إقليم كردستان العراق: شكوك في إجراء الانتخابات وأزمة اجتماعية حادة

أربيل (العراق) - بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان العراق يزداد المشهد السياسي والإعلامي سخونة وسط اتهامات متبادلة بين الحزبين الرئيسيين؛ الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، بينما يهدد المدرسون والموظفون في الإقليم بإضرابات وتنظيم تظاهرات احتجاجا على عدم استلام رواتب يوليو في حين أن شهر أغسطس شارف على الانتهاء.
ورغم تحديد العشرين من أكتوبر المقبل موعدا لإجراء الانتخابات إلا أن شكوكا تعتري إجراء الانتخابات في موعدها، في ظل ركود الأوضاع السياسية والمعيشية بإقليم كردستان بالتزامن مع تأخر صرف الرواتب.
وفي المقابل ينفق الحزبان المتصارعان الكثير من الأموال في حملات إعلامية سابقة لأوانها من أجل استقطاب الناخبين ودون الأخذ في الاعتبار أوضاع الناس ومطالب المحتجين.
ويراهن الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان العراق على الانتخابات القادمة لزيادة النفوذ بأفضل طريقة ممكنة داخل مؤسسات الإقليم وإدارة شؤونه، ما يعني أيضا وصولهما إلى أكبر قدر من ثروته ومقدّراته المادية والتحكّم فيها.
ويسيطر على مقاليد الحكم بشكل رئيسي الحزب الديمقراطي الكردستاني لكنّ غريمه الاتحاد الوطني الكردستاني لم يعد يستثني السعي لتغيير تلك المعادلة أو على الأقل تعديلها جزئيا.
وتخوض أطراف سياسية ناشئة حملات انتخابية مبكرة سعيا لكسب تأييد الناخبين وحثهم على المشاركة الفاعلة في عملية الاقتراع فيما تتوقع أغلب التحليلات مقاطعة نسبة عالية من المواطنين لهذه الانتخابات التي ستكون مثل سابقاتها دون أن تنجح في تغيير الخارطة السياسية والحد من نفوذ الحزبين الكبيرين ولا تحسين الحياة العامة للمواطنين البسطاء.
ولا وجود لموانع أمنية تعيق الانتخابات، وإنما الأمر يتعلق بمدى تحمّس الحزبين الرئيسيين لإجراء الانتخابات وبالظروف الاجتماعية في الإقليم. وأكد وزير الداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق ريبر أحمد، الثلاثاء، جاهزية القوات الأمنية لتأمين الانتخابات، وقال "تمت مناقشة الخطة الأمنية الخاصة بالانتخابات والأيام التي تسبقها حتى صدور النتائج".
وأضاف أن "جميع القوات ستشارك في الخطة الأمنية التي ستوضع بالتنسيق مع المفوضية العليا المستقلة، لإنجاح انتخابات الدورة السادسة لبرلمان الإقليم".
ويقول مراقبون إنه قبل نحو شهرين من حلول موعد الانتخابات يتأخر صرف رواتب الموظفين وتحتدم أزمة انعدام المياه وتتوقف المشاريع الخدمية، وتلك بوادر تشي بعدم إجراء الانتخابات المؤجلة أربع مرات، علما أن الأحزاب الحاكمة في الانتخابات السابقة كانت تُحرك عجلة التنمية والتعيينات وتؤمّن البنية التحتية والخدمات ولو بشكل جزئي، إلا أن هذه المرة على عكس الانتخابات السابقة لا يلوح أي مؤشّر على إجراء الانتخابات في موعدها.
ويذهب هؤلاء إلى الاعتقاد في أن تحديد موعد الانتخابات مجرد مناورة سياسية حيكت من قبل الحزبين الرئيسيين اللذين لا يعترفان بالهزيمة، لحفظ ماء الوجه أمام الدول الحليفة والداعمة لإقليم كردستان وعلى رأسها الولايات المتحدة، ولتحقيق التوازن مع الحكومة الفيدرالية.
وهناك العديد من الفرضيات حول تعطيل الانتخابات؛ منها إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، على أن يطعن أحد الحزبينِ الحاكمينِ في نتائجها أمام المحكمة الاتحادية العليا ليفتح أبواب التأجيل وعدم الاعتراف بالنتائج.
ويمكن كذلك إجراء الانتخابات دون تشكيل حكومة جديدة وبقاء الحكومة والإدارة وتوزيع ثروات الإقليم مناصفة باتفاق ثنائي بين الحزبين المتنافسين. وهناك فرضية ثالثة، وهي عدم إجراء الانتخابات في موعدها من خلال لجوء الحزبين إلى افتعال حدث أمني أو سياسي من أجل إعلان حالة غير طبيعية وغير مواتية لإجراء الانتخابات.
◙ قبل نحو شهرين من الانتخابات يتأخر صرف رواتب الموظفين وتحتدم أزمة انعدام المياه وتتوقف المشاريع الخدمية وتلك بوادر تشي بعدم إجراء الانتخابات بموعدها
وبعد معركة قضائية وسياسية حامية الوطيس حول قانون الانتخابات وعدد دوائرها والجهة المخوّلة بالإشراف عليها، تم تحديد العشرين من شهر أكتوبر القادم موعدا جديدا لإجراء الاستحقاق الانتخابي، الذي كان يفترض إجراؤه سنة 2022 مع انتهاء الفترة القانونية للبرلمان لكن الصراعات الحزبية حالت دون ذلك وأدّت إلى تأجيل الاستحقاق أربع مرات متتالية.
وجاء تحديد الموعد بعد تراجع الحزب الديمقراطي، القائد الرئيسي للسلطة المحلية في الإقليم، عن قراره السابق مقاطعة الانتخابات بسبب إدخال القضاء العراقي تعديلات على قانونها وطريقة إجرائها احتجّ عليها الحزب بشدّة لكونها لم تصبّ في مصلحته وبدا أنّها تخدم مصلحة غريمه حزب الاتحاد الوطني الذي كان قد طالب القضاء بإجراء تلك التعديلات.
وكان من أبرز التعديلات التي احتج عليها الحزب الديمقراطي إلغاء المقاعد الأحد عشر المخصصة للأقليات في برلمان الإقليم ضمن نظام الكوتا، وهو ما يقلص عدد المقاعد البرلمانية من 111 مقعدا إلى 100 مقعد.
وتم التراجع جزئيا عن ذلك التعديل بأن قرّرت الهيئة القضائية للانتخابات تخصيص خمسة من مجموع مقاعد برلمان كردستان للأقليات بواقع مقعدين في محافظة أربيل ومثلهما في محافظة السليمانية ومقعد واحد في محافظة دهوك.
كما نصّت التعديلات على أن تتولى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهي هيئة اتّحادية، مهمّة الإشراف على انتخابات برلمان الإقليم بدلا من نظيرتها التابعة للسلطة المحلية، وهو الأمر الذي رأى فيه البعض ضمانة إضافية لمنع التزوير.