الأسد: الانسحاب التركي من سوريا ليس شرطا مسبقا للتفاوض مع أنقرة

دمشق - أكد الرئيس السوري بشار الأسد على أن انسحاب تركيا من الأراضي السورية ليس شرطا مسبقا للمحادثات بين البلدين، على خلاف ما يردده بعض المسؤولين الأتراك، مشددا في الآن ذاته على أن تحقيق المصالحة، يمر وجوبا عبر إنهاء الوجود التركي في سوريا ووقف دعم الإرهاب، والذي يقصد به جماعات المعارضة التي تدعمها أنقرة في شمال البلاد.
وهذا أوضح خطاب للأسد في ما يتعلق بالعلاقة مع تركيا ومتطلبات تحقيق المصالحة معها، ليلقي الرئيس السوري بذلك الكرة في ملعب أنقرة التي لا تبدو حتى الآن جادة في اتخاذ إجراءات عملية لبناء الثقة التي انهارت مع دمشق، حينما قررت تركيا الانخراط في الأزمة السورية منذ بداياتها عبر دعم المعارضة بشقيها العسكري والسياسي وإرسالها لاحقا قوات على الأرض.
وقال الأسد في كلمة أمام مجلس الشعب بمناسبة افتتاح الدور التشريعي الرابع للمجلس، الأحد، إن “الوضع الراهن متأزم عالمياً، وانعكاساته علينا تدفعنا للعمل بشكل أسرع لإصلاح ما يمكن إصلاحه بعيداً عن آلام الجروح من طعنة صديق، وبهذا تعاملنا مع المبادرات بشأن العلاقة مع تركيا والتي تقدم بها أكثر من طرف مثل روسيا وإيران والعراق”.
وأضاف الأسد، في رسالة موجهة إلى تركيا أن تحقيق المصالحة لا يكون بالمجاملة، لافتا “نحن لم نحتل أراضي بلد جار لننسحب، ولم ندعم الإرهاب كي نتوقف عن الدعم، والحل هو المصارحة وتحديد موقع الخلل لا المكابرة.. إذ كيف يمكن معالجة مشكلة لا نرى أسبابها الحقيقية، واستعادة العلاقة تتطلب أولاً إزالة الأسباب التي أدت إلى تدميرها ونحن لن نتنازل عن أي حق من حقوقنا”.
وتابع أن “أي عملية تفاوض بحاجة إلى مرجعية تستند إليها كي تنجح، وعدم الوصول إلى نتائج في اللقاءات السابقة أحد أسبابه هو غياب المرجعية.. وأن سوريا تؤكد باستمرار ضرورة انسحاب تركيا من الأراضي التي تحتلها ووقف دعمها للإرهاب”.
وأشار إلى أن “المرحلة التي تتحدث عنها سوريا الآن هي مرحلة الأسس والمبادئ لأن نجاحها هو ما يؤسس للنجاح لاحقاً في استعادة العلاقات”، مشدداً على أن “تصريحات المسؤولين الأتراك بشأن وضعنا لشرط الانسحاب قبل اللقاء، لا أساس له من الصحة وأن معيارنا هو السيادة”.
وكانت تركيا حليف اقتصادي وسياسي لسوريا قبل اندلاع النزاع في البلد الجار في العام 2011، وجمعت أردوغان علاقة صداقة بالأسد، لكن الأمور بينهما انقلبت رأساً على عقب مع بدء الاحتجاجات ضد الحكومة السورية، حيث قرر أردوغان حينها الاصطفاف إلى جانب مناهضي الأسد، ولم يقف فقط عند الدعم السياسي بل سارع إلى دعم تشكيلات إسلامية مسلحة، حينما تحول الحراك المدني إلى نزاع أهلي مسلح.
وفي السنوات الأخيرة أظهرت تركيا مؤشرات عن رغبة في مراجعة سياساتها تجاه البلد الجار، وأكد الرئيس السوري في خطابه الأحد أن مبادرات تطبيع العلاقات مع تركيا بدأت منذ أكثر من خمس سنوات، وأنه حصلت عدة لقاءات بين مسؤولي البلدين على مستويات مختلفة، لكن لم تحقق نتيجة.
وأوضح الأسد أن المشكلة ليس من دمشق حيث أن “سياساتنا ثابتة لم تتغير قبل الأزمة وبعدها”، لافتا إلى أنه لتحقيق تقدم فيجب صياغة ورقة مبادئ بين الجانبين للقطع مع “المزاجية”، ولتكون أرضية صلبة تساعد الوسطاء.
وكان الرئيس التركي صرح في يوليو الماضي، بأنه قد يدعو نظيره السوي إلى تركيا “في أي وقت”، وأنه ليست هناك أي موانع تحول دون ذلك. لكن وزير الدفاع التركي يشار غولر صرح مؤخرا بأن أنقرة لا يمكن أن تناقش التنسيق بشأن الانسحاب من سوريا إلا بعد الاتفاق على دستور جديد وإجراء انتخابات وتأمين الحدود، في تراجع تركي جديد.