جهود إزالة الكربون تفتقد إلى تكامل السياسات

المزيد من السياسات لا يعني بالضرورة نتائج أفضل بل الأهم هو المزيج الصحيح من التدابير.
السبت 2024/08/24
جهود دون المأمول

باريس - خلصت مجموعة من الباحثين والخبراء إلى أن جهود الحكومات في مسار إزالة الكربون تفتقد إلى تكامل السياسات من أجل تحقيق الأهداف المتفق عليها، مما يؤكد أن الدول بحاجة إلى إعادة النظر في برامجها الحالية.

ورغم تتعدد الإجراءات الرامية إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة، لكنّها غير كافية لتحقيق الهدف إذا كان كل منها معزولا، بل إن السياسة المناخية الفاعلة، وفق دراسة واسعة نشرت الخميس، هي تلك التي توفّق بين الضرائب والقيود التنظيمية والتدابير المحفّزة.

وأجريت الدراسة التي نشرتها مجلة “ساينس” من خلال تحليل سياسات عامة طوال 25 عاما، من بينها ضرائب وإعانات مالية وقواعد وجهود توعية في 41 دولة حول العالم تشكّل الانبعاثات فيها 81 في المئة من الإجمالي العالمي.

وتوصل معدو الدراسة إلى أن السياسات العامة الفاعلة اقتصرت على 63 من 1500 شملها التحليل في مجالات تضم الطاقة والنقل والصناعة والبناء، "وحققت كلّ منها في المتوسط انخفاضا بنسبة 19 في المئة في الانبعاثات".

وأوضح معهد بوتسدام للأبحاث المتعلقة بتأثير المناخ الذي أدار الدراسة مع معهد مركاتور للأبحاث في برلين أن "الباحثين بيّنوا أن حظر محطات الطاقة العاملة بالفحم أو المحركات الحرارية لا يؤدي عند تطبيقه وحده إلى تخفيضات كبيرة في الانبعاثات".

وأضاف بيان الباحثين أن "الفاعلية غير موجودة إلاّ في الحالات التي تتكامل فيها الضرائب مع حوافز جمركية، إلى جانب حزمة من السياسات المدروسة، كما هي الحال في المملكة المتحدة في ما يتعلق بتوليد الكهرباء باستخدام الفحم أو في النرويج في ما يخص السيارات”.

وأوضح المعدّ الرئيسي للدراسة نيكولاس كوخ من معهد بوتسدام أن النتائج التي توصلت إليها المجموعة "تُظهِر أن المزيد من السياسات لا يعني بالضرورة نتائج أفضل، بل الأهم هو المزيج الصحيح من التدابير".

لكنّ الأستاذ في جامعة كوليدج لندن مايكل غراب، الذي لم يشارك في الدراسة، رأى أن التركيز على 63 انخفاضا كبيرا أمكنَ رصدها إحصائيا جعل الباحثين يفوّتون “تأثير الآلاف من الجهود التراكمية والتآزرية الأقل حجما على نطاق عالمي”.

نيكولاس كوخ: النتائج تظهر أن الأهم هو المزيج الصحيح من التدابير
نيكولاس كوخ: النتائج تظهر أن الأهم هو المزيج الصحيح من التدابير

ومع ذلك، أشاد غراب بالدراسة معتبرا أنها “الأكثر تطورا حتى الآن”، واصفا استنتاجها في شأن الحاجة إلى الجمع بين السياسات بأنه “منطقي تماما”.

ولاحظ اختصاصيّ البيئة في إمبريال كوليدج لندن روبن لامبول أن الدراسة “لا تأخذ في الاعتبار سوى السياسات المناخية التي تحقق تخفيضات مفاجئة”.

وقال إن “معظمها يعتمد على فاعلية التدابير الجديدة أو يستهدف مسار انبعاثات طويل الأجل نظرا إلى أن إنشاء البنية التحتية وأنماط الحياة الأكثر مراعاة للبيئة يستغرق سنوات”.

وفي حالة الفحم في بريطانيا، لاحظ الباحثون تراجعا واضحا خلال الفترة بين عامي 2014 و2015 بعد تطبيق سعر الحد الأدنى للكربون عام 2013.

وكتب معدّو الدراسة “مع أن الأدبيات الموجودة نسبت معظم هذا التأثير إلى سعر الحد الأدنى للكربون، إلا أن طريقتنا تكشف أن هذا السعر كان من ضمن حزمة أكبر”.

وتشمل الحزمة تدابير تنظيمية تضم معايير وتخطيطا للتوسع في المصادر المتجددة، وقواعد أكثر صرامة لمكافحة التلوث، والإغلاق التدريجي لمحطات الكهرباء العاملة بالفحم، وتدابير تحفيزية قائمة على السوق، كتعرفات الدعم للمصادر البديلة وإقامة مزادات.

وأشارت الدراسة إلى أن إجمالي الانبعاثات التي خفضتها هذه السياسات الـ63 “تراوح بين 600 مليون طن و1.8 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون”.

وفي عام 2022، كانت البشرية تتسبب بانبعاثات قدرها 57.4 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

ويأمل الباحثون في أن تؤثر دراستهم على خرائط الطرق المناخية للدول الموقعة على اتفاق باريس، والتي يُفترض بها، بحلول فبراير 2025، إرسال نسخة محدثة إلى الأمم المتحدة.

وتأتي الخطوة ضمن مساعي الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة مقارنة بنحو 1.2 درجة مئوية حتى الآن.

وللتوصل إلى استنتاجاتهم، عمل الباحثون على قاعدة بيانات للسياسة العامة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وعلى طريقة تجمع بين أساليب التعلم الآلي والتحليلات الإحصائية. ويوفر موقع كلايمت بوليسي إكسبلور التفاعلي لمحة عامة عن نتائج الدراسة متاحة للعامة.

11