القضاء العراقي يحسم دعوى بشأن الوجود الأميركي.. بعدم الاختصاص

رفض الدعوى المقدمة من النائبين باسم خشان ومصطفى سند، وسط تهديدات تطلقها الفصائل المسلّحة باستهداف القواعد الأميركية.
الاثنين 2024/08/05
النفوذ الأميركي باق في العراق بوجود القوات أو من دونها

بغداد - رفضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق البت في دعوى تتعلق ببقاء القوات الأميركية في العراق لعدم الاختصاص، وذلك في وقت يتصاعد التوتر في المنطقة وسط تهديدات تطلقها الفصائل الشيعية المسلّحة باستهداف القواعد الأميركية بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.  

ووفق وسائل إعلام عراقية فإن النائبين باسم خشان ومصطفى سند قدما الدعوى على رئيسي الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد.

وطالب النائبان في الدعوى الحكم بعدم صحة، موافقة المدعى عليهما على السماح للقوات الأميركية بالبقاء على الأراضي العراقية وإلغائه وإلزامهما باستعادة المناطق والمنشآت التي تستغلها القوات الأميركية بعد انتهاء سريان هذه الاتفاقية. وفق ما أورده موقع شفق نيوز الكردي العراقي.

كما طالب النائبان بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن العمليات التي تمت بعد انتهاء سريان هذه الاتفاقية وعن استغلال المناطق والمنشآت العراقية خلال الفترة من تاريخ 1 نوفمبر 2009 ولغاية تاريخ تسليمها الى الحكومة العراقية.

ويرغب العراق في أن تبدأ قوات التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في الانسحاب بدءا من سبتمبر، وأن تنهي عمل التحالف رسميا بحلول سبتمبر 2025، مع احتمال بقاء بعض القوات الأميركية بصفة استشارية جرى التفاوض عليها حديثا.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إفادة صحافية الشهر الماضي إن الجانبين يجتمعان في واشنطن لتحديد كيفية نقل مهمة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على أساس التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية، مضيفا أنه ليس لديه مزيد من التفاصيل.

ويأتي رفض المحكمة الاتحادية العليا للدعوى المقامة بعد ضربة أميركية استهدفت الأسبوع الماضي موقعا للحشد في قضاء جرف الصخر بمحافظة بابل جنوبي بغداد، وتسبب بمقتل وإصابة أكثر من 10 عناصر مسلحة وتدمير مواقع لجماعة حليفة لإيران.  

وإثر ذلك عقدت "هيئة تنسيقية المقاومة" اجتماعا طارئا للرد على القصف الأميركي بناء على دعوة وجهها الأمين العام للمقاومة الاسلامية "كتائب سيد الشهداء" أبوآلاء الولائي، في تصريح لعلي الفتلاوي القيادي في حركة أنصار الله الأوفياء، لوسائل إعلام محلية.

والسبت الماضي، أفادت وسائل إعلام عراقية نقلا مصدرين مقربين من "تنسيقية المقاومة العراقية"، التي تضم سبعة فصائل مسلحة رئيسة أبرزها "كتائب حزب الله"، و"حركة النجباء"، و"أنصار الله الأوفياء"، قولها إن الاجتماع الذي عقدته الجماعة انتهى بـ"التأكيد على الرد".

وتعيش العاصمة العراقية بغداد، ومدن غرب وشمال البلاد، حالة من الترقب بعد تهديدات أطلقتها جماعات مسلحة إثر القصف الأميركي لمدينة جرف الصخر، وكذا اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران الأربعاء، وتهديد إيران بالرد.

 واستدعى ذلك حالة تأهب كبيرة خوفاً من أن يكون العراق ساحة لأي تصعيد مقبل على غرار مرات كثيرة سابقة شهدتها توترات بين طهران وواشنطن.

فصائل عراقية مسلحة تتوعد واشنطن بالتصعيد
الفصائل تتوعد واشنطن بالتصعيد على استهداف بلدة جرف الصخر

وأكد الفتلاوي الثلاثاء، في تصريح لموقع "المعلومة" أن جبهات المقاومة قد توحدت وتقاتل في خندق واحد من أجل احباط مخططات إسرائيل والولايات المتحدة وضرب مصالحه وقواعده في المنطقة.

وأضاف أن "القواعد والمصالح الأميركية في العراق أو خارجه ستبقى في مرمى نيران المقاومة الإسلامية، لحين استجابة واشنطن لمطالب الشعب العراقي بإخراج قواتها من البلاد".

وحذر الخبير الأمني المقرب من الحكومة فاضل أبورغيف، من أن "أي رد ينطلق من الأراضي العراقية، سيجعل الوضع مقلقا ويضع الأمن العراقي في منزلق خطير، فأي خطوة تتخذ بعيداً عن الحكومة المركزية ستؤدي إلى تقويض جميع الجهود الرامية إلى إعادة الاستقرار إلى العراق".

وأضاف في تصريحات أوردتها صحيفة "العالم"، العراقية، بشأن طبيعة الرد المتوقع "لم نعلم بعد، آلية هذا الرد وطبيعته، وإذا حدث فهو متوقع وطبيعي لأن الفصائل معروفة بمناوأتها للوجود الأميركي، والأخير معروف بخصومته المزمنة مع الفصائل، لذلك هذا التراشق بينهم هو حرب سجال بالضربات الجوية أو الصواريخ أو المسيّرات".

ويعتقد أن "أي رد سيلقي بظلاله على المشهد الأمني في العراق، لاسيما أن المنطقة برمتها تشهد اختلالا واضحا بالاستقرار الأمني، وبالتحديد في الدول التي تتبنى محور المقاومة، لذا فمن المفترض أن تكون الحكومة هي الوحيدة التي تمتلك قرار الحرب والسلام، لأن أي رد دون العودة إليها سيقوض المشهد الأمني".

وغزت قوات بقيادة الولايات المتحدة العراق في عام 2003 وأطاحت بالرئيس السابق صدام حسين ثم انسحبت في عام 2011 لتعود في عام 2014 لقتال تنظيم الدولة الإسلامية على رأس تحالف.

وتبقي الولايات المتحدة حاليا على نحو 2500 جندي في العراق على رأس قوات تحالف يضم أكثر من 80 عضوا تم تشكيله عام 2014 لصد اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للعراق وسوريا.

وتتمركز القوات في ثلاث قواعد رئيسية في بغداد ومحافظة الأنبار غرب العراق وإقليم كردستان في الشمال.

ولم يتضح بعد عدد القوات التي ستغادر حال التوصل لاتفاق، إذ تقول مصادر عراقية إنها تتوقع رحيل معظم القوات في نهاية المطاف، لكن مسؤولين أمريكيين يقولون إن من المحتمل أن يبقى عدد كبير من أجل مهمة لتقديم المشورة والدعم يجري التفاوض عليها.

ويحرص المسؤولون الأميركيون على الاحتفاظ بموطئ قدم للقوات في العراق على أساس ثنائي، وذلك جزئيا للمساعدة في دعم وجودها في سوريا حيث يوجد نحو 900 جندي.

ويرتبط الأمر بالسياسة بشكل وثيق، إذ تسعى الفصائل السياسية العراقية المتحالفة مع إيران بشكل أساسي إلى إظهار أنها تسعى إلى إخراج القوات المحتلة سابقا من البلاد مرة أخرى، في حين يرغب المسؤولون الأمريكيون في عدم منح إيران وحلفائها أي انتصار.

كما أن هناك مخاوف من قدرة تنظيم الدولة الإسلامية على إعادة ترتيب صفوفه.

وأعلن الجيش الأميركي أن التنظيم هُزم فيما يتعلق بسيطرته على مناطق في العراق عام 2017 وفي سوريا عام 2019 لكنه لا يزال ينفذ هجمات في كلا البلدين وفي طريقه لزيادة الهجمات في سوريا إلى المثلين هذا العام مقارنة بعام 2023.

كما نفذ التنظيم وجماعات تابعة له خلال الشهور القليلة الماضية هجمات في إيران وروسيا، وهجمات للمرة الأولى في سلطنة عمان الأسبوع الماضي.

وفي حين تتمثل مهمة التحالف في تقديم المشورة والدعم للقوات العراقية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، يقول مسؤولون غربيون إن الولايات المتحدة وحلفاءها يرون أيضا أن وجود القوات في العراق يعمل على مراقبة النفوذ الإيراني.

وبدأت واشنطن وبغداد محادثات حول مستقبل التحالف في يناير وسط هجمات متبادلة بين الفصائل المسلحة الشيعية المتحالفة مع إيران والقوات الأمريكية، وهي مواجهات أشعلتها الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة.

ويمكن أن يشكل الاتفاق على انسحاب قوات التحالف انتصارا سياسيا للسوداني الذي تعرض لضغوط من الفصائل المتحالفة مع إيران لإخراج القوات الأميركية لكنه سعى إلى تحقيق ذلك بطريقة تحقق التوازن بين موقف العراق الحساس نظرا لأنه حليف لكل من واشنطن وطهران.