وزارة التربية التونسية تزف بشرى للمدرسين المتعاقدين بانتدابهم

تسوية وضعية الأستاذة والمعلمين والمرشدين التطبيقيين وأعوان التأطير يجسد إصرار الدولة على إنهاء عقود التشغيل الهشة.
السبت 2024/08/03
قيس سعيد يقطع الطريق على النقابات

تونس - أعلنت وزارة التربية في تونس اليوم السبت أنه سيصدر قريبا الأمر المنظم لانتداب المتعاقدين من جميع الأسلاك بالوزارة وهم الأساتذة والمعلمون، والمرشدون التطبيقيون وأعوان التأطير، وذلك في خطوة لحلحلة هذا الملف الشائك والذي ظل عالقا منذ أكثر من 6 سنوات، في إطار عقود العمل الهشة التي استخدمتها الحكومات المتعاقبة لإسكات الأصوات المحتجة.

ويجسّد هذا الإعلان الذي يأتي قبل نحو شهر ونصف من انطلاق العودة المدرسية في تونس في 16 سبتمبر المقبل، إصرار الدولة على إنهاء عقود العمل الهشة، وقطع الطريق على النقابات التي طالما استخدمت هذا الملف للضغط على الحكومات المتعاقبة.

لكن في نفس الوقت يثير الإعلان تساؤلات بشأن المتغيرات التي طرأت على سياسة الوزارة حتى تتخذ هذه الخطوة الجريئة بالنظر إلى شحّ المالية الذي تعاني منه البلاد واستنزاف الملف للخزينة العامة.

وأوضحت الوزارة في بيان نشرته عبر صفحتها على فيسبوك أن أمر الانتداب سيكون إما دفعة واحدة أو على دفعات، قاطعا مع سنوات التهميش والظلم والمتاجرة بحقوق المتعاقدين.

وأكدت أن صدور الأمر يأتي إثر سعي مطول من وزيرة التربية لحل جميع مشكلات القطاع وبدعم مطلق من رئيس الجمهورية قيس سعيد معتبرة أن هذا الاجراء سيُعيد للمنظومة التربوية التونسية إشعاعها بين جميع بلدان العالم.

ودعت الوزارة المدرسين المتعاقدين من الأسلاك المذكورة إلى إحياء ليلة احتفالية مساء الإثنين 5 أوت بداية من السابعة مساء أمام مقرها بباب بنات.

ويأتي إعلان الوزارة بعد ساعات قليلة من لقاء الرئيس سعيد بوزيرة التربية سلوى العباسي بقصر قرطاج، حيث أكد الرئيس التونسي على "ضرورة ايجاد حل نهائي للمعلمين والأساتذة النواب إلى جانب المرشدين التطبيقيين وأعوان المخابر وذلك بالاعتماد على معايير واضحة تضمن حقوقهم بل تنهي عديد الأوضاع المأساوية التي ما كان لها أن تصل إلى هذا الحد لو تم منذ سنوات معالجة هذا الموضوع بطريقة واضحة وسليمة تضمن حقوق المعنيين وحقوق الناشئة على حد السواء".

وخلال هذا الاجتماع تطرق الرئيس التونسي إلى التعهد بالمنشآت التربوية خاصة مشيرا إلى أن الاعتمادات المرصودة متوفرة هذا فضلا عن استعداد المواطنين للمساهمة في عمليات التعهد والصيانة.

كما أكد سعيد على ضرورة الاستعداد من الآن للعودة المدرسية والعمل أيضا على توفير الحماية للتلاميذ ولمحيط المدارس والمعاهد إلى جانب النقل مشددا على أن أهم مكسب لتونس هو التعليم وأن أثمن ثروة هي الثروة البشرية وأهم حصن ضد كل أنواع الإرهاب والاستيلاب والانحراف هو التعليم الوطني الذي يجب أن يتوفر للجميع على قدم المساواة.

ويعد ملف المدرسين النواب من الملفات المعقدة في تونس حيث ينفذ هؤلاء بشكل مستمر احتجاجات وإضرابات عن العمل تعطل سير الدروس وتهدد بسنة دراسية بيضاء.

وتُجسّد وضعية المدرسين المعوضين خيارات التشغيل الهشة التي اعتمدتها حكومات ما بعد 2011، من أجل شراء سلم اجتماعي وإسكات أصوات قد تحتج ضدّ السلطة، فوجد الآلاف من المدرّسين أنفسهم في وضعية تهميش وبعيدة عن مقاييس التوظيف في القطاع العمومي.

ويعتبر الأساتذة النواب إحدى الآليات التي تعتمدها وزارة التربية في تونس للتعويض المؤقت في سلك التعليم بالاعتماد على الخريجين الجامعيين، مع إبقائهم على لائحة الانتظار ما يمنحهم لاحقا الأولوية في التعيين عند تسجيل نقص في أعداد المدرسين.

ولا تزال تونس تعاني من تركة ملف التشغيل الهش، والتي تتعلق بالمعلمين والأساتذة النواب، فضلا عن ملف عمال الحضائر وعدد من الآليات (الآلية 16 وآلية البيئة والبستنة)، وهي حلول اعتمدتها سلطات ما بعد 2011 في ظل تزايد المطلبية على الشغل.

وكان الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي محمد الصافي قد قال، الأربعاء خلال ندوة مؤتمر نظمته الجامعة، إن "الشغورات في صفوف الأساتذة قد تصل إلى 7 آلاف شغور خلال السنة الدراسية المقبلة بعد أن كانت في حدود 5300 شغور خلال السنة الفارطة".

وأشار إلى أن "التراجعات التي شهدها ملف الأساتذة النواب"، معتبرًا أن ذلك خلّف "حالة احتقان كبيرة" لدى هذه الشريحة التي تنفذ وقفة احتجاجية أمام وزارة التربية التونسية الأربعاء الماضي.

وأفاد بأن الجامعة العامة للتعليم الثانوي اتفقت مع وزارة التربية التونسية سابقًا من أجل تشكيل لجنة للمقاييس لتحديد الأولوية في الانتدابات، وقد تم الاتفاق أيضًا بشأن قائمة استثنائية وقائمة تتعلق بدفعة 2023 مع إدراج النواب كبار السن ما بين 45 و60 عامًا خارج النسبة المحددة.

وأكد الصافي في المقابل أن "الوزارة تجاهلت كل هذه الالتزامات وتنصلت من تعهداتها، وغيرت المقاييس بشكل أحادي الجانب وأصدرت قائمة قالت إنها محينة ما خلّف موجة غضب في صفوف الأساتذة النواب".