غابت البرامج عن الحملة الانتخابية في الأردن وحضرت الشعارات

سجلت الحملة الانتخابية المتواصلة في الأردن العديد من الهنات، ومن بينها غياب البرامج التي من المفترض أن تخاطب من خلالها الأحزاب الناخب الأردني، ويرى متابعون أن الأحزاب الأردنية ظلت حبيسة الذهنية القديمة القائمة على تبني شعارات لم تعد تنطلي على المواطن.
عمان - غابت البرامج عن الحملة الانتخابية التي انطلقت منذ أيام في الأردن في ما حضرت الشعارات العامة، الأمر الذي يخشى من أن يؤثر على مدى إقبال الأردنيين على الاستحقاق. ويستعد الأردنيون في العاشر من سبتمبر المقبل لانتخابات استثنائية، ستكون بمثابة استفتاء على الإصلاحات السياسية التي شهدتها المملكة طيلة العامين الماضيين، والتي منحت الأحزاب إمكانية فرض نفسها في المعادلة السياسية بعد حضور هامشي في المشهد.
وتجندت الهيئة المستقلة للانتخابات وبدعم كبير من حكومة بشر الخصاونة لتوفير كل مقومات نجاح العملية الانتخابية، لكن أداء القوى المشاركة في الانتخابات ولاسيما الأحزاب، لم يسجل التحسن المطلوب، وهو ما ظهر بشكل جلي من خلال عملية اختيار المترشحين التي ركزت على عنصر المال والثقل العشائري، أو في إدارة الحملة الانتخابية الجارية.
ويرى مراقبون وحتى مسؤولون أردنيون أن الأحزاب لا زالت تتعاطى بنفس الذهنية القائمة على استدراج الناخبين عبر شعارات ملّها الشارع ولم يعد مقتنعا بها وبجدواها، معتبرين أن أداء الأحزاب حتى الآن هزيل، ولا يتوافق وجهود الإصلاح التي تروم الوصول بالبلاد إلى حكومات برلمانية مستقبلا.
وقال رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات المهندس موسى المعايطة “يجب على كل المترشحين أن يكون لديهم برنامج انتخابي”، إذ أن التحدي الذي يواجه المواطن عادة أن النائب بعد وصوله إلى المجلس لا يلتزم بتعهداته، ولكن السبب أنه وعندما تم انتخابه لم ير المواطن برنامجه وقام بانتخابه على أساس المعرفة والعشيرة ولذا لا حق للمواطن بالعتاب في هذه الحالة لأنه لم ينتخبه بناء على قضية معينة.
وأشار المعايطة إلى وجود العديد ممن ينتخبون على أساس تحقيق الخدمات التي لا وجود لها الآن، فعلى سبيل المثال التوظيف يتم على أسس معينة وضوابط، وذلك تحقيقا للمساواة والعدالة، والخدمات الشخصية التي يقدمها النائب تقريبا انتفت، والمسموح به فقط الخدمات العامة التي يقدمها للمجموعة وليس للشخص، ولذا يجب أن يكون لكل مترشح برنامج لأن الشعارات لا تكفي لوحدها، فمثلا لم يتم طرح قضايا لها علاقة مباشرة مع المواطن وهناك إشكالية حولها كنظام الموارد البشرية الأخير، ويجب أن يقول رأيه فيها.
وأوضح رئيس مجلس مفوضي هيئة الانتخابات “كمواطن ما شفت برنامج وطني حتى الآن، وما هو مطروح شعارات عامة”، ولذا يجب أن يقدم المترشح برنامجا يشجع المواطن على انتخابه، لأنه ورغم أن الدولة والحكومة والهيئة تقوم بحملات توعية لتشجيع المواطن على الانتخاب، ولكن الأصل أن تجذب الأحزاب المواطن إلى الصندوق عبر إقناعه بالبرنامج الذي تطرحه وهذه هي مهمة الأحزاب.
وانتقد أردنيون مؤخرا الفوضى التي طبعت الحملة الانتخابية، لاسيما في علاقة بنشر الإعلانات وصور المترشحين في الأماكن العامة والشوارع، الأمر الذي شوه وجه المدن، وأحدث تلوثا بصريا. وكانت صور المترشحين قد غزت الشوارع وحتى أعمدة الإنارة وإشارات المرور، الأمر الذي تسبب في إشكالات للمارين.
ويرى مراقبون أن الحملة الانتخابية وما سبقها من عملية اختيار المترشحين، تكشف عن أن الطريق ما يزال طويلا للارتقاء بالوعي الحزبي في المملكة، وأن الحديث عن حكومات برلمانية لا يبدو واقعيا على الأقل على المدى المنظور.
ويشير المراقبون إلى أن ذلك لا يعني عدم وجود أحزاب برامجية، وإن كان عددها قليل، وأن منح الأحزاب هامشا أكبر للحضور في البرلمان المقبل (41 مقعدا) بالتأكيد سيكون له دوره وتأثيره في العمل السياسي داخل المملكة.
ويلفت هؤلاء إلى إن تحقيق غايات الإصلاح السياسي لا يرتبط فقط بدور الأحزاب أو المشرّع أو السلطة السياسية بل هو عمل جماعي، يكون فيه للمواطن دور كبير، سواء كان من حيث المشاركة في العملية الانتخابية، أو في اختيار المترشحين على حسب الكفاءة والبرنامج، وليس لاعتبارات أخرى كالقرابة أو العشائرية، أو بناء على وعود وهمية.
◙ أداء الأحزاب حتى الآن هزيل، ولا يتوافق وجهود الإصلاح التي تروم الوصول بالبلاد إلى حكومات برلمانية مستقبلا
وخلال استضافته عبر راديو “نون” قال رئيس مجلس مفوضي هيئة الانتخابات إن ما يميز الانتخابات هذا العام هو وجود القائمة الوطنية الحزبية على مستوى المملكة، وهي قائمة مغلقة، ولذا سيختار المواطن حزبا فقط دون أسماء، والتي ستكون مرتّبة بحسب الأرقام التي ستخرج في قرعة ما بعد انتهاء فترة الطعن، وهو ما يؤكد أن البرلمان في المستقبل سيكون عمله حزبيا وجماعيا، إضافة إلى قضية العتبة في الدوائر العامة والمحلية، الى جانب الكوتة التي يجب أن تحدد مسارها.
وأكد المعايطة على أن نزاهة الانتخابات ليست فقط بيوم الاقتراع، بل من يوم إعلان سجل الناخبين المبدئي والذي يتضمن إدراج جميع المواطنين الأردنيين للانتخاب، ومن ثم فترة الاعتراضات، وتحديد مكان الاقتراع بحسب مكان الإقامة لأول مرة، كذلك تم فتح التسجيل لمن يرغب بالمراقبة، وتم اشتراك عدد كبير من المؤسسات للمراقبة بحسب الشروط المحددة، إضافة إلى وجود 100 مراقب دولي من قبل الاتحاد الاوروبي، والذي يهتم بالانتخابات الأردنية لاختلافها عن انتخابات الدول الاخرى، إضافة إلى وجود مراقبين عرب وأجانب آخرين بهدف تحقيق الشفافية والتأكد منها.
وناشد رئيس الوزراء بشر الخصاونة، في وقت سابق الأردنيين وخاصة من فئة الشباب التوجه إلى الإقبال على صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، وتوخي اختيار المترشح والحزب الأفضل والأكفأ والأقدر، في إطار يعبِّر عن طموحاتهم وأولويَّاتهم وضمن الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الفريدة والمميزة للمملكة.
ووفقا للدستور الأردني، تجرى الانتخابات النيابية خلال الأشهر الأربعة التي تسبق انتهاء عمر مجلس النواب. وبحسب الهيئة المستقلة للانتخابات، فإن عدد الناخبين المدعوين إلى التصويت في الانتخابات المقبلة تجاوز 5.1 مليون ناخب، بينهم نحو 2.7 مليون من الإناث و2.4 مليون من الذكور.
ويتنافس على مقاعد الأحزاب 38 حزبا بينها حزبا إرادة والوفاق الوطني اللذان ينتميان إلى التيار الوسطي، ويرجح أن يحققا نتائج مهمة، إلى جانب حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين.