ترهيب أمني يضع الناخب الجزائري أمام حتمية الانحياز للأمن والاستقرار

حذرت وسائل إعلام جزائرية من استهداف الاستحقاق الرئاسي المرتقب أواخر الأسبوع الجاري، من قبل قوى معادية تسعى إلى بثّ عدم الاستقرار في البلاد، في خطوة تثير شكوك محللين بأن الهدف من ورائها تحفيز الشارع لإعادة انتخاب مرشح السلطة عبدالمجيد تبون.
الجزائر - تعكس الحالات الأمنية المسجلة خلال الأسابيع الأخيرة في الجزائر، طبيعة المناخ الذي يخيم على العملية السياسية قبيل أيام قليلة من إجراء الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، ويرى مراقبون أنها مفتعلة لدفع بالجزائريين إلى اختيار حتمي لمرشح السلطة عبدالمجيد تبون.
وكشفت صحيفة “لوسوار دالجيري” الناطقة بالفرنسية، عن تفاصيل ما أسمته بـ”مخطط النجم السادس” الذي يرمي إلى تخريب الانتخابات الرئاسية المقررة السبت القادم، وبث عدم الاستقرار في البلاد، وهو ما يستدعي حشد مختلف القوى والمؤسسات من أجل إنجاح الاستحقاق الرئاسي على مختلف الأصعدة. ولفتت الصحيفة، إلى أن عملية “النجم السادس” هي “عملية كبرى أبطالها دولة خليجية ومسؤول عسكري بارز، معروف بولائه للكيان الصهيوني، وتستهدف تعطيل الانتخابات الرئاسية والتشويش عليها، من أجل منع إعادة انتخاب عبدالمجيد تبون لعهدة ثانية”.
وقالت، إن “جهات معروفة بعدائها للجزائر، وبتمويل من دولة خليجية اختارت الأيام القليلة التي تسبق يوم الاقتراع، لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار لضرب العملية الانتخابية، وإدخال البلاد في موجة من العنف”. وأضاف “لقد كثفت الجهات المعنية جهودها لتنفيذ عمل قذر، باستدعاء ضباط سودانيين، معروفين بولائهم للدولة الخليجية المعروفة بعدائها للجزائر، كما جندوا جزائريين يعيشون في فرنسا وإسبانيا".
وتعد هذه المرة الثانية في ظرف أسابيع قليلة، التي يكشف فيها الإعلام الجزائري، عن مخططات تستهدف تخريب الانتخابات الرئاسية، حيث سبق للإعلام المحلي أن بث تسجيلات مصورة لرأس شبكة تابعة لحركة “ماك” الانفصالية، بعدما أوقف في ميناء بجاية، وهو بصدد إدخال كمية من الذخيرة والأسلحة، كانت موجهة لعناصر التنظيم من أجل استعمالها في اثارة عنف مسلح يستهدف تخريب الانتخابات.
وأفاد موسى زايدي، في اعترافاته التي بثها ونقلها الإعلام الجزائري بمختلف أنواعه، بأن “عناصر قيادية في حركة ‘ماك’، كانت تقوم بتمويله من أجل شراء الأسلحة والذخيرة والمعدات، وقد تمت تعبئة الشحنة في سيارته الخاصة عبر ميناء مرسيليا الفرنسي، على أن يتم استلامها من طرف شبكة أخرى ليتم توزيعها على العناصر التابعة للحركة من أجل إثارة العنف المسلح عشية انطلاق الاستحقاق الرئاسي”.
◙ هذه المرة الثانية التي يكشف فيها الإعلام الجزائري عن مخططات تهدف إلى تخريب الانتخابات الرئاسية
وتترجم الحالات الأمنية المسجلة خلال الأسابيع الأخيرة، طبيعة المناخ الذي يخيم على العملية السياسية، مما يجعلها شبيهة بالانتخابات الرئاسية التي جرت منتصف تسعينيات القرن الماضي، لما كانت البلاد في دوامة حرب أهلية بين مؤسسات الدولة والتنظيمات الإسلامية المسلحة.
وتستوحي هذه الوضعية من الانتخابات المذكورة، الدفع بالجزائريين إلى اختيار مرشح السلطة لقدراته وإمكانياته في التحكم بالوضع الأمني ومقاومة الخطط المعادية، فكما اعتبر حينها انتخاب الرئيس السابق اليامين زروال أمام منافسه الإخواني الراحل محفوظ نحناح، انحيازا لصالح الأمن والاستقرار، يجري التلميح حاليا إلى أن الرئيس المرشح عبدالمجيد تبون، هو المرشح المناسب للمرحلة قياسا بما يحاك ضد البلاد.
وعادت صحيفة "لوسوار دالجيري"، إلى الزج بدولة الإمارات العربية المتحدة في المخطط المذكور، وأشارت إلى أنها سبقت أن "مولت حملات إعلامية تستهدف ضرب علاقات الجزائر بدول الساحل الصحراوي".
وشكل تزامن تقرير "لوسوار دالجيري"، مع تقرير مماثل لوكالة الأنباء الرسمية، حالة الحشد والتعبئة التي يقوم بها الإعلام الجزائري لصالح الاستحقاق الرئاسي، مع فارق بسيط هو أن الوكالة الرسمية ركزت على معارضي الاستحقاق، الذين وصفتهم بـ”زارعي اليأس والمنتقمين والمتربصين ومن يدعون إعطاء الدروس وحتى المتنبئين بالمستقبل".
وأضافت “أما هؤلاء الحثالة المحبطون على رصيف التاريخ، فهم كمن ينتظر شيئا عبثيا كانتظار السراب. إن صبرهم قد نفذ وباتت أنفسهم تتآكل وهم يشاهدون بروز الجزائر وعلو شأنها”، في إشارة للقوى السياسية والشعبية التي لا توافق على الاستحقاق الانتخابي برمته، كحل لما تصفه بـ”الأزمة السياسية” التي تعيشها البلاد.
◙ الحالات الأمنية المسجلة في الأسابيع الأخيرة تعكس طبيعة المناخ الذي يخيم على العملية الانتخابية
ودون أن تكشف عن هوية من تقصدهم في تقريرها، قال تقرير الوكالة الرسمية، بأن “هذه الحيوية الديمقراطية وهذه الديناميكية المذهلة للجزائر كافيتين لإثارة غضب تلك القلوب الحاقدة المصممة على عرقلة رقيها. لكن الجزائر ستبقى دائما واقفة في وجه هذا السيل من الكراهية. نعم، إنهم إلى هذه الدرجة غير قادرين على تحمل قيام الجزائر الجديدة المزدهرة والمؤثرة. هل نسوا من أين أتت الجزائر؟ هل يتجاهلون قوة مقاومة وصمود الشعب الجزائري؟ هل يتجاهلون العلاقة القوية بين الجيش وشعبه؟".
وبعد سرد تسلسل الأحداث منذ الاستقلال الوطني إلى الآن، قالت “قاد الجيش والشعب، جنبا إلى جنب وبدون مساعدة من أي دولة أخرى، حربا بلا هوادة ضد الإرهاب لمدة عشر سنوات دون توقف. وكانت الحصيلة ثقيلة للغاية: حوالي 200 ألف ضحية هذا الغدر القاتل وأكثر من 20 مليار دولار من الخسائر الاقتصادية، دون الحديث عن التداعيات على العائلات المصدومة وصورة البلاد التي شوهت عمدا في العالم". وأضافت "فيما يتعلق بالأزمة السياسية الخطيرة التي واجهت الجزائر سنة 2019، فقد كادت أن تودي بها إلى ما لا يحمد عقباه. ولقد أنقذ الحراك الجزائر من كارثة حقيقية كان بإمكانها أن تدمر الدولة. ومرة أخرى، كان الشعب وجيشه مدعوين لكتابة صفحة جديدة من تاريخ البلاد".
وتابعت “تظاهر ملايين الجزائريين لشهور عدة في الشارع للتعبير عن رفضهم لممارسات العصابة دون أن تراق قطرة دم واحدة، ما شكل سابقة في تاريخ البشرية، إذ شهدت فرنسا خلال نفس الفترة احتجاجات عنيفة للغاية لحركة السترات الصفراء، حيث كشفت حصيلة لمنظمة العفو الدولية عن 2500 جريح ضمن المتظاهرين و1800 آخرين في صفوف قوات الأمن. هو درس آخر في السلمية عنوانه الجزائر التي عاودت النهوض بتنظيم انتخابات رئاسية في ديسمبر 2019".