تعديل وزاري حصيلة تقييم أول مئة يوم من عمل الحكومة الكويتية المتحررة من ضغوط البرلمان

الكويت - أعلن الأحد في الكويت عن إجراء تعديل جزئي لتركيبة أول حكومة جرى تشكيلها في مرحلة ما بعد القرارات الأميرية الحاسمة التي شملت حل البرلمان والتعليق الظرفي للعمل بمواد في الدستور، وذلك لمنح الفرصة لتفعيل العمل الحكومي وإحكامه والقيام بجملة من الإصلاحات الضرورية بعيدا عن ضغوط مجلس الأمّة الذي عُرف نوابه على مدى السنوات الماضية بالمبالغة في استخدام سلطاتهم الدستورية في الاعتراض على سياسات الحكومات ومنع تمرير أي قرارات إصلاحية تقترحها.
وجاء التعديل الذي أعلنت وكالة الأنباء الرسمية الكويتية عن شموله تعيين نورة سليمان سالم الفصام وزيرة للمالية ووزيرة دولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، وخليفة عبدالله ضاحي العجيل العسكر وزيرا للتجارة والصناعة، أياما بعد مرور أول مئة يوم على تشكيل حكومة الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح في الثاني عشر من مايو الماضي وهي الفترة التي ألزمت السلطة التنفيذية نفسها بأن تقدّم خلالها كشوفا بالإنجازات التي حققتها الجهات التابعة لها كما قدمت وعودا بتحقيق خطوات ملموسة في تنفيذ المشاريع وتحقيق الإنجازات الفعلية على الأرض.
التعديل الحكومي تضمن تعيين أربعة وزراء جدد ولم يمس قيادة الوزارات السيادية، الدفاع والخارجية والداخلية
ولم يستبعد متابعون للشأن الكويتي أن يكون التعديل انعكاسا لنقد ذاتي حكومي وتعبيرا عن عدم الرضا لحصيلة المئة يوم الأولى.
وما تزال الحكومة الكويتية تواصل البحث عن مداخل مناسبة لعملية الإصلاح الموكولة إليها وخصوصا في مجال الاقتصاد والمالية العامّة والتي تمرّ حتما عبر تخفيف العبء الاجتماعي على الدولة من خلال مراجعة منظومة الدعم بالغة السخاء وفرض عدد من الضرائب.
كما لم تسلم الحكومة من مواجهة بعض الأزمات على رأسها أزمة الكهرباء الصادمة التي واجهت البلد في أوج ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية لتلبية الحاجة الماسة لتكييف الهواء داخل المحال الخاصّة وفي المقرّات الحكومية.
كما واجهت الحكومة حالة من الحرج جرّاء مقتل العشرات من العمّال الأجانب في حريق شبّ في يونيو الماضي بمبنى يقيمون فيه في منطقة المنقف في محافظة الأحمدي جنوبي العاصمة الكويت.
ولم يكن الحادث بحسب مراقبين محض قضاء وقدر، بقدر ما اعتُبر نتيجة تراكمات حقبة طويلة من الفساد والإهمال عاشها البلد، وسلسلة أطول من السياسات الخاطئة في مجال استقدام العمال الأجانب وبشكل مبالغ فيه وفائض عن الحاجة أحيانا حتىّ تحوّلت أعداد منهم إلى عبء على اقتصاد البلد وبناه التحتية.
ويأتي إصلاح الاقتصاد والمالية العمومية على رأس الإصلاحات المطلوبة بقوة في الكويت حتى يتمكّن البلد من مواءمة أوضاعه مع أوضاع باقي بلدان منظومة مجلس التعاون الخليجي التي بادرت إلى إنجاز إصلاحات بدأت تؤتي ثمارها بالفعل.
وجاء في بيان للديوان الأميري نقلته وكالة الأنباء الكويتية الرسمية كونا أنّه صدر مرسوم أميري يقضي بتعديل وزاري يتضمن “تعيين كل من عبدالرحمن المطيري وزيرا للإعلام والثقافة ووزير دولة لشؤون الشباب، ونورة المشعان وزيرة للأشغال العامة وعمر سعود العمر وزير دولة لشؤون الاتصالات ومحمود بوشهري وزيرا للكهرباء والماء والطاقة المتجددة وأمثال الحويلة وزيرة للشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة”.
كما نص المرسوم أيضا على تعيين خليفة العسكر وزيرا للتجارة والصناعة وعبداللطيف المشاري وزير دولة لشؤون البلدية ووزيرا لشؤون الإسكان، ونادر عبدالجلال وزيرا للتعليم العالي ووزيرا للتربية بالوكالة.
وتضمن التعديل الحكومي تعيين أربعة وزراء جدد وخروج اثنين آخرين، ولم يمس بالوزارات السيادية كالدفاع والخارجية والداخلية.
إصلاح الاقتصاد والمالية العمومية يأتي على رأس الإصلاحات المطلوبة بقوة في الكويت حتى يتمكّن البلد من مواءمة أوضاعه مع أوضاع باقي بلدان منظومة مجلس التعاون الخليجي
وشهدت الكويت خلال الفترة القريبة الماضية قطعا للتيار الكهربائي عن مناطق بعينها وفق مواعيد محددة بسبب خلل في إمدادات الغاز، على الرغم من أن المسؤولين أشاروا إلى أنه لن تحدث انقطاعات أخرى بعد الموجة الأولى في يونيو الماضي.
ورغم الاعتراف بدور حرارة الطقس في الارتفاع السريع في معدلات استهلاك الطاقة الكهربائية، إلاّ أن متابعين للشأن الكويتي يعتبرون أنّ وصول الأمر حدّ الحديث عن أزمة كهرباء أمر غير منطقي بالنسبة للكويت التي تمتلك مقدرات ضخمة في مجال الطاقة، كما تمتلك قدرات مالية كبيرة تلخّصها قيمة أصول صندوقها السيادي المعروف بصندوق الأجيال والبالغة وفقا لأحدث التقديرات أكثر من 900 مليار دولار.
وأعادت أزمة الكهرباء غير المنطقية في الحالة الكويتية إلى الأذهان أزمات أخرى كان البلد الغني وقليل السكان قد شهدها من قبل وترجع بالأساس إلى سوء التسيير وعدم القدرة على التحكم في الموارد وحسن توظيفها، وفي أسوأ الحالات إلى هدر المال العام وانتشار الفساد داخل أجهزة الدولة، وهي عوامل مرتبطة جميعها بالوضع السياسي الذي كان قائما في البلاد على مدى السنوات الماضية والذي برز توجّه قوي نحو تغييره بشكل جذري بقيادة الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
ويقع على عاتق الحكومة الحالية، النهوض بأعباء التغيير الذي يتطلب إنجازه وقتا أطول، دون أن يعفيها ذلك من واجب مواجهة الأزمات الآنية مثل أزمة الكهرباء بشكل عاجل نظرا لمساسها المباشر بأوضاع السكان لاسيما المواطنين الذين كثيرا ما عرض نواب البرلمان أنفسهم كمدافعين عن قضاياهم.