المنتج المصري مارك لطفي: الميزانية المحدودة تحرر صانع الأفلام

القاهرة - استضافت “كايرو فيلم فاكتوري” المنتج والمخرج المصري مارك لطفي في لقاء بعنوان “اختيار فكرة الفيلم”، وهو أحد أبرز منتجي السينما المستقلة في مصر والمنطقة العربية، وقد شارك في إنتاج العديد من الأفلام التي حازت التقدير على المستوى العالمي.
وتناول اللقاء، الذي أداره الناقد السينمائي محمد سيد عبدالرحيم بحضور مجموعة من صناع الأفلام، التحديات المختلفة التي تواجه صانع الفيلم في اختيار فكرة عمله، ومن بينها أصالتها وعلاقتها بالواقع والمحيط الثقافي والاجتماعي وعلاقتها بسياقها الإنتاجي، وجمهورها المستهدف.
وقال مارك لطفي إن “صناعة فيلم بميزانية محدودة ينبغي أن يكون اختيارا، وليس نتيجة لمحدودية الموارد، لأن التخلص من عبء الميزانيات الكبيرة، التي تتجاوز قدرة المخرج وأعضاء فريق العمل على إنجاز الفيلم بالاعتماد على إمكانياتهم المادية والفنية والتقنية المتاحة، يضمن لهم حرية الاختيار والتعبير والتجريب”، مشيرًا إلى أن استثمار عدد كبير من الجهات المانحة والإنتاجية في مشروع فيلم يكبل صانع الأفلام بالمخاوف والتوقعات والقيود التي تحد من حريته.
لطفي شارك في إنتاج عدد من الأفلام التي حققت نجاحات مهمة على المستوى الدولي ورفعت اسم السينما المصرية واسم مصر على المستوى العالمي
وأضاف “مع زيادة الاستثمار يزداد القلق وتزداد القيود. الميزانية المحدودة تساوي الحرية، فوضع تصورات إنتاجية ضخمة لصناعة الفيلم يجعل صانع الأفلام مشاركا في وضع العقبات”.
وأكد لطفي على ضرورة العمل الجماعي ضمن فريق متجانس في الرؤية والأهداف كأحد العوامل الجوهرية لمواجهة مختلف التحديات التي يفرضها إنجاز فيلم، وقال “العمل الجماعي يتيح عددا لامتناهيا من الحلول الإنتاجية والفنية التي تعزز حرية الاختيار. السينما عمل جماعي ولا يمكنها أن تكون غير ذلك”.
وأشار لطفي إلى أن وجود أطر سائدة للجهات المانحة والإنتاجية بتنوعاتها هو أمر واقع في صناعة الأفلام، لكن هذه الأطر ليس من المستحيل اختراقها، شرط أن يكون صانع الأفلام واعيا بالأفكار التي يرغب في التعبير عنها، وأن يعمل بروح الباحث ليمتلك رؤيته الخاصة. فعندما يواجه صانع الأفلام الأطر السائدة بامتلاك أدواته ورؤيته ووعيه الخاص والأرض الصلبة التي يقف عليها، يجعله ذلك في موقف ندي وليس في موقع الخاضع لتلك الأطر.
وأضاف أن الخضوع لمعايير الأطر السائدة ليس صعبا، لكن على صانع الأفلام أن يطرح على نفسه سؤالا جوهريا، وهو “هل هذا حقا ما أرغب في فعله؟ وهل هذا ما تعنيه السينما بالنسبة إلي؟”، مشيرًا إلى أن طرح خطاب بديل يتطلب من صانع الأفلام أن يمتلك الأدوات التي تجبر الآخر على التعاطي مع هذا الطرح بجدية، وتابع “إذا رغبت في فرض طرح بديل عليك أن تكون مقنعًا، فالسير عكس التيار يحتاج إلى البحث والدراسة وامتلاك الدليل على أهمية ما تمتلكه من أفكار”.
وأضاف لطفي أن الواقع المصري يتمتع بفرص لا محدودة من الأفكار والقصص والطبقات الاجتماعية والثقافية والسياسية والمفاجآت التي لا يصدقها عقل، والتي تحتاج إلى صانع أفلام يعمل بروح الباحث المهووس بالمعرفة.
وقال “عندما يطرح الآخر مواضيع محددة لأنه يرى أن لها الأولية، فإن مواجهة ذلك لا تأتي بخطاب المظلومية، وإنما بطرح بديل يجبره على مناقشتك في أولوياتك أنت”.
من جهته أشار الناقد محمد سيد عبدالرحيم الذي أدار اللقاء إلى أن مارك لطفي يعد من أبرز الشخصيات السينمائية في السنوات العشر الأخيرة، وخاصة في صناعة السينما المستقلة، لافتا إلى انخراطه في المجال السينمائي في وقت مبكر مؤسسا شركة فيج ليف في العام 2005، وكذلك كناشط سينمائي معني بالثقافة السينمائية من خلال “سينيدليتا”، وهي مدرسة سينمائية مستقلة ساهمت في تخريج الكثير من صناع الأفلام.
وأضاف أن لطفي شارك في إنتاج عدد من الأفلام التي حققت نجاحات مهمة على المستوى الدولي ورفعت اسم السينما المصرية واسم مصر على المستوى العالمي.
وقالت المخرجة ناهد نصر مؤسسة “كايرو فيلم فاكتوري” إن “مارك لطفي يتمتع بخبرة ممتدة في مجال الإنتاج السينمائي المستقل، وفي مجال الشراكات الإنتاجية تمكنه من امتلاك رؤية ملهمة لصناع الأفلام على أول الطريق”، مشيرة إلى أن أحد أهداف سلسلة اللقاءات الشهرية في كايرو فيلم فاكتوري التي تحظى بمشاركة صناع الأفلام من أجيال مختلفة هو مشاركة وتبادل الرؤى والخبرات والحلول في صناعة الأفلام.