انطلاقة قوية لمسلسل "العميل" في جو من الغموض والصراع

سامر سالم أحمد

 استطاعت شبكة قنوات “أم.بي.سي” أن تنجح في الترويج للمسلسلات التركية بنسخها المعربة، وتنال حظوة كبيرة لدى الجمهور العربي الذي بات تواقا لمشاهدة كل جديد تبثه من هذه الأعمال.

ولم يكد مسلسل “لعبة حب” الذي حصد إعجاب الجمهور العربي ينتهي، حتى رأينا المتابعين ينتظرون بفارغ الصبر لمعرفة المسلسل القادم، وقد سارعت شبكة قنوات “أم.بي.سي” إلى الإعلان عن العمل الجديد تحت مسمى “العميل” فيما عمدت إلى تحفيز الجمهور على المشاهدة عبر تصدير العمل الدعائي بصورة الفنان السوري أيمن زيدان بنظرات حادة ومظهر يوحي بالشر وهو ما شكل دافعا قويا للإقبال على متابعة المسلسل ومشاهدة حلقاته الأولى.

مسلسل “العميل” هو النسخة المعربة من المسلسل التركي “في الداخل” ويسمى أيضا “الدخيل” وهو مسلسل مافيا مليء بمشاهد الأكشن (الحركة).

وتم فعلا عرض أولى حلقاته حصريا على منصة شاهد يوم الثامن عشر من أغسطس الجاري وقد نال استحسانا كبيرا من الجمهور العربي ما جعل بقية المشاهدين الذين لم تتح لهم المشاهدة يترقبون موعد عرض الحلقة الأولى الذي كان يوم الأحد الخامس والعشرين من أغسطس على مجموعة قنوات “أم.بي.سي” التلفزيونية.

قام بإعداد السيناريو والحوار للنسخة العربية من المسلسل رامي كوسا، ويحمل توقيع المخرج بارباروس بيلجن، وإشراف عام سارة دبوس.

المسلسل الممتد لتسعين حلقة، يضمّ كوكبة من الممثلين السوريين واللبنانيين أبرزهم: أيمن زيدان، سامر إسماعيل، وسام فارس، فادي صبيح، أيمن رضا، يارا صبري وآخرون. أما أحداثه فهي تدور حول أخوين هما أمير ووسام اللذان يفرقهما القدر منذ الصغر، الأخ الأكبر والذي في الواقع يعمل لصالح الشرطة، ويدخل في عالم ملحم وعصابات المافيا ليكون منهم حتى يكشف جرائمهم وينتقم من أيمن زيدان الذي دمر حياته من قبل وخطف أخاه الصغير.

أما وسام فارس فهو أحد أبناء أيمن زيدان بالتبني والحقيقة (هو نفسه الأخ الأصغر غسان الذي خطفه ملحم وسلمه لأكبر شبكة مافيا أطفال في إسطنبول والتي عاش فيها أسوء أيامه)، قام بتربيته وتعليمه ليدخل الشرطة ويكون يده الخفية عند الشرطة.

يعمل الأخوان معا دون معرفة حقيقتهما، ويتشابك مصيرهما في إطار مثير ومليء بالتشويق، إلى جانب مشاهد أكشن صُوّرت على مستوى عالمي.

وهنا يطرح السؤال الآتي نفسه بقوة: كيف قرأ المشاهدون أبرز شخصيات العمل في الحلقة الأولى؟

أولى هذه الشخصيات أمير الذي يؤدي دوره الفنان السوري سامر إسماعيل يبدو من ملامح وجهه المعاناة ولعل مصدرها الأساسي والذي تكشفه سير الأحداث هو والده ملحم المعروف كرجل مافيا وعصابات، ما شكل عند أمير عقدة نفسية.

يبرز أمير في الحلقة الأولى قويا، صلبا، يدخل السجن بسبب تهجمه على العميد خليل الذي أجبره على ترك وظيفته بسبب تاريخ أبيه ملحم الإجرامي، وهو في نفس الوقت ذا عاطفة قوية يعكسها في علاقته مع والدته.

وهناك شخصية غسان/وسام يؤدي دورها الفنان وسام فارس الذي يظهر في تنافس على من يكون الأفضل في الدفعة، فهم أبناء دفعة واحدة في كلية الشرطة، وعلى خلفية ما يتعرّض له أمير مع العميد خليل، تكون الأفضلية لوسام.

وتوضح أحداث الحلقة الأولى أن “وسام هو شاب لا يعرف هويته الحقيقية،  يستذكر ماضيه البائس كطفل تعرض للخطف يعمل في الشارع ضمن عصابة تدير أطفال الشوارع، إلا أنه يمتلك في داخله رصيدا كبيرا من الحب والحنان يتبدى وهو يعطي الطفلة التي تبيع المناديل (محارم ورقية) عند إشارة المرور مبلغا كبيرا من المال، إذ استعاد طفولته برؤيتها وهو ما يؤكد على المشاكل النفسية والضغوطات التي تتعرض لها شخصيته”.

أما ميادة والدة أمير فتؤديها الفنانة يارا صبري وهي شخصية تمتلك في داخلها حبا كبيرا لولدها أمير وفخرا به من خلال عمله في سلك الأمن الداخلي، كما تمتلك كرها لوالدها المسؤول عن فقدانها ولدها الأصغر، وهي ذات شخصية قوية تبدو مستعدة للمواجهة والتحدي في أي لحظة تشعر بوجود خطر يتهدد ولدها أمير، فنراها تتبرأ من ملحم أمام ولدها، كما تذهب إلى ملحم في مطعمه وتخبره أنه المسؤول عن القبض على ولدها، وتشتمه أمام مرتادي مطعمه ورجاله دون أي خوف.

وهناك أيضا شخصية أيمن رضا، وهو رجل كان يدير أطفال الشوارع، ولم تتعرض الحلقة الأولى لشخصيته إلا من خلال حدثين هما خطف وسام في صغره ومعاملته معاملة سيئة بقت في ذاكرته.

في حين يقوم أيمن زيدان بدور اللحام ملحم وهو رئيس عصابات يختبئ تحت مظلة مطعمه المشهور، وقد استطاعت الشخصيات الأخرى قبل ظهور شخصية ملحم إبرازه بصورة رجل شرير، وقد أظهرت الحلقة الأولى ملحم في مطعمه مع رجاله وهو يرتدي ثياب عمله كلحام وهو يهدد رجلا للتخلي عن شركته لصالحه والذي يضطر تحت التهديد إلى الانصياع لمطالب اللحام الذي نجح بالإفصاح عن شخصيته بقوة.
كذلك رأينا أن هذه الشخصية تمتلك ربما جانبا من الخير من خلال إرساله ابنته التي تعمل محامية لمساعدة أمير للخروج من السجن إلا أن هذه الشخصية تبدو صلبة عنيفة عندما يتعارض الآخرون معها، لذلك نراه يكلف رجال الشرطة في السجن بضرب ابنه أمير كنوع من التأديب لرفضه مساعدته.

وهنا لا بد من الإفصاح بأن رؤية شخصية ملحم رجل المافيا جعل الكثيرين يستعيدون شخصية بيل “الجزار” أو كاتينغ (قام بدوره الممثل دانيال دي لويس) وهو القائد الأعلى للمنطقة المليئة بالجريمة والدعارة والسرقة والقتل في فيلم “عصابات نيويورك “‏ الذي أنتج في 2002 من إخراج  الأميركي مارتن سكورسيزي، وبطولة ليوناردو دي كابريو.

وفي النهاية أكدت الحلقة الأولى من هذا العمل بأحداثها المشوقة على مفاجآت مثيرة تشعل حماس الجمهور وتجعله في حالة من الترقب المستمر لكل حلقة من حلقاته.