الجزائر تراهن على النيجر لاختراق حلف الساحل المستجد

زيارة رئيس الوزراء النيجري تكسر الجمود في العلاقة مع الجزائر.
الثلاثاء 2024/08/13
زيارة في سياق إقليمي متوتر

تحمل زيارة وفد نيجري رفيع المستوى بقيادة رئيس الوزراء محمد لمين زين إلى الجزائر رغبة ثنائية في كسر الجمود الذي طبع العلاقات الثنائية الفترة الماضية، وتشكل الزيارة فرصة للجزائر لاختراق الحلف المستجد المناوئ لها في المنطقة.

الجزائر - يؤدي رئيس الوزراء النيجري محمد لمين زين ووزير دفاعه الفريق ساليفو موديلا زيارة غير معلن عنها مسبقا إلى الجزائر.

وتأتي الزيارة في سياق متوتر تشهده منطقة الساحل، لاسيما بعد بروز تحالف مناوئ للقوى التقليدية في المنطقة ومنفتح على روسيا.

ويرى مراقبون أن زيارة الوفد النيجري رفيع المستوى يمثل فرصة للجزائر لاختراق الحزام الجيوسياسي المستجد، والذي بدا أنها الخاسر الأكبر من تشكله.

وتكسر زيارة رئيس الوزراء النيجري ووزير دفاعه الجمود الذي طبع العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد انخراط نيامي في الحلف المستجد.

وجاءت الزيارة في أعقاب زيارة مماثلة أداها منذ أيام قليلة وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب إلى النيجر، تم خلالها بحث وتيرة إنجاز خط الغاز الأفريقي الرابط بين نيجيريا وأوروبا مرورا بالنيجر والجزائر، والذي يعرف منافسة من طرف مشروع مماثل يربط نيجيريا والمغرب مرورا بـ13 بلدا أفريقيا.

وأفاد بيان لرئيس الوزراء الجزائري محمد نذير العرباوي، بأن “محادثات جرت مع الوزير الأول وزير الاقتصاد والمالية لجمهورية النيجر علي محمد لمين زين، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر، ويرافقه عدد من الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة”.

منذ الانقلاب على الرئيس محمد بازوم، تبادل البلدان زيارات محدودة، بينما رفض المجلس العسكري مبادرة الوساطة الجزائرية

وبحسب البيان فقد “أكد الوزير الأول على الأهمية الخاصة التي يوليها رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون لتطوير العلاقات الثنائية مع جمهورية النيجر الشقيقة، منوها بالعلاقات الأخوية التاريخية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين”.

وأشار العرباوي إلى أن “البلدان يطمحان إلى تحقيق تعاون ثنائي يرتقي إلى مراتب أفضل في إطار الآليات الثنائية ومن خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، من أجل تنفيذ برامج التعاون القائمة واستكمال المشاريع التنموية المشتركة”.

ومنذ انضمام النيجر إلى حلف الساحل المكون من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، المدعوم من طرف روسيا، تبرز ليونة نيجرية في التعاطي مع الجزائر، عكس الحكومات الأخرى التي دخلت في سجالات سياسية ودبلوماسية معها، خاصة مالي التي أعلنت إنهاء العمل باتفاق المصالحة الوطنية الذي ترعاه الجزائر منذ العام 2015، ودخلت في قطيعة غير مسبوقة حيث صنفتها في لائحة الدول غير المرغوب في التعاون معها، كما هو الشأن لفرنسا والولايات المتحدة.

ومنذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد بازوم، تبادل البلدان زيارات رسمية محدودة، بينما رفض المجلس العسكري مبادرة الوساطة التي أعلنت عنها الجزائر، ويبدو أن قيادتي البلدين مصممتان على الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات الثنائية، خاصة في علاقة بالمشاريع الاقتصادية، كخط الغاز الأفريقي والألياف البصرية والطريق الأفريقي.

وتأتي زيارة الوفد النيجري في سياق إقليمي متوتر، أفضى إلى تصعيد مسلح بين الجيش المالي المدعوم من طرف قوات فاغنر الروسية وتركيا، مع الفصائل المسلحة الأزوادية بالقرب من الحدود البرية المشتركة، وتوتر العلاقات الجزائرية – الروسية بسبب الخلاف حول الأدوار الجديدة في المنطقة.

الزيارة جاءت في أعقاب زيارة مماثلة أداها منذ أيام قليلة وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب إلى النيجر

ويرى متابعون لشؤون منطقة، بأن حكومة النيجر تريد التعاطي بليونة مع الجزائر حفاظا على مصالحها مع أكبر جار شمالي، بينما تحاول الجزائر عبر الرابط المتبقي مع دولة النيجر، التخفيف من حدة القبضة الحديدة التي ينتهجها المجلس العسكري الحاكم في باماكو.

ولفت بيان الوزير الأول الجزائري بأن “الوزير الأول النيجري يؤدي زيارته إلى الجزائر، مرفوقا بوفد وزاري هام، ولذلك تكتسي أهمية بالغة، وأن المسؤول النيجري عبّر عن اعتزازه بتواجده بالجزائر، التي كان لها دوما دور حاسم في مرافقة بلاده في جهودها التنموية، ومواقف إيجابية تجاه جمهورية النيجر، لاسيما في أصعب المراحل التي مرّت بها، وأعرب على وجه الخصوص عن شكره وتقديره البالغ لموقف رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون الرافض لأيّ تدخل عسكري بالنيجر”.

وأفاد أن محمد لمين زين أعرب عن “تمسك بلاده قيادة وحكومة وشعبا بالشراكة والتعاون مع الجزائر التي تربطها معها علاقات الأخوة والصداقة وحسن الجوار، وتطلعها إلى المضي قدما في تعزيز التعاون الثنائي بما يسهم في مرافقة جمهورية النيجر في مساعيها الرامية إلى تعزيز السيادة الوطنية على ثرواتها، وتحقيق أهداف الاستقرار والتنمية، ومواجهة التحديات المشتركة التي تعرفها المنطقة، وأكد في الوقت ذاته على أهمية المشاريع الهيكلية المشتركة بالإضافة إلى تلك التي خصصتها الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية بتوجيهات سامية من رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون”.

وعلى الصعيد العسكري والأمني، الذي بات يشكل الزاوية المهمة في علاقات دول المنطقة، قام رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة باستقبال وزير الدولة وزير الدفاع الوطني لجمهورية النيجر الفريق ساليفو مودي.

وأفاد بيان لوزارة الدفاع الجزائرية بأن “رئيس أركان الجيش الجزائري اعتبر أن الزيارة تشكل دليلا على إرادة الطرفين في تعزيز التنسيق الأمني والتعاون العسكري الثنائي بين جيشي البلدين، وأكد على أن بلاده الملتزمة بمبادئها الراسخة مقتنعة بأن حل المشاكل الداخلية لدول القارة الأفريقية لا يمكن أن يتحقق إلا داخليا على يد الكفاءات والقدرات والقوى الحية لدول القارة”.

من جهته أكد الفريق ساليفو مودي على “توافق رؤى الطرفين بخصوص مجمل القضايا الأمنية التي تناولتها المحادثات الثنائية”، وأمله في “تعزيز علاقات التعاون بين بلده والجزائر التي أكد أنها مبنية على التشاور والاحترام المتبادل”.

4