أسرع استقالة في حكومة بزشكيان من نائبه جواد ظريف

وزير الخارجية السابق يؤكد أنه يشعر بخيبة أمل من التشكيلة الحكومية المقترحة أخيرا بسبب عدم تمكنه من إدماج النساء والشباب والمجموعات العرقية فيها.
الاثنين 2024/08/12
استقالة جواد ظريف تعكس حجم الصراعات

طهران - أعلن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف الذي كان له دور محوري في المباحثات التي أدت إلى إبرام الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني عام 2015، الاثنين استقالته من منصبه الجديد كنائب للرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان، في خطوة رآها مراقبون أنها تشير إلى وجود "خلافات عميقة" بين المتشددين والإصلاحيين في طهران.

وتعد استقالة ظريف هي الأزمة الثانية التي يواجهها بزشكيان منذ توليه منصبه في نهاية يوليو، بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) اسماعيل هنية في طهران بعملية اتهمت إسرائيل بتنفيذها، واغتيال القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت.

ويعتقد أن استقالة محمد جواد ظريف  بعد 10 أيام على تعيينه فقط، وهو الذي كان مكلفا بالمساعدة في اختيار التشكيل الحكومي الجديد، جاءت لتؤكد على الخلافات التي تعيشها إيران داخليا.

وقال محمد جواد ظريف الذي اختاره بزشكيان نائبًا له قبل أقل من أسبوعين، في منشور على منصة إكس "استقلت من منصب نائب الرئيس للشؤون الاستراتيجية الأسبوع الماضي".

وذكر ظريف أسبابا عدة لاستقالته أبرزها خيبة أمله من التشكيلة الحكومية المقترحة أخيرًا والمؤلفة من 19 وزيرًا.

وأضاف "أشعر بالخجل لأنني لم أتمكن من تنفيذ رأي خبراء اللجان (المسؤولة عن اختيار المرشحين) بشكل لائق وتحقيق إدماج النساء والشباب والمجموعات العرقية، كما سبق أن وعدت".

وقدّم بزشكيان تشكيلته الوزارية المقترحة الى مجلس الشورى، والتي سمّى فيها امرأة لتولي وزارة الطرق.

وأثارت القائمة المقترحة انتقادات من البعض في المعسكر الإصلاحي الإيراني بما في ذلك بسبب إدراج محافظين من حكومة الرئيس الراحل ابراهيم رئيسي الذي قضى في تحطم طائرته في مايو.

ولفت ظريف إلى أنه واجه كذلك ضغوطًا بعدما عُيّن في منصبه الجديد لأن أولاده يحملون الجنسية الأميركية.

وتابع "رسالتي (...) ليست دلالة على ندم أو خيبة أمل تجاه الدكتور العزيز بزشكيان أو معارضة للواقعية، بل تعني الشكّ في فائدتي كنائب للرئيس للشؤون الاستراتيجية"، مشيرًا إلى أنه سيعود إلى الوسط الأكاديمي ويُركّز أقل على السياسة الداخلية في إيران.

وظريف الذي تولّى حقيبة الخارجية بين عامَي 2013 و2021 في عهد الرئيس الأسبق المعتدل حسن روحاني كان قريباً من الإصلاحيين لكن من دون أن يكون منتمياً لأيّ جناح.

وكان شخصية بارزة في الحملة الانتخابية لبزشكيان وقد أدّى دوراً رئيسياً في فوزه.

وظريف هو مهندس الاتّفاق النووي الذي أبرمته الجمهورية الإسلامية في 2015 مع المجتمع الدولي بهدف تخفيف العقوبات المفروضة عليها مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

لكنّ الاتفاق بدأ الانهيار في 2018 عندما انسحبت منه الولايات المتّحدة في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات على إيران.

ولا يتمتع رئيس الجمهورية في إيران بصلاحيات مطلقة، لكنه يرأس المجلس الأعلى للأمن القومي، والسلطة التنفيذية (لا منصب لرئيس الوزراء في البلاد)، وهي إحدى السلطات الثلاث الى جانب التشريعية والقضائية. ويؤدي دوراً أساسياً في توجيه الحكومة وسياساتها الخارجية والداخلية.

الا أن رأس الدولة وصاحب الكلمة الفصل في سياساتها العليا هو المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

وانتخب بزشكيان في تموز/يوليو، بفوزه في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية على المحافظ المتشدد سعيد جليلي. وأجريت الانتخابات بشكل مبكر بعد مصرع المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية في مايو.

وتعهد بزشكيان خلال حملته الانتخابية السعي لإحياء الاتفاق النووي. وأبدى في رسالة نشرتها صحيفة محلية صادرة بالانجليزية في يوليو، استعداده للدخول في "حوار بنّاء" مع الدول الأوروبية على الرغم من "تراجعها عن التزاماتها"، لتخفيف تأثير العقوبات.

ورسم الخطوط العريضة لسياسته الخارجية، مشدداً على "ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أنّ إيران لا ولن ترضخ للضغوط".