موريتانيا نقطة عبور جديدة لقوارب المهاجرين نحو إسبانيا

ميناء نواذيبو أصبح الخط الأقرب والأسهل بالنسبة إلى شبكات التهريب في ظل الصعوبات التي بات يلاقيها المهاجرون عبر ليبيا وتونس واستنفار إيطاليا.
الثلاثاء 2024/08/20
قوارب الموت

نواكشوط- تفيد تقارير إعلامية إسبانية بأن موريتانيا أصبحت منذ نهاية العام الماضي نقطة الانطلاق الرئيسية للقوارب الخشبية التي تصل إلى جزر الكناري، في مؤشر على عجز السلطات المحلية عن تنفيذ الاتفاق الذي تم بينها وبين الاتحاد الأوروبي قبل أشهر.

وتشهد موريتانيا تدفقا كبيرا للمهاجرين بسبب قربها من مسرح الحرب في مالي والتوترات السياسية في دول الساحل بصفة عامة وفي الدول التي شهدت انقلابات عسكرية بصفة خاصة. كما أنها صارت الخط الأقرب والأسهل بالنسبة إلى شبكات التهريب في ظل الصعوبات التي بات يلاقيها المهاجرون عبر ليبيا وتونس واستنفار إيطاليا ضد الهجرة غير النظامية.

وتستقبل البلاد أكثر من 150 ألف مهاجر، وفقا لأرقام الاتحاد الأوروبي، ولا مؤشرات على توقف تدفق المهاجرين إليها. ويقول المراقبون إن وتيرة الهجرة عبر موريتانيا مرجحة للتصاعد بعد الصيف عندما تصبح مياه البحر هادئة.

◄ موريتانيا تشهد تدفقا كبيرا للمهاجرين بسبب قربها من مسرح الحرب في مالي والتوترات السياسية في دول الساحل

ويختار الكثير من المهاجرين، وجُلهم من بلدان الساحل وخليج غينيا، مدينة نواذيبو في شمال غرب موريتانيا، حيث باتت وجهة مفضلة للراغبين في الوصول إلى أوروبا بسبب موقعها على مفترق طرق الهجرة والعبور.

وعلى وقع ذلك أضحى ميناء نواذيبو مركزا لتجارة قوارب الصيد التقليدية التي تستخدمها عصابات تهريب المهاجرين.

وارتفع عدد المهاجرين الذين يصلون إلى جزر الكناري بأكثر من مرتين منذ بداية السنة فيما أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن خطط لزيارة منطقة غرب أفريقيا الأسبوع المقبل، ومن بينها موريتانيا التي يزورها سانشيز للمرة الثانية خلال ستة أشهر.

وتظهر الأرقام أن نحو 22300 مهاجر وصلوا إلى الأرخبيل الأطلسي حتى 15 أغسطس الجاري، مقارنة مع 9864 مهاجرا خلال الفترة نفسها من عام 2023، بحسب أرقام وزارة الداخلية. ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 126 في المئة على أساس سنوي.

وفي الثامن من فبراير الماضي أجرى وفد أوروبي يضم رئيس الوزراء الإسباني ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين زيارة إلى نواكشوط، وقعا في ختامها اتفاقات في مجال التصدي للهجرة غير النظامية مع الحكومة الموريتانية.

وأعلن المسؤولان الأوروبيان عن تقديم مساعدات إلى موريتانيا بقيمة 522 مليون يورو لتعزيز تنميتها الاقتصادية والتصدي للهجرة غير النظامية.

وقال سانشيز إن “إسبانيا ستخصص 312 مليون يورو لموريتانيا في السنوات المقبلة”، بينما كشفت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي “سيمنح نواكشوط أكثر من 210 ملايين يورو، لمساعدتها في إدارة الهجرة ودعم اللاجئين”.

بيدرو سانشيز: إسبانيا ستخصص 312 مليون يورو لموريتانيا في السنوات المقبلة
بيدرو سانشيز: إسبانيا ستخصص 312 مليون يورو لموريتانيا في السنوات المقبلة

إلا أن هذه الصفقة أثارت جدلا واسعا في موريتانيا بعد توقيعها، إذ اعتبرها بعض الموريتانيين محاولة من الاتحاد الأوروبي لتوطين المهاجرين الأفارقة في بلادهم.

وتزداد الشكوك في ظل عدم مناقشة الحكومة الموريتانية والاتحاد الأوروبي تفاصيل الاتفاق وطمأنة الموريتانيين بشأن كيفية مغادرة اللاجئين الأفارقة؛ هل ستكون بترحيلهم إلى أوروبا ولو على مراحل أم ستتم مساعدة نواكشوط على إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية؟ وهو الغموض نفسه الذي يحيط بالاتفاقيات الأوروبية مع كل من تونس وليبيا.

وحذر رواد مواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا من أن “توطين المهاجرين غير النظاميين بشكل مؤقت قد يكون بداية استقرار نهائي للهاربين من جحيم المحيط المتوتر”.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسباني إن سانشيز سيسافر بدءا من 27 أغسطس إلى موريتانيا وغامبيا والسنغال التي انطلق من شواطئها عدد كبير من القوارب المليئة بالمهاجرين نحو الأرخبيل الإسباني، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام.

وتعد إسبانيا أحد المنافذ الرئيسية للمهاجرين الباحثين عن حياة أفضل في أوروبا؛ إذ تقوم غالبيتهم برحلة محفوفة بالمخاطر إلى جزر الكناري الواقعة قبالة السواحل الشمالية الغربية لأفريقيا.

وقدرت منظمة كاميناندو فرونتراس الإسبانية غير الحكومية، التي تنبّه السلطات البحرية إلى قوارب مهاجرين معرّضة للخطر، أن أكثر من خمسة آلاف منهم قضوا في البحر خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، أي بمعدل 33 حالة وفاة يوميا، أثناء محاولتهم الوصول إلى جزر الكناري.

ويعود هذا العدد الضخم إلى الخطورة البالغة لهذا الطريق البحري بسبب التيارات القوية جدا، بينما يستقل المهاجرون قوارب متهالكة ومكتظة.

1