أول تحرك بريطاني بعد أعمال الشغب: مناهج تحصن الأطفال ضد الأخبار المضللة

خطوة تندرج في إطار مراجعة واسعة النطاق لبرامج التعليم الابتدائي والثانوي أطلقتها الحكومة العمّالية الجديدة، ومن المتوقع أن تنجزها السنة المقبلة.
الاثنين 2024/08/12
حالة من القلق

لندن – تعتزم الحكومة البريطانية تكييف المناهج الدراسية لإعداد الأطفال بشكل أفضل ضدّ المعلومات المضلّلة و”نظرية المؤامرة” المنتشرة عبر الإنترنت، وذلك في أول تحرك للسلطات في أعقاب أعمال الشغب الأخيرة التي يقف وراءها اليمين المتطرّف.

يأتي ذلك فيما تشعر السلطات باستياء كبير من دور مواقع التواصل الاجتماعي في تصاعد العنف العنصري والمعادي للإسلام والذي أعقب هجوما بسكّين أسفر عن مقتل ثلاث فتيات في ساوثبورت (شمال غرب إنجلترا) في 29 يوليو الماضي.

وقالت وزيرة التعليم بريجيت فيليبسون لصحيفة صنداي تلغراف “من المهم (اليوم) أكثر من أي وقت مضى منح الشباب المهارات اللازمة ليصبحوا واعين وعيا نقديّا بما يشاهدونه في الإنترنت”.

بريجيت فيليبسون: من المهم منح الشباب المهارات اللازمة ليصبحوا واعين
بريجيت فيليبسون: من المهم منح الشباب المهارات اللازمة ليصبحوا واعين

وأضافت “سيتضمّن إصلاحنا للمناهج الدراسية اكتساب المهارات الأساسية لتسليح أطفالنا في مواجهة المعلومات المضلّلة والمعلومات الكاذبة ونظرية المؤامرة المثيرة للغثيان والتي تكثر على مواقع التواصل الاجتماعي”.

ويندرج هذا الهدف في إطار مراجعة واسعة النطاق لبرامج التعليم الابتدائي والثانوي أطلقتها الحكومة العمّالية الجديدة، ومن المتوقع أن تنجزها السنة المقبلة.

وبحسب صنداي تلغراف لا تتمثل الفكرة التي تنطلق منها الحكومة في تنظيم دورات محدّدة حول المعلومات المضلّلة، بل إدراج هذا الموضوع في عدّة مواد تعليمية.

وكانت أعمال الشغب اندلعت على خلفية شائعات انتشرت على الإنترنت تصف المشتبه به في هجوم ساوثبورت بأنّه طالب لجوء مسلم. غير أنّ وسائل الإعلام أوضحت أنّه مراهق يبلغ من العمر 17 عاما ووُلد في كارديف، بينما يتحدّر والداه من رواندا.

وكثفت الحكومة تحذيراتها لمستخدمي الإنترنت والمنصّات الرقمية في ما يتعلّق بمسؤولياتهم القانونية. وصدرت الجمعة أحكام بالسجن هي الأولى بحق من كانوا وراء رسائل عبر الإنترنت تشجّع على العنف.

واستنكر إيلون ماسك هذه الإجراءات بشكل حاد، علما أنه كان قد أعاد تشغيل الحسابات المحظورة منذ أن اشترى منصّة إكس العام الماضي.

واتُهم الملياردير بأداء دور في تأجيج العنف عبر نشر مقالات مناهضة للهجرة تنطلق من نظريات تآمرية، من بينها مقال ملفق في صحيفة تلغراف يزعم أنّ الحكومة تريد إرسال مثيري الشغب إلى معسكرات في جزر فوكلاند جنوب المحيط الأطلسي.

وتسود الأوساطَ المسلمة في بريطانيا حالة من القلق. وقال رئيس وزراء أسكتلندا السابق حمزة يوسف إنه لم يعد متأكدا مما إذا كانت بريطانيا “بلدا آمنا” له ولأسرته بعد الأحداث العنصرية المناهضة للمسلمين التي شهدتها أنحاء متفرقة من بريطانيا في 29 يوليو الماضي.

وأعرب رئيس وزراء أسكتلندا السابق عن دهشته وصدمته من “رؤية المتطرفين يرمون المساجد بالحجارة ويرددون أشد الهتافات إثارة للاشمئزاز ومعاداة للإسلام، ويشعلون النار في فنادق يعيش فيها لاجئون”. ووصف تلك الأحداث بأنها “أبشع مستوى من العنف” شهده طوال حياته في بريطانيا.

ويتعرض المسلمون والمؤسسات الإسلامية في بريطانيا لاعتداءات في الآونة الأخيرة وأصبحوا مستهدفين بسبب الوضع الذي أشعله اليمينيون المتطرفون منذ نهاية يوليو الماضي.

وأوضح يوسف أنه يعتقد أن “بريطانيا ليست بلدا آمنا” له ولأسرته رغم أنه ولد في أسكتلندا وعاش فيها طوال حياته وصار رئيس وزرائها وزعيما للحزب الوطني الأسكتلندي لأكثر من عام.

وفي تعليقه على رغبة الكثير من المسلمين في الرحيل عن بريطانيا قال يوسف “لا أريد المغادرة لأن أسكتلندا بلدي. أنا أحبها وسأظل أحبها دائما، وستكون دائما المكان الذي ينتمي إليه قلبي، لكنني أب وزوج أولا وقبل أي شيء آخر”.

وأضاف “يجب أن يكون واجبي حماية أطفالي وأسرتي والتيقّن من أنني أفعل ما هو لصالحهم”. وأردف “لا أخطط للمغادرة، لكنني وكل مسلم أعرفه نطرح سؤالا: هل بريطانيا مكان آمن للمسلمين؟ بالتأكيد لا أشعر بذلك”.

1