تجدّد المآخذ الحقوقية على ظروف الاحتجاز في سجن جو بالبحرين

الاتهامات الموجهة للسلطات البحرينية تشمل وقف التكييف داخل السجن في حرارة تصل الخمسين درجة مئوية.
الجمعة 2024/08/16
بعض السجناء يشكلون عبئا حقوقيا استثنائيا على السلطات

جنيف - إلى حدّ الآن لم تحقّق إجراءات تحسين ظروف السجناء، التي تعلن السلطات البحرينية عن اتّخاذها من حين إلى آخر، هدفها المتمثّل في وقف الانتقادات للوضع الحقوقي في المملكة والصادر معظمها عن جهات تهتمّ المنامة بالحفاظ على الشراكة معها، وتحرص تبعا لذلك على تصدير صورة إيجابية عن البلد إليها.

ودعا ثلاثة مقررين أمميين، الخميس، مملكة البحرين إلى اتخاذ إجراءات فورية من أجل ضمان حقوق المحتجزين في سجن جو جنوبي العاصمة المنامة، بعد ادعاءات مفادها أنهم يواجهون ظروف اعتقال سيئة. ويعد جو أكبر سجن في المملكة، وهو يضم، بحسب منظمات غير حكومية، معظم المعارضين والناشطين منذ أن تمكّنت السلطات من حسم الاضطرابات التي انطلقت في البلاد مطلع العشرية الماضية كامتداد لأحداث الربيع العربي التي شهدتها بلدان أخرى في المنطقة.

وانبنت المعارضة السياسية في البحرين بشكل أساسي على قاعدة طائفية حيث قادتها شخصيات شيعية ما جعل السلطات تتهمها دوما بالتبعية لإيران. وطلب المقرّرون من البحرين في بيان “ضمان ظروف الاحتجاز تُستوفى بموجبها سلامة ومعايير النظافة لجميع الموجودين” في السجن. وأضافوا “ندعو الحكومة إلى إنشاء ظروف ملائمة في كل أنحاء سجن جو. كما ندعوها إلى بدء حوار حقيقي مع السجناء وعائلاتهم لتحسين ظروف الاحتجاز”.

وأوضحوا “تلقينا ادعاءات مقلقة مفادها أنه منذ مارس 2024، وردا على احتجاجات السجناء من أجل تحسين ظروفهم، يُحرم المحتجزون في بعض مباني السجن من الرعاية الطبية اللازمة ولا يحصلون بشكل منتظم على الغذاء الكافي ومياه الشرب”. وأشار البيان، الذي وقعه المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري ورئيسة أمانة مبادرة اتفاقية مناهضة التعذيب أليس جيل إدواردز والمقررة الخاصة المعنية بالحق في الصحة تلالينغ موفوكينغ، إلى أنهم أثاروا مخاوفهم ومطالبهم مع الحكومة.

وأضاف هؤلاء الخبراء المستقلون المكلّفون من الأمم المتحدة، لكنهم لا يتحدثون نيابة عنها، أن “ادعاءات مقلقة للغاية تشمل قيام السلطات بوقف عمل مكيفات الهواء، ما يعرض السجناء لحرارة شديدة مع وصول درجات الحرارة إلى خمسين درجة مئوية”. وطالبوا “بإلغاء القيود المفروضة على تنقل السجناء وبعدم قطع الاتصالات مع عائلاتهم”.

وأشار المقررون إلى أن “أهالي السجناء أثاروا هذه المسألة أمام هيئات المراقبة الوطنية، ورغم الضمانات التي قُدِّمت لهم لم يتغير الوضع”. وتعرّضت السلطات البحرينية على مدى الأشهر الماضية لانتقادات حقوقية مماثلة. وتفاعلا مع الانتقادات أصدر العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة في أبريل الماضي عفوا على عدد كبير من السجناء من بينهم مدانون بالمشاركة في الاضطرابات التي حدثت في شوارع البلاد مطلع العشرية الماضية.

◙ المنظمات الحقوقية تحاول توظيف العلاقات بين البحرين وشركاء دوليين مهمّين في الضغط عليها بشأن ملف السجناء

وجاءت الخطوة كحلقة ضمن مساعي البحرين لطي صفحة تلك الأحداث بعد أن تمكنت من إخمادها وتجاوز خطرها، لكنّها خلّفت بعض التبعات على صورة المملكة لدى شركائها الغربيين تتجلّى من حين إلى آخر في الانتقادات التي توجّهها منظمات دولية للوضع الحقوقي البحريني، لاسيما طريقة محاكمة المعارضين والأوضاع داخل السجون التي يقضون فيها محكومياتهم.

ومنذ عام 2020 شرعت السلطات البحرينية في تخفيف التوتّر الحاصل بسبب ملف السجناء حيث أعلنت وزارة الداخلية عن إطلاق سراح المئات من السجناء، من بينهم من تمتعوا بعفو ملكي. وفي أغسطس من العام الماضي أعلنت السلطات البحرينية عن جملة من الإجراءات التي تستهدف تحسين أوضاع السجناء بعد إضراب عن الطعام شهدته سجون المملكة ولاسيما سجن جو المعروف.

وأبدت الحكومة البحرينية منذ ذلك الحين استعدادها للتحرك من أجل معالجة أوضاع السجون التي تحولت إلى صداع لها في الداخل ومصدر إحراج مع الخارج، خاصة وأن بعض القوى عملت بشكل حثيث على توظيف هذا الملف ضدّها. وتعهّدت الحكومة التي يقودها ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بمنح السجناء المزيد من الحقوق، أبرزها زيادة ساعات الزيارات، وذلك في خضمّ إضراب عن الطعام نفّذه نزلاء ووصف بالأكبر على الإطلاق في تاريخ السجون في البلاد.

لكن الأضواء عادت في سبتمبر من العام نفسه لتسلّط على قضية السجون في البحرين عندما أصدرت محكمة بحرينية أحكاما بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات بحق ثلاثة عشر سجينا بتهم مرتبطة باعتصام كانوا نفّذوه داخل السجن عام 2021 احتجاجا على ظروف احتجازهم. ومن بين السجناء شخصيات معارضة ونشطاء معروفون ما يجعل لقضيتهم صيتا دوليا على غرار عبدالهادي الخواجة وهو ناشط حقوقي بحريني يحمل الجنسية الدنماركية ويبلغ من العمر 63 عاما وهو مسجون منذ 13 عاما. وتقول ابنة الخواجة ومنظمات حقوقية إنّه يعاني من مشاكل خطيرة في القلب.

وتحاول المنظمات توظيف العلاقات بين البحرين وشركاء دوليين مهمّين في الضغط عليها بشأن ملف السجناء. وجاء في رسالة بعثتها منظمات غير حكومية، من بينها منظمة العفو الدولية، في وقت سابق إلى الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ الخواجة "لا يزال يحتاج إلى رعاية صحية مناسبة وعاجلة، تعجز سلطات السجن عن تأمينها له".

والبحرين حليف إستراتيجي للولايات المتحدة وتستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأميركية. وفي السنوات الأخيرة نفّذت المملكة “إصلاحات واسعة النطاق في مجال العدالة الجنائية، بما في ذلك برنامج الأحكام البديلة وأحكام جديدة لقضاء الأحداث ومبادرة السجون المفتوحة”، بحسب الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل.

3