبر الأفقر في استخدامها.

وفي الشهر الماضي قال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي فاتح كاجير "نواصل عملنا لتشغيل منشأة صناعية ستجعل بلدنا لاعبا مهما في سلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة عالميا". وأضاف أن البلاد "تريد أن تكون نشطة عبر سلسلة التوريد من المواد الخام إلى المركبات الكهربائية والبطاريات النهائية".

وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية اقتنصت الصين دورا مهيمنا في قطاع التعدين، وخاصة في تكرير المعادن الأرضية النادرة، وهي مجموعة من 17 معدنا تُستخدم في كل شيء من توربينات الرياح إلى الأجهزة العسكرية والمركبات الكهربائية.

وتظهر التقديرات أنها تسيطر على 95 في المئة من إنتاج وتوريد المعادن النادرة، وسمح هذا الاحتكار للبلد برفع الأسعار وإثارة الاضطرابات بين المستخدمين من خلال ضوابط التصدير.

ويسبب نفوذ الصين قلقا متزايدا في واشنطن وبروكسل، لكن جهود تعزيز الإمدادات البديلة من العناصر الأرضية النادرة والمعادن الحيوية الأخرى واجهت سلسلة من التحديات، بما في ذلك النكسات الفنية والتأخيرات التنظيمية والمعارضة الاجتماعية.

10