لا مجال للمناورة لدى أوبك.. أي تخفيض سيتحول إلى هدية للمنتجين الجدد

لندن- من غير الواضح ما إذا كانت أوبك ستتراجع عن تخفيضات الإنتاج التي وافقت عليها العام الماضي. لكن الاستمرار في مسار التخفيضات، ولو من باب المناورة، سيصبح بمثابة هدية للمنتجين الجدد ويؤدي إلى الضغط على الأسعار، على عكس ما يخطط له التحالف النفطي.
ويعتقد خبراء أن ذكر إمكانية التراجع عن التخفيضات يعد كافيا لحدوث تراجع في الأسعار، وهذا توقع يدعمه سبنسر ديل، كبير الاقتصاديين في شركة بي بي البريطانية.
وقالت أوبك خلال السنة الحالية إنها قد تنطلق في التراجع عن التخفيضات (2.2 مليون برميل يوميا للمجموعة وشركائها في أوبك+) خلال آخر ثلاثي من السنة في ظل توفر الظروف المناسبة في السوق.
ولا تستطيع أوبك حتى الآن إعادة ولو برميل واحد إلى السوق، خاصة أن أي تراجع يجب أن يكون مدروسا ويحصل على توافق، مع الوضع في الاعتبار الأعضاء الذين لا يحترمون حصصهم.
ويشير سبنسر ديل إلى أن التهديد الأكبر يظل متمثلا في زيادة إنتاج كل من الولايات المتحدة وغيانا والبرازيل الآخذ في التصاعد.
وتبرز هذه الأطراف الثلاثة في المناقشات حول إمدادات النفط العالمية والتنافس بين أوبك والمنتجين من خارج الكارتل للسيطرة على السوق والأسعار الدولية.
وتعد الولايات المتحدة الطرف الأكثر تأثيرا، حيث ضخت حوالي مليون برميل يوميا خلال 2023.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة نمو الإنتاج عند 300 ألف برميل يوميا خلال السنة الحالية في أحدث توقعاتها للطاقة على المدى القصير، كما خفضت توقعاتها لنمو الطلب على النفط هذا العام إلى 1.1 مليون برميل يوميا.
وترى الكاتبة إيرينا سلاف في تقرير بموقع أويل برايس الأميركي أن الطلب على النفط هو العامل الحاسم لخطط إنتاج أعضاء أوبك وغيرهم، وهو لا يضمن استمرار النمو القوي.
وشهدت البرازيل مثلا زيادة في إنتاجها النفطي بنسبة 13 في المئة خلال 2023 إلى مستوى قياسي بلغ أكثر من 3.4 مليون برميل يوميا. لكن نمو الإنتاج تذبذب خلال 2024، وانخفض الإجمالي في أبريل إلى حوالي 3.1 مليون برميل يوميا.
وتبنّت البلاد خططا لزيادة إنتاجها من النفط الخام إلى 4.4 مليون برميل يوميا بحلول 2034، وهو ما سيكون أعلى بنسبة 47 في المئة من مستوى الإنتاج الحالي. لكن تحقيق هذه الخطط سيعتمد أيضا على الأسعار والطلب.
وأشار ديل إلى دولة غيانا بصفتها لاعبا مؤثرا في سوق النفط، حيث رفعت إنتاجها باستمرار على مدى السنوات القليلة الماضية.
يُذكر أن غيانا بدأت من الصفر في 2019، وبلغت معدل إنتاج يزيد عن 600 ألف برميل في اليوم خلال 2024. وتوقعت إدارة معلومات الطاقة في أحدث تقرير لها ارتفاع إنتاج غيانا إلى أكثر من 800 ألف برميل يوميا في 2025.
وترى سلاف أنه إذا تحقق نمو إنتاج النفط الخام المتوقع، فسيصعّب على أوبك التراجع عن تخفيضات الإنتاج حيث سيصل النمو المشترك للولايات المتحدة وغيانا إلى أكثر من مليون برميل يوميا، وهو ما يعوض حوالي نصف تخفيضات الكارتل الذي يعاني من تراجع مجال مناورته.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة أن عرض النفط سيكون أقل من الطلب بنحو 750 ألف برميل يوميا في النصف الثاني من العام. ويشكل هذا مراجعة تصاعدية لتوقعات سابقة بلغت 500 ألف برميل يوميا. وفي الأثناء تشهد سوق النفط عجزا، ولا تزال الأسعار منخفضة. وفي المستقبل القريب لن تتراجع أوبك عن التخفيضات التي تتمسك بها.