احتفالات مسيحيي لبنان بذكرى انتقال السيدة العذراء يكدرها دوي القنابل

بيروت - في قرية عين إبل بجنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل، شارك أكثر من ألف شخص في موكب وقور خال من مظاهر البهجة لإحياء ذكرى انتقال السيدة العذراء مريم التي حلت الأربعاء.
وأقيم احتفال هذا العام على وقع دوي القنابل الإسرائيلية الذي يتردد صداه في الأجواء وفي غياب الكثير من المغتربين اللبنانيين الذين يتدفقون عادة إلى قراهم صيفا. ويتناقض هذا المشهد مع احتفالات السنوات الماضية التي كان يشارك فيها المغتربون ويعمها الهدوء وأجواء الفرح.
وقال عماد اللوس رئيس بلدية عين إبل “يعني لا يمكن مقارنة عيد (انتقال) السيدة (العذراء مريم) هيدي السنة مثل الأعياد بالسنوات السابقة، لأنه إجمالا في عيد السيدة بالصيف، كل الضيعة بتكون موجودة هون (هنا)، الناس المغتربين بيجوا من برا (من الخارج)، إللي ساكنين ببيروت بيطلعوا (يأتون إلى هنا)، السنة نحن بوضع حزين.. حزين جدا. اليوم بتلاقي البلد فاضي، الطرقات فاضية، ما في حدا، الناس إللي ببيروت كان عندهم خوف كبير أنهم يطلعوا (يأتون) بسبب القصف إللي بنسمعه عطول (دائما) موجود”.
وأضاف “نحن بنعمل السنة أقل ما يمكن وهو الأمور الدينية، زياح (موكب) عيد السيدة إللي بنمشي فيه بشوارع البلدة، وبنبرم (نتجول) فيها شوي (قليلا) مع الصلاة والتراتيل وأشياء من هذا النوع، غير هيك (بخلاف هذا) ما في شيء، يعني ما في فرح عند الناس أبدا”.
وفي عين إبل، تنعكس تأثيرات التوترات المتزايدة على المسيحيين في لبنان الذين كانوا يأملون في أن تبقى قراهم في الجنوب بمنأى عن الهجمات الإسرائيلية.
تأثيرات التوترات المتزايدة تنعكس على المسيحيين في لبنان الذين كانوا يأملون في أن تبقى قراهم في الجنوب بمنأى عن الهجمات الإسرائيلية
وتزايدت المخاوف بعد مقتل اثنين من مقاتلي حزب الله وإصابة أربعة مدنيين في غارة إسرائيلية على قرية مرجعيون ذات الأغلبية المسيحية الأربعاء، تزامنا مع احتفالات عين إبل بعيد انتقال السيدة العذراء، وفي سابقة فريدة من نوعها في الاشتباكات التي بدأت في الجنوب العام الماضي.
ويؤدي الوضع إلى تفاقم الانقسامات الطائفية القائمة في لبنان حيث يشعر الكثير من المسيحيين بالقلق من أن حزب الله المدعوم من إيران يدفع البلاد نحو صراع إقليمي أكبر مع إسرائيل.
ودعا البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظته الخميس إلى السلام، قائلا إن استقرار البلاد مهدد بسبب هيمنة مجموعة واحدة، في إشارة إلى نفوذ حزب الله.
وحذر من أن هيمنة ما قال إنه “لون واحد وحزب واحد ورأي واحد ومجموعة واحدة” يهدد هوية لبنان.
ويمثل المسيحيون نحو 30.5 في المئة من سكان لبنان ويتألفون من طوائف الكاثوليك الموارنة والأرثوذكس الشرقيين والكاثوليك الملكيين وعدد من الطوائف البروتستانتية والأرثوذكسية الأصغر حجما.
وعلى النقيض من أجواء الحزن والخوف في عين إبل، سادت أجواء المرح في بلدة فاريا ذات الأغلبية المارونية التي تقع على بعد أقل من ساعة بالسيارة من بيروت. فقد احتفل الشبان على أنغام الموسيقى مساء الأربعاء بعيد انتقال السيدة العذراء مريم، واستمتع الآباء والأمهات بأجواء تشبه أجواء الحياة الطبيعية.
وقالت مديرة التسويق سالي عكاوي (40 عاما) لرويترز متحدثة بمزيج من العربية والإنجليزية “إن كانوا موجودين هون ولا مش هون، وبنروح على الشواطئ والحانات… حانات بيروت التي تمثل نمط الحياة المفعم بالحيوية في بيروت… كله مهم للولد… إنه يحس حاله إنه الوضع آمن وأنا هاي الشيء حسيته هون، حسيت أن الأولاد والفتيان عايشين أجواء مختلفة، ما عايشين حرب، ما عايشين هزة، ما عايشين صوت… جدار صوت… وهيدا الشيء كتير حلو بس إنك تعيشي هيك، وتحسي حالك خلاص، إنك منفصلة عن العالم، كأنه فيه أمل بمستقبل الأولاد بلبنان”.