مكالمات من الدوحة تضع إيران على طاولة مفاوضات الهدنة

تفاؤل أميركي رغم تصريحات متشائمة من إسرائيل وحماس.
السبت 2024/08/17
الكثير من الحمام ولا سلام: جامع الفنار في الدوحة

الدوحة – أجرى رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني اتصالين خلال 24 ساعة مع وزير خارجية إيران بالوكالة على باقري كني، تضمنا تأكيدا على ضرورة التهدئة وخفض التصعيد في المنطقة، وهو ما ربطته أوساط خليجية بطلب الدوحة من طهران ممارسة ضغوط على حركة حماس لتقديم تنازلات خلال المحادثات بشأن الهدنة التي جرت في الدوحة.

وسعت الولايات المتحدة لبث أجواء من التفاؤل بشأن المحادثات رغم التصريحات المتشائمة لمسؤولين من إسرائيل وحماس.

 وقالت وزارة الخارجية القطرية إن الشيخ محمد بن عبدالرحمن وكني بحثا “مستجدات جهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع، والتوترات المستمرة في الشرق الأوسط، والتأكيد على ضرورة التهدئة وخفض التصعيد في المنطقة”.

وتعتقد إيران أن تنازل حماس من أجل تأمين استمرار المفاوضات ينقل الضغط على إسرائيل ويجعلها في صورة الجهة المعرقلة، ما يجعل فرصة الرد الإيراني الانتقامي على مقتل زعيم حماس إسماعيل هنية دائما قائمة. وإذا تمت المفاوضات بنجاح وتوقفت الحرب، ولو وقتيا، فإن ذلك يصب في صالح إيران أيضا لأنه يخفف عنها الإحراج بشأن تأخر الرد.

وتمتلك إيران قنوات تواصل مع حماس أكثر وأمتن مما تملكه قطر خاصة بعد مقتل هنية وتهميش قيادات حماس في الخارج بتجميع السلطات السياسية والعسكرية وصلاحيات الحرب والسلم في يد زعيمها الجديد يحيى السنوار.

وليس خافيا أن إيران تمتلك علاقات وثيقة مع قادة كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، سواء بشكل مباشر أو من خلال حزب الله، وهو ما يفسر الزيارات المتتالية التي يقوم بها أبرز قادة القسام إلى بيروت، مثلما كشفت عن ذلك التصفيات التي نفذتها إسرائيل ضدهم في مناطق سيطرة الحزب في لبنان.

ونجحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، من خلال الاتصالات والضغوط المتواصلة، في تمديد المفاوضات من يوم واحد إلى يومين ولاحقا إلى جولة جديدة في الأسبوع المقبل.

ولم يخف بايدن تفاؤله بقرب التوصل إلى نتيجة حين قال إن حصول اتفاق صار اليوم “أقرب من أي وقت مضى”. وأردف”إنه أقرب بكثير مما كان قبل ثلاثة أيام. لذلك دعونا نحتفظ بالأمل”.

إيران لها قنوات تواصل مع حماس أكثر وأمتن مما لدى قطر، خاصة بعد مقتل هنية وتجميع السلطات في يد السنوار

لكن ممثل حركة حماس محمود مرداوي تحدث الجمعة عن تحفظات على نتائج المحادثات. وقال مرداوي إن قيادة حماس تلقت تحديثات حول المفاوضات التي استمرت يومين في الدوحة، مشيرا إلى أن المقترحات تختلف عن تلك التي قدمها الرئيس الأميركي في وقت سابق من هذا الصيف.

وأعاد بايدن مساء الجمعة الاتصال بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني “بحثا فيه جهود الوساطة لإنهاء الحرب على غزة وناقشا آخر التطورات الإقليمية والدولية”، وفق ما جاء في بيان للديوان الأميري. وقطر هي الوسيط المباشر مع حماس، وهي المكلفة أميركيا بالضغط عليها لتسهيل التوصل إلى اتفاق. وفي الجانب الآخر يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل، في خطوة تهدف إلى دفع إسرائيل للتجاوب مع مطالب التهدئة.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن بلينكن سيتوجه إلى إسرائيل السبت لمواصلة الجهود الدبلوماسية من أجل إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في غزة.

وفي ختام جولة الدوحة أعلنت الدول التي تقوم بالوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة أن “الفجوات المتبقية” بين إسرائيل وحماس سيتم سدها في الأيام المقبلة.

وأفادت الدول الثلاث بأنه جرى تقديم مقترح للجانبين يتوافق مع مبادئ خطة السلام التي طرحها بايدن.

ويعتقد مراقبون أن التفاؤل مرده حرص واشنطن على التوصل إلى اتفاق، ولو على مراحل، ويتم لاحقا تطويره في جولات أخرى، وأن الهدف من وراء ذلك عدم إعطاء إيران مبررا للتصعيد ونقل الحرج إليها، خاصة أن لا معنى لرد إيراني إذا توقفت المعارك.

ويشير المراقبون إلى أن ما يصدر من تصريحات من جانب إسرائيل أو حماس يدخل في سياق معركة فرض الشروط والإيحاء بأنهما في موقف قوة، لكنه لا يلغي أبدا وجود تقدم.

ودعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوسطاء إلى ممارسة “ضغط” على حماس للتوصل إلى اتفاق حول وقف لإطلاق النار في غزة.

وقال نتنياهو في بيان، بعد يومين من المفاوضات في الدوحة، “تأمل إسرائيل أن يدفع ضغط (الوسطاء) حماس إلى الموافقة” على الخطة التي عرضها بايدن في نهاية مايو.

من جهتها رفضت حماس ما اعتبرته “شروطا جديدة” وضعتها إسرائيل في الاتفاق المقترح في الدوحة.

pp

وقال مصدر قيادي في حماس إن الوفد الإسرائيلي “وضع شروطا جديدة في سياق نهجه للتعطيل مثل إصراره على إبقاء قوات عسكرية في منطقة الشريط الحدودي مع مصر – محور فيلادلفيا، وطلب أن يكون له الحق في وضع فيتو على أسماء أسرى وإبعاد أسرى آخرين خارج فلسطين”.

وشدّد على أن حماس “لن تقبل بأقل من وقف كامل لإطلاق النار والانسحاب الكامل من القطاع وعودة طبيعية للنازحين، وصفقة تبادل دون قيود الاحتلال وشروطه”.

ولا تشارك حماس في مفاوضات الدوحة التي جمعت مسؤولين مصريين وقطريين ومدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز إضافة إلى رئيسي جهازي الاستخبارات الخارجية (الموساد) دافيد برنيع والداخلية (الشاباك) رونين بار الإسرائيليين.

لكنّ الحركة على تواصل دائم مع الوسطاء الذين أرسلوا إليها نهاية الجمعة ما قدموه على أنه اقتراح تسوية “يسدّ الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بتنفيذ” وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيث تتواصل الحرب منذ أكثر من عشرة أشهر. وأضاف المصدر القيادي في حماس أن هذا الاقتراح “لا يتضمن الالتزام بما تم الاتفاق عليه يوم 2 يوليو الماضي”.

وتقول حماس إنها وافقت في 2 يوليو على مقترح بايدن الذي من شأنه أن يؤدي إلى “وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن”.

1