الإمارات ترسخ مكانتها كمركز عالمي للاستثمار الصناعي

تشهد الصناعة في الإمارات تحولات كبيرة من شأنها الارتقاء بالقطاع نحو آفاق أوسع بعد تعزيز البنية الأساسية والنجاح في جذب الاستثمارات الأجنبية وإيجاد فرص متكاملة مع القطاع الخاص بما يلبي تطلع الحكومة إلى تنويع مصادر الدخل.
أبوظبي - رسخت دولة الإمارات مكانتها كمركز دولي موثوق للفرص الاستثمارية الصناعية، ونجحت في استقطاب أكبر الشركات والمواهب في العالم، بفضل مبادراتها وبرامجها التي أسهمت في تحقيق الازدهار بالقطاع.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، أطلقت الحكومة مجموعة من الخطط لتجسيد رؤيتها الصناعية، مثل برنامج التحول الوطني والتحول التكنولوجي واصنع في الإمارات وغيرها. وتركز إستراتيجية الحكومة على دعم شركات التصنيع المحلية لاعتماد التقنيات المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة.
ولدى المسؤولين قناعة بأن التقنيات المتقدمة ستساعد في تعزيز الكفاءة والإنتاجية والسلامة والجودة مع خفض تكاليف الإنتاج وحماية سلاسل التوريد وخلق وظائف نوعية.
وتتمتع الدولة بمجموعة من المزايا والممكنات التنافسية الفريدة، التي تشمل البنية التحتية واللوجستية المتطورة، وشبكات النقل، وحلول التمويل، والتشريعات والقوانين الداعمة لنمو القطاع الصناعي، وتعزيز التحول إلى الصناعات التكنولوجية.
ووفق الإحصائيات الرسمية، شهد القطاع الصناعي الإماراتي نمواً ملحوظاً خلال العام الماضي، ووصلت قيمة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 197 مليار درهم (53.6 مليار دولار) بزيادة قدرها 49 في المئة على أساس سنوي.
كما ارتفعت قيمة الصادرات الصناعية الإماراتية إلى 187 مليار درهم (50.87 مليار دولار)، بزيادة تصل إلى 60 في المئة خلال فترة المقارنة ذاتها.
وثمة سباق محموم بين دول الخليج العربي لاعتماد التكنولوجيا المتطورة في عمليات التصنيع بفعل التحولات العالمية المتسارعة والتي كانت لها أثر كبير في تركيز حكومات المنطقة في رؤيتها على تنويع مصادر دخلها على هذا الجانب.
ويجمع الخبراء على أن الثورة التكنولوجية الجديدة ستحدث تغييرات شاملة في جميع مجالات الحياة وفي مقدمتها أسواق العمل والعلوم والطاقة والمجتمع والسياسة والاقتصاد بشكل يفوق تأثير سابقاتها من الثورات الصناعية.
وكانت الإمارات قد أطلقت في مارس 2021، الإستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، لتحفيز القطاع، الذي بات رافداً أساسياً في منظومة التنويع، بهدف رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 مليار درهم (81.6 مليار دولار) بحلول 2031.
واستطاع القطاع في الدولة تحقيق إنجازات واضحة ليترك بصمة “صنع بفخر في دولة الإمارات” على العديد من الصناعات المحلية وعلى رأسها أجزاء هياكل الطائرات، التي أصبحت الدولة بفضلها مركزا رئيسيا لتصنيع أجزاء الطائرات.
وقال إسماعيل عبدالله، رئيس وحدة المجمعات الإستراتيجية لقطاع الاستثمار بشركة مبادلة، إن "الاستثمار في التصنيع المتقدم وقطاع الطيران يستمد قوته من رؤية القيادة والتطلعات نحو جعل أبوظبي ودولة الإمارات مركزا عالميا مؤثرا وفاعلا في الصناعة".
وأوضح في تصريحات لوكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن ذلك ما تعكسه الإنجازات الاستثنائية لشركة ستراتا للتصنيع المتميزة بتصنيع أجزاء من هياكل الطائرات، وشركة سند المختصة في صيانة وإصلاح وعمرة محركات الطائرات.
ولفت إلى أن مجمعات مبادلة تمكنت من ترك بصمة إماراتية في مجال الطيران، وجسّدت إضافات نوعية ومؤثرة إقليميا وعالميا على مستوى هذه الصناعة، من خلال علامتها التجارية “صُنع بفخر في دولة الإمارات".
وأشار عبدالله العضو المنتدب لستراتا إلى الشراكات المتنامية لمجمعات مبادلة، ثالث صناديق الثروة السيادية المملوكة لحكومة أبوظبي من حيث الأصول، مع شبكة واسعة من كبريات شركات صناعة الطيران في جميع أنحاء العالم.
وبحسب البيانات الصادرة عن ستراتا، فقد بلغ عدد القطع التي صنعتها منذ عام 2010 حتى 2024، أكثر من 90 ألف قطعة من أجزاء هياكل الطائرات.
وهذا يعني أن طائرة واحدة من بين 10 طائرات تحلق بأجزاء تحمل شعار “صنعت بفخر في ستراتا”، فيما قامت الشركة منذ تأسيسها حتى اليوم بتسليم أكثر من ستة آلاف شحنة من أجزاء هياكل الطائرات.
وعلى مدى الأعوام الماضية، شهد القطاع في البلد الخليجي، تحولات كبيرة في عدة مجالات منها صناعة الحديد والصلب الذي يعد حجر الزاوية في تطوير البنى التحتية الاقتصادية، إذ أصبحت الإمارات واحدة من أكبر المنتجين الإقليميين والعالميين.
وأكد سعيد الرميثي الرئيس التنفيذي لمجموعة حديد الإمارات أركان أن الأهداف تتوافق مع إستراتيجية وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، المعروفة بمشروع 300 مليار، الخطة الأكبر والأشمل لتطوير القطاع الصناعي في الدولة.
◙ إستراتيجية الحكومة تركز على دعم شركات التصنيع المحلية لاعتماد التقنيات المتقدمة وحلول الثورة الصناعية الرابعة
وتساهم أركان بحوالي 11 في المئة من الناتج الصناعي لإمارة أبوظبي، وفقا لإحصاءات 2023، حيث أصبحت منتجاتها تصل إلى أكثر من 70 سوقا حول العالم.
وأشار الرميثي إلى تحقيق المجموعة قفزة نوعية في إمكانات التصدير ومضاعفة الانتشار الجغرافي لمنتجاتها التي كانت صادراتها تغطي 38 دولة قبل ثلاثة أعوام، مؤكداً أن المجموعة تواصل نهجها في إبرام المزيد من الشراكات مع المؤسسات العالمية.
ويتطلب تطوير الصناعة عموما فرصا جديدة وإعداد خطط استباقية تتلاءم مع متطلباتها، وتعزيز التعاون والتنسيق بين كافة الجهات الحكومية، وتوحيد الجهود وتوجيهها لوضع تصورات للتحديات وحلول مبتكرة لتعزيز البنية التحتية الرقمية في البلد.
وقال سامر علوية، المدير العام لشركة دايكن الإمارات إن القطاع “نجح في تطوير مشاريع ضخمة وجذب استثمارات كبيرة أدت إلى زيادة مساهمته في الاقتصاد، فيما تتواصل الخطط الطموحة لرفع هذه المساهمة إلى مستويات أكبر في السنوات المقبلة".
وأوضح أن مجموعة من العوامل كرست ريادة الإمارات في جذب الاستثمارات الصناعية مثل الخطط والإستراتيجيات المستقبلية الطموحة، والبنى التحتية المتقدمة، والموقع الجغرافي المتميز للدولة كنقطة اتصال رئيسية بين الشرق والغرب.
كما أن الموانئ عالمية المستوى مثل ميناء جبل علي في دبي، وميناء خليفة في أبوظبي، توفر قدرات لوجستية متطورة تساعد في دعم نمو الصناعات في البلاد.
ويشير علوية إلى أن الإمارات استثمرت بشكل كبير في الابتكار والتكنولوجيا، وهو ما ساعد على توفير بيئة مناسبة لدعم الصناعات المتقدمة والمستدامة.
وقال إن “الاستقرار الاقتصادي الذي تتمتع به، وتميزها في بناء الشراكات الدولية والشراكات بين القطاعين العام والخاص، عزز موقع الإمارات على الخارطة العالمية للأعمال والاستثمارات الصناعية".