رهان تونس على السائح المحلي يلاقي صعوبات

تونس- حثّ وزير السياحة التونسي محمد المعز بلحسين أصحاب الوحدات السياحية على توفير أفضل الخدمات للسائح التونسي وتشجيعه على الإقبال على المؤسسات السياحية عبر أسعار تفاضلية وخدمات راقية.
لكن الرهان على السائح المحلي طالما كان يثير صعوبات عملية من بينها أنه يتوقع من الفنادق أن تقدم له أسعارا تفضيلية في حين أن أيّ شخص يعرف أن مواسم الذروة ترتفع فيها الأسعار بسبب محدودية المتوفر وهذا عرف في كل الصناعة الفندقية والنقل.
ويقول مسؤولو الفنادق إن السائح المحلي مزاجه صعب وطلباته كثيرة. كما أن إنفاقه محدود، ما يجعلهم يفضلون السائح الأجنبي الذي يشغل شركات الطيران والنقل الداخلي ومحلات بيع التحف والمطاعم، بينما السائح التونسي يستخدم سيارته ويمكن أن يستعد بتجهيز أطعمة وأشياء له وللعائلة تقلل من اعتماده على المطاعم.
ويترك السائح المحلي الحجوزات إلى آخر لحظة بينما تحجز شركات السياحة الكبرى الغرف السياحية من أشهر مقدما، ما يعيق حصوله على التسهيلات التي يطلبها. كما أنه بحكم المسافة يتكدس الطلب على المرافق السياحية في المناطق القريبة من العاصمة مثل الحمامات وسوسة ونابل بينما تقل في الأماكن الأبعد.
ويرى المراقبون أن من الصعب الحديث عن وجود معاملة غير عادلة بين السائح المحلي والأجنبي لأن الفنادق تتعامل حسب مستويات الحجز ولا تهمها جنسية الحاجز، غير أن السائح التونسي لديه حساسية من كل ما هو أجنبي، وهو ما يفسر المبالغة في انتقاد المعاملة الفندقية والحديث عن تفضيل الأجانب.
◄ السائح الأجنبي يشغل شركات الطيران والنقل الداخلي ومحلات بيع التحف والمطاعم، بينما السائح التونسي يتسم بالتقشف
وقال المحلل السياسي المنذر ثابت إن هناك خلطا بالبحث عن مطابقة بين إضافة السائح التونسي والسائح الأجنبي الذي ينفق عملة صعبة تحتاجها البلاد، في حين ينفق السائح التونسي بالدينار ويوفر لأصحاب الفنادق ما يمكن أن ينفق في الكلفة الداخلية.
وأكد ثابت في تصريح لـ”العرب” أن “إضافة السائح التونسي هامة وإضافة الأجنبي إستراتيجية، لكن السياحة التونسية بقيت جماهيرية وليست نخبوية، وشرعنا منذ فترة في استقطاب السياحة النخبوية (سياحة المؤتمرات والتظاهرات)، كما يوجد تنويع للمنتوج السياحي التونسي”.
وسجلت السياحة انتعاشا في تونس مع استقبالها 8.8 مليون زائر عام 2023، بزيادة 49.3 في المئة على أساس سنوي، متجاوزة الرقم القياسي المسجل عام 2019 قبل ظهور وباء كوفيد، بحسب ما أفاد مسؤول في وزارة السياحة.
وتصدر قائمة السياح الذين زاروا تونس خلال تلك الفترة الجزائريون (2.7 مليون) يليهم الليبيون (2.1 مليون) ثم الفرنسيون (+14.6 في المئة بعدد 974 ألف سائح).
ولفت ثابت إلى أن “السائح التونسي يواجه أسعارا باهظة في الفنادق، وهذا ينعكس على نسبة إقبال التونسيين على النزل، وهناك مشكلة في جودة الخدمات والتعامل مع النزلاء، كما يوجد شكل من أشكال الميز وهو غير مبرّر”.
واستطرد ثابت قائلا “هو قطاع خدمات بالأساس، وليس من الحكمة أن يتم تبخيس السوق الداخلية وازدراؤها”.
وقام وزير السياحة التونسي بعملية تفقد غير معلنة إلى ياسمين الحمامات، مساء الجمعة، واطلع على سير نشاط الوحدات السياحية ومعاينة جودة الخدمات المقدمة للحرفاء خاصة على مستوى الاستقبال والغرف والمطاعم وغيرها من الخدمات المسداة ومدى احترامها لشروط النظافة وحفظ الصحة وكذلك الاطلاع على منظومة التأمين الذاتي بها.
ووفق بيان للوزارة، فإن بلحسين شدد على ضرورة توفير أفضل الخدمات للوافدين على الوحدات السياحية ومزيد العناية بالنظافة وبجمالية المحيط.
وفي تصريحات سابقة، قال أيمن الرحماني مدير الدراسات والتعاون الدولي بالديوان الوطني للسياحة (حكومي تابع لوزارة السياحة)، إن مؤشرات الموسم السياحي الحالي في تونس “إيجابية”.
وأكد الرحماني أن “أرقام هذا الموسم إلى الآن تؤكد تجاوز أرقام موسم 2019 التي تعتبر سنة مرجعية بالنسبة إلى السياحة التونسية”.
وبلغ عدد السياح الوافدين إلى تونس خلال النصف الأول 2024، نحو 4.75 مليون سائح، بزيادة بنسبة 4.6 في المئة مقارنة بنفس الفترة من 2023، وبنمو نسبته 6 في المئة مقارنة مع 2019، بحسب المسؤول السياحي.
وقال “هناك توقعات إيجابية بهذا الموسم.. عائدات السياحة خلال النصف الأول من 2024، بلغت 2.801 مليار دينار (890 مليون دولار)، بنمو نسبة 6.6 في المئة على أساس سنوي”.