مرسوم جزائري لترسيخ وصاية السلطة على الإعلام خلال الانتخابات

الحكومة تحرص على أن يلتزم المترشحون بمنابر مرخصة لا تتطرق لما ينتقد السلطات.
الاثنين 2024/08/12
تحد للإعلام الجزائري

تركز الحكومة الجزائرية في مرسوم جديد يتعلق بتنظيم وسائل الإعلام خلال الانتخابات على ضرورة أن تنخرط جميع المنابر المحلية في التغطية الانتخابية المحددة بالشروط والقواعد التي وضعتها، دون أن تتجاوز الخطوط الحمراء.

الجزائر - حدّدت الحكومة الجزائرية في مرسوم جديد وقّعه رئيس الوزراء محمد نذير العرباوي طريقة التغطية الإخبارية وكل ما يتعلق بالمترشحين للانتخابات الرئاسة، موردة جملة من المحاذير والمحظورات على وسائل الإعلام والمرشحين الذين حظرت عليهم الظهور في وسائل منابر غير مرخصة.

وركزت الحكومة في مرسومها على ضرورة أن تنخرط جميع وسائل الإعلام المحلية في التغطية الانتخابية المحددة بالشروط والقواعد التي وضعتها، إذ تحرص بشكل خاص على أن يلتزم المرشحون بالمنابر المرخصة أي التي لا تخرج عن إطار السلطة والمحاذير التي وضعتها لتبقى التغطية في دائرتها ولا تتطرق لما ينتقد السلطات.

وحدد المرسوم التنفيذي شروط بث أيّ مُتعلقات خاصة بالمرشحين، وشدّد على ضرورة مشاركة القنوات التلفزيونية في تغطية الحملة الانتخابية، وضمان التوزيع المنصف للحيز الزمني بين المرشحين، حسب ما تحدده السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري والهيئة المكلفة بمراقبة الانتخابات.

المرسوم يتضمن محظورات في عدة مجالات يمكن استعمالها لملاحقة المنتقدين بتهم أخرى أو مساءلة وسائل الإعلام

وخلال الحملة الانتخابية المُزمع انطلاقها بداية 15 أغسطس الجاري، منعت السلطات رسميا استطلاع نوايا الناخبين خلال فترة الصمت الانتخابي، أو بث رسائل إشهارية لفائدة حزب أو مرشح معين سواء بمقابل مالي أو بصفة مجانية، مع منع استقبال “خبراء” و”مُختصين” في الأستوديوهات التلفزيونية من دون التأكد من صفتهم والتعريف بأسمائهم.

وحسب المادة 12، على أي خدمة اتصال سمعي بصري، أو خدمة اتصال سمعي بصري عبر الإنترنت، التأكد من كفاءة وخبرة وصفة المستشارين والخبراء والمسؤولين الذين يشاركون في البرامج التلفزيونية، حيث يجب التعريف بأسماء وصفات المستشارين والخبراء والمسؤولين خلال ظهورهم في البرامج.

وهي خطوة اعتبرها متابعون بغرض الرقابة ومساءلة من يمكن أن يدلي بخطاب ينتقد فيه السلطة أو العملية الانتخابية.

وتطبق أحكام هذا المرسوم على كل خدمة بث تلفزي “قناة تلفزيونية” أو خدمة بث إذاعي “محطة إذاعية” أو “تلفزيون رقمي” أو “إذاعة رقمية” العامة أو الموضوعاتية “التي تبث عبر الأقمار الصناعية أو الهرتز الأرضي أو الكابل أو عبر الإنترنت، سواء كان البث مفتوحا أو عبر وسيلة تشفير التابعة للقطاع العمومي أو المرخص لها”.

وحسب المرسوم التنفيذي، فمن الضرورة أن تلتزم أي خدمة اتصال سمعي بصري حسب المادة 56 بـ”عدم بث رسائل إشهارية لفائدة حزب سياسي أو مترشحين للانتخابات سواء بمقابل مالي أو بصفة مجانية”.

وتضمن المرسوم عباءة واسعة من المحظورات يمكن استعمالها لملاحقة المنتقدين بتهم أخرى، أو مساءلة وسائل الإعلام عن محتوى لا يتناسب مع الأطفال إذا تجاوزت الخطوط الحمراء.

وتصنف المادة 25 من المرسوم التنفيذي برامج الخيال، وفق 3 فئات، حيث وجب الأخذ بعين الاعتبار معايير حماية الطفل والمراهق، وكذا الشارة المحددة من طرف السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري، حيث يمنع بث برامج تتضمن مشاهد من شأنها أن تصدم الأطفال دون 10 سنوات، وكذلك البرامج التي تسبب اضطرابا للأطفال دون سن 12 سنة، خاصة عند لجوء السيناريو إلى العنف الجسدي أو النفسي بصفة منتظمة ومتكررة.

كما يمنع بث البرامج المتضمنة مشاهد عنف شديدة والتي من شأنها أن تلحق ضررا بالنماء الجسدي أو العقلي أو الأخلاقي للأطفال والمراهقين دون سن 16 سنة.

وتلتزم أيّ خدمة اتصال سمعي بصري أو خدمة اتصال سمعي بصري عبر الإنترنت بضمان المصلحة العليا للطفل والدفاع عن حقوقه وإبرازها في أيّ مضمون إعلامي يتعلق بالطفولة.

كما تلتزم أيّ خدمة اتصال سمعي بصري أو خدمة اتصال سمعي بصري عبر الإنترنت، باحترام الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها المتعلقة بالإشهار والرعاية وإظهار المنتج والاقتناء عبر التلفزيون.

وحسب المادة 49، يجب أن يكون بث الرسائل الإشهارية في فواصل مميزة وبوضوح عن باقي البرامج، في البداية والنهاية، ويتضمن عبارة “إشهار”.

رقابة مشددة

كما يجب ألاّ تستعين الرسائل الإشهارية التي يتم بثها لفظيا أو مرئيا، بأشخاص يقدمون بصفة منتظمة النشرات الإخبارية السمعية البصرية والبرامج الإخبارية في وسائل الإعلام الوطنية وبأشخاص محل متابعة جزائية سواء في الجزائر أو في الخارج.

كما يجب أن يحترم الإشهار القيم الوطنية وكرامة الإنسان، وأن يخلو من أيّ ابتذال وألاّ يخالف الأخلاق والآداب العامة، وأن يخلو الإشهار من الادعاءات أو العروض الكاذبة أو المضللة. وشدد المرسوم على ضرورة أن تخلو الومضات الإشهارية من أيّ تمييز وخطاب الكراهية، وأن يخلو من التحفيز على السلوك المضر بالصحة أو البيئة.

وحسب المادة 54 يمنع بث الرسائل الإشهارية عبر التلفزيون تتعلق بالمنتجات أو الخدمات مثل الأسلحة النارية والذخيرة وكذا الأسلحة البيضاء، والمنتجات الممنوع حيازتها واستهلاكها أو الخدمات أو الأنشطة المحظورة بموجب التشريع والتنظيم المعمول بهما، إضافة إلى مواد التبغ والمشروبات الكحولية وأيّ مادة أخرى معينة ومصنفة مضرة بالصحة.

واتسمت الفترة الأخيرة باستنفار إعلامي استعداد للانتخابات، إذ وقع مديرو ورؤساء التحرير في وسائل الإعلام الوطنية، نهاية الشهر الماضي، ميثاق أخلاقيات الممارسة الإعلامية خلال رئاسيات 7 سبتمبر المقبل، الذي أعدته وبادرت به المنظمة الوطنية للصحافيين الجزائريين، بإشراف حكومي، خلال ندوة عقدت بمقر وزارة الاتصال بالعاصمة.

وأشاد وزير الاتصال محمد لعقاب، بالأثر الإيجابي المترتب عن هذه المبادرة النقابية، التي من شأنها “الإسهام في تنظيم القطاع وتأطيره وخلق فضاء للصحافيين للنقاش والحوار”.

مرسوم تنفيذي يحدد شروط بث أيّ مُتعلقات خاصة بالمرشحين، وشدّد على ضرورة مشاركة القنوات التلفزيونية في تغطية الحملة الانتخابية، وضمان التوزيع المنصف للحيز الزمني بين المرشحين

وأشار لعقاب إلى توجيهات الرئيس عبدالمجيد تبون للإعلاميين منذ بداية عهدته الحالية بتنظيم أنفسهم، وهو ما بدأ يتجسد فعليا، بما يفضي إلى اتخاذ مبادرات تصب في مصلحة الجزائر.

وبشأن ميثاق أخلاقيات ممارسة العمل الإعلامي خلال الانتخابات الرئاسية، أكد لعقاب أنها مبادرة تستحق التثمين والدعم الكامل، مشيرا إلى أن القوانين المؤطرة لقطاع الإعلام لم تغفل عن الإشارة إلى هذه الأخلاقيات والضوابط، موازاة مع مبادرة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بتبيان التزامات الصحافة خلال الرئاسيات في قرارها رقم 17 المؤرخ في 15 يوليو 2024.

من جانبه، أكد رئيس المنظمة الوطنية للصحافيين سليمان عبدوش أن العملية الانتخابية بكل أشواطها ومراحلها تمثل تحديا أساسيا للإعلام الجزائري، من منطلق إسهامه في تنوير وتثقيف الجمهور والعمل كمنصة محايدة وموضوعية للمناقشة الحرة لجميع وجهات النظر والبرامج الانتخابية للمترشحين ونقل تطلعات وانشغالات المواطنين.

ويشتمل الميثاق الموقع من طرف مسؤولي وسائل الإعلام الوطنية، 42 بندا (أو قاعدة) موزعة على 9 محاور، مستمدة في جوهرها من روح ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية الصادر عن السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بالإضافة إلى ما تشير إليه القوانين الجاري العمل بها في قطاع الإعلام والصحافة المكتوبة والإلكترونية والسمعي البصري.

وتخللت مراسم التوقيع على الميثاق ندوة نشطها مدير الأخبار الأسبق بالتلفزيون الجزائري أحمد إبراهيم، استعرض فيها الأبجديات المهنية والأخلاقية والضوابط القانونية لأيّ تغطية انتخابية، حاثا وسائل الإعلام على تحري الموضوعية والحياد والواقعية والتقيد بالحس المهني في رصد يوميات الحملة الانتخابية وفق مبدأ الإنصاف والوقوف على مسافة واحدة من جميع المترشحين.

5