غياب الاعتراف الدولي بالجامعات في شمال سوريا يشكل تحديا لخريجيها

مناطق سيطرة المعارضة التي تديرها حكومتان تشهد طفرة في إنشاء الجامعات لكن جميعها يفتقد للاعتراف الدولي.
الأربعاء 2024/08/07
طفرة في إنشاء الجامعات في الشمال السوري

إدلب (سوريا)- يواجه طلاب الجامعات في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سوريا تحديا كبيرا يتمثل في غياب الاعتراف الدولي بشهائد تخرجهم، خصوصا أولئك الراغبين في استكمال دراستهم خارج البلاد أو في العمل خارج حدود تلك المناطق.

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت مناطق سيطرة المعارضة التي تديرها حكومتان، طفرة في إنشاء الجامعات. وتتوزع هذه الجامعات على منطقتي إدلب وريف حلب الشمالي والشرقي.

وأعلنت “حكومة الإنقاذ” التابعة لهيئة تحرير الشام قبل أيام عن تأسيس “جامعة حلب الشهباء” في مدينة الدانا بريف إدلب الشمالي، على أن تتبع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التابعة لها.

كما أعلنت حكومة الإنقاذ عن إنشاء “الجامعة الإسلامية الخاصة” في إدلب، وافتتاح فرع لجامعة إدلب، ضمن مدينة سلقين بريف المحافظة الشمال الغربي.

◄ البدء في إنشاء الجامعات في مناطق سيطرة المعارضة كان في عامي 2014 و2015، وتحديداً جامعتي حلب وإدلب

وتأسست جامعة إدلب في عام 2015، وتم افتتاحها وبدأت الدراسة فيها في العام الدراسي 2015 – 2016، وبحسب الموقع الرسمي للجامعة، فإن الهدف من إنشائها تلبية الحاجة المجتمعية والعلمية، وتأمين الخريج الجامعي المختص والمؤهل بالعلوم اللازمة في سوق العمل.

وحوت الجامعة في البداية على عدة كليات ومعاهد، ثم تلاها افتتاح فروع وكليات وأقسام جديدة في السنوات اللاحقة، وتم افتتاح فرع لجامعة إدلب في مدينة الدانا عام 2020.

وإلى جانب جامعة إدلب التي تتبع ما يسمى بحكومة الإنقاذ، هناك عدد لابأس به من الجامعات الخاصة في المحافظة، وهي جامعة ماري، وجامعة الشمال وجامعة المعارف وجامعة الحياة.

وفي ريف حلب الشمالي، هناك جامعة حكومية (جامعة حلب) وتسع جامعات خاصة مرخصة لدى مجلس التعليم العالي فيما يسمى الحكومة المؤقتة، وهي الجامعة الدولية للعلوم والنهضة، جامعة الشام، جامعة باشاك شهير، جامعة الزهراء، جامعة آرام للعلوم، جامعة المعالي، الجامعة السورية للعلوم والتكنولوجيا، جامعة الأمانوس، جامعة الرواد للعلوم والتقانة.

وافتُتحت جامعة حلب الحرة في عام 2015 بقرار من “الحكومة السورية المؤقتة”، وانتشرت كلياتها حينذاك في كل من حلب وإدلب وريف حمص والغوطة ودرعا، وبعد سيطرة قوات النظام على معظم تلك المناطق، تركز نشاطها في شمال غربي سوريا، ومقرها الرسمي حالياً في مدينة اعزاز شمالي حلب.

وسلط تحقيق لـ”تلفزيون سوريا” الضوء على الجدوى من الزيادة الكبيرة في عدد الجامعات شمال غربي سوريا، خاصة أن جميعها تفتقد للاعتراف الدولي.

جواد أبوحطب: الطلاب الجامعيين لا يتجاوز عددهم حالياً الـ 50 ألفا
جواد أبوحطب: الطلاب الجامعيين لا يتجاوز عددهم حالياً الـ 50 ألفا

وقال الرئيس السابق للحكومة السورية المؤقتة الدكتور جواد أبوحطب، إن البدء بإنشاء الجامعات من قبل مؤسسات المعارضة تم في عامي 2014 و2015، وتحديداً جامعتي حلب وإدلب، نظراً للحاجة إلى جامعات تحتضن الطلاب الذين انقطعوا عن الدراسة في الجامعات ضمن مناطق سيطرة الحكومة.

وأضاف أبوحطب أن “المشكلة ليست بعدد الجامعات، فيُفترض أن يكون لدينا نحو 200 ألف طالب جامعي مقارنة بعدد السكان في شمال غربي سوريا، لكن الطلاب الجامعيين لا يتجاوز عددهم حالياً الـ 50 ألفا”.

وأشار إلى أن عدم الاعتراف بالجامعات ليس دافعاً لعدم الدراسة وتلقي العلم، مضيفاً أن المشكلة تكمن أيضاً في نقص الاختصاصات، مع ضرورة العمل على رفع مستوى الجامعات وتحسين جودتها.

من جهته اعتبر الباحث الأكاديمي الدكتور عقبة العيسى، أن كثرة عدد الجامعات في الشمال السوري ظاهرة إيجابية، كونها تفتح الكثير من الخيارات أمام الطلاب، خاصة بما يتعلق بالموقع الجغرافي، مع العلم أن إحدى المشكلات هي تمركز بعض الجامعات في منطقة جغرافية واحدة، كما يحصل في مدينة أعزاز، ما يضطر الطالب إلى استئجار منزل في المدينة، أو زيادة الأعباء المالية بسبب المواصلات.

ولفت العيسى في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى أن المنطقة بحاجة إلى هذا العدد من الجامعات، إذا ما قورن ذلك بالعدد الكبير للطلبة الناجحين كل عام في امتحانات الثانوية العامة.

وأردف “لنصل إلى جودة تعليم جيدة يجب أن يكون هناك توزيع منهجي للطلاب، بحيث لا يتجاوز عددهم في الشعبة الواحدة 40 طالباً، وهذا الأمر مرتبط بعدد الكوادر التعليمية الموجودة في الجامعة الواحدة، وإذا طبّقنا هذا المعيار نجد أن عدد الجامعات غير كاف”.

ويعتقد العيسى أن التوسع في عدد الجامعات يحقق جودة في التعليم، كون عدد الطلاب في كل جامعة يصبح أقل، لكن ذلك سيتسبب في الوقت نفسه باستنزاف جهود الكوادر العلمية بالأعمال الإدارية، فـ”إذا كان لديك 10 جامعات، فأنت بحاجة إلى 10 رؤساء جامعات، مع العمداء ورؤساء الأقسام”.

وقال مضر درويش، الطالب في كلية الطب البشري بجامعة حلب، ازدياد عدد الجامعات جيد، لكنْ ضمن شروط محددة، بحيث لا يكون الأمر عشوائياً وبشكل غير منضبط.

ويرى درويش في حديث مع موقع تلفزيون أن البعد الجغرافي من الأسباب الرئيسة التي تدفع إلى إنشاء عدد كبير من الجامعات، موضحا “صحيح أن المناطق المحررة كمساحة إجمالية ليست كبيرة لكنها مترامية الأطراف وموزعة على الشريط الحدودي، لذلك افتتاح فرع للجامعة الأم للطالب بالقرب من مكان سكنه سيوفر عليه ساعات طويلة من السفر، ومصاريف من إيجارات ومواصلات”.

وأضاف “هناك أيضاً أسباب أخرى كوجود أكثر من حكومة في مناطقنا وتعدد الإدارات التي تحكم هذه المناطق؛ وهنا أجد سبيلاً للحديث عن ضرورة توحيد ملف التعليم والذي من شأنه أن يقدم النفع للطلبة والخريجين؛ فالخريج مثلاً من جامعة حلب الحرة لن يكون بحاجة إلى أن يتقدم إلى مزيد من الاختبارات في مجلس التعليم العالي في إدلب إذا تم توحيد مجلسي التعليم العالي في منطقتي إدلب واعزاز”.

ويعتقد درويش أن “هناك بعض المؤسسات لا تعنيها الجودة في التعليم، بقدر ما يعنيها الحصول على أقساط من الطلبة والحصول على دعم من المانحين في الخارج، وهناك أمثلة واضحة ومعروفة لدى جميع المطلعين على ملف التعليم العالي في المناطق المحررة والتي ينبغي على الأهالي والطلبة قبل التورط بالتسجيل فيها”.

2