شراكة جديدة بين تونس والعراق تستفيد من المشترك الثقافي والتاريخي

تونس - اتفق الرئيس التونسي قيس سعيد خلال لقائه مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على بناء شراكة جديدة محورها تطوير التعاون الثنائي في مختلف المجالات التي تعود بالفائدة المباشرة على المواطنين في البلدين.
وتأتي زيارة السوداني لتقوية التقارب بين البلدين، والذي شهد في الفترة الماضية نقلة نوعية بعد قرار وقف العمل بالتأشيرات وفتح الباب أمام تدفق السياح العراقيين على تونس. وأشاد قيس سعيد بمتانة العلاقة بين تونس والعراق وتاريخيتها ودعا إلى العمل على تطويرها والتطلع إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية.
ورغم كل المحبة بين العراقيين والتونسيين ظل الكثيرون يرددون سؤال: لماذا العلاقات بين البلدين غير متطورة أو لا يتم تسهيل إجراءات السفر بينهما؟ وسيفتح تسهيل الإجراءات وإلغاء التأشيرة للزيارات القصيرة باب السياحة واسعا، سواء الترفيهية في تونس أو التاريخية والدينية في العراق.
وللعراق مكانة خاصة لدى التونسيين مرتبطة بتاريخ من دعمه للعملية التعليمية في تونس التي تفاخر بها كأساس للتنافسية، وكذلك فتح العراق الباب أمام العمالة التونسية ومنح الطلاب التونسيين تسهيلات، وهو ما قوّى روابط الثقة والتضامن بين البلدين. وقال قيس سعيد “إن إلغاء تأشيرة السفر بين البلدين عامل مهم لتقوية العلاقات، وإن الأهداف مع العراق واحدة، وهناك تطابق بين موقف تونس والموقف العراقي إزاء ما يحصل في غزة”.
وشدد على الإرادة الثابتة لتونس في تطوير روابط الأخوة والتعاون والتبادل مع العراق وفق طرق مختلفة عن تلك السابقة وأساليب عمل وشراكة جديدة في إطار تصور كامل قائم على الأهداف المشتركة للبلدين. وأشار إلى حرص تونس على المزيد من تعزيز العلاقات الثنائية مع العراق في عدة مجالات، من بينها خاصة النقل الجوي والسياحة والثقافة والطاقة والزراعة والتبادل التجاري.
◙ إلغاء التأشيرة للزيارات القصيرة تفتح باب السياحة واسعا، سواء الترفيهية في تونس أو التاريخية والدينية في العراق
وأطلع قيس سعيد الضيف العراقي على قصيدة للشاعر العراقي البارز معروف الرصافي مطلعها “أ تونس إن في بغداد قومًا تَرِفّ قلوبهم لكِ بالوِداد”. وعقد الجانبان جولة مباحثات موسعة لبحث الملفات المشتركة في مختلف المجالات، حيث تم التأكيد على أهمية مواصلة العمل والسعي الحثيث نحو الارتقاء بهذه العلاقات، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.
ومنذ صعود الرئيس قيس سعيد إلى السلطة في تونس عام 2019، اتخذ البلدان خطوات لتعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بينهما. وتتوج زيارة السوداني مسارا من التقارب بدأ في الفترة الماضية، حيث ألغت تونس شرط تأشيرة الدخول للمواطنين العراقيين. وبدأت الخطوط العراقية في أغسطس الجاري بتسيير رحلات إلى تونس ونقل سياح عراقيين، بعد انقطاع دام عدة سنوات. وقالت السلطات التونسية إنها ستبدأ هذا العام بتسيير خط جوي إلى بغداد.
ويعتقد المراقبون أن السوق العراقية مهمة بالنسبة إلى تونس، فهناك منسوب كبير من الثقة، وتقارب ثقافي وتاريخي يسهّل التعاملات التجارية، وخاصة زيارة السياح العراقيين إلى تونس وزيارة نظرائهم التونسيين إلى العراق. ويتذكر العراقيون أن تونس تحولت في سنوات الحصار إلى نقطة تجمع ثقافي لهم، وأنهم الآن ينظرون إليها كملتقى سياحي وثقافي وبلد بخلفية تاريخية وحضارية تستحق الاهتمام.
وعقد العراق وتونس في مايو الماضي الدورة السابعة عشرة للجنة المشتركة التي احتضنتها بغداد، وتم على هامشها توقيع 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرامج تنفيذية للتعاون في مجالات متنوعة منها الدفاع المدني والصحة والدواء والصناعات التقليدية والتعاون الفني والتكوين المهني والبيئة والتربية والشباب والرياضة، وتم الاتفاق على ضرورة فتح خط جوي مباشر بما يساعد على تطوير السياحة البينية وحركة تنقّل الأشخاص والبضائع بين البلدين.
وحل رئيس الوزراء العراقي بتونس قادما من القاهرة الأربعاء برفقة فريق حكومي رفيع المستوى، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 20 عاما. وكان في استقباله رئيس الحكومة التونسية كمال المدوري بالجناح الرئاسي في مطار تونس قرطاج الدولي.
وقال بيان صادر عن رئاسة الحكومة التونسية إن “رئيس الحكومة كمال المدّوري استقبل بالجناح الرئاسي بمطار تونس قرطاج الدولي، الأربعاء، رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي يؤدي زيارة رسمية إلى بلادنا”. وأضاف البيان “كان برفقة السوداني وفد رفيع المستوى”، دون ذكر أي تفاصيل.