اندفاع محفوف بالمطبات لكسب رهان تطوير الشاحنات الهيدروجينية

بعض أكبر الشركات في العالم تعمل على إعادة تصميم محركات الاحتراق لتعمل بالهيدروجين منخفض الانبعاثات بدلا من الديزل الملوث.
الجمعة 2024/08/02
مهمة معقدة

برلين - تتقاطع خطط مصنعي الشاحنات العملاقة في اندفاعهم المحفوف بالمطبات للظفر برهان استخدام خلايا وقود الهيدروجين، حيث تبرز في طريقهم تحديات معقدة لتحقيق تلك الطموحات، والتي تتزايد الشكوك حول قدرتها على الانتشار.

وتعمل بعض أكبر الشركات في العالم، بما في ذلك فولفو السويدية ومان الألمانية، على إعادة تصميم محركات الاحتراق لتعمل بالهيدروجين منخفض الانبعاثات بدلا من الديزل الملوث.

ويسود اعتقاد على نطاق واسع أن الهيدروجين هو حل أسرع ومنخفض الكلفة لتحدي التحول الأخضر، والذي قد يمنح التكنولوجيا المحتضرة فرصة جديدة للحياة.

ويواجه قطاع تصنيع الشاحنات مهمة موازنة معقدة للوصول إلى انبعاثات صفرية، إذ تبدو البطاريات الكهربائية ثقيلة للغاية لعمليات الشحن لمسافات طويلة وتستغرق وقتا طويلا للشحن.

ويقلل استخدام خلايا وقود الهيدروجين لتوليد الكهرباء من الوزن ويطيل مدى الشاحنات، لكن التحول إلى هذه التكنولوجيا مكلف حيث تحتاج الشركات إلى تصميم أنظمة شاحنات جديدة.

ولهذا السبب، حولت الشركات ومورديها تركيزها الفوري على تطوير محركات الاحتراق بالهيدروجين كحل أسرع وأرخص يمكن أن يعتمد على خطوط التصنيع الحالية التي كانت محركا اقتصاديا رئيسيا لدول مثل ألمانيا، وفقا لما قاله مسؤولون تنفيذيون لرويترز.

وتزايدت المخاوف بشأن ما قد يحدث لآلاف الوظائف في مصانع تصنيع المحركات مع تحول شركات تصنيع الشاحنات نحو خيارات البطاريات وخلايا الوقود.

راينر روسنر: الكل يعمل على هذه التقنية حتى مع عدم توفر الهيدروجين
راينر روسنر: الكل يعمل على هذه التقنية حتى مع عدم توفر الهيدروجين

وقال راينر روسنر، نائب رئيس المبيعات في قسم المحركات بشركة مان، وهي جزء من وحدة شاحنات فولكسفاغن تراتون، إن “الجميع يعملون على هذا”، حتى مع عدم توفر الهيدروجين الأخضر المنتج من مصادر متجددة على نطاق واسع بعد.

وأضاف لرويترز إنه “بمجرد توفر الهيدروجين، سيرتفع الطلب على احتراق الهيدروجين”.

وفي أول مشروع تجريبي لها، ستسلم شركة مان حوالي 200 شاحنة بمحركات تعمل بالهيدروجين لزبانها الأوروبيين العام المقبل للاختبار في أساطيلهم، وهي خطوة رئيسية على الطريق نحو الإنتاج الضخم.

ولا تزال شركات تصنيع الشاحنات تستثمر في تطوير خلايا وقود الهيدروجين، حيث تقول إن هناك مجالًا لكلا التقنيتين للتواجد جنبا إلى جنب لأنواع مختلفة من المركبات واستخداماتها.

وتخطط فولفو لصناعة الشاحنات، التي تقول إنها ستطرح أيضا شاحنات تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني “تجاريا في النصف الثاني من هذا العقد”، لاختبار نماذج محركات الاحتراق الهيدروجيني للمستخدمين بدءا من عام 2026.

وقال كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة لارس ستينكفيست إن محركات الاحتراق الهيدروجيني “لن تشكل الأغلبية” من مبيعات فولفو، “لكنها ستكون بحجم كبير”.

ويؤكد أندرس يوهانسون، نائب رئيس المركبات الثقيلة في ويستبورت فيول سيستمز، ومقرها فانكوفر، إن شركته قدمت أنظمة تزويد بالوقود لستة آلاف شاحنة بمحركات احتراق في أوروبا تعمل بالغاز الطبيعي أو الغاز الحيوي ويمكن تكييفها بسهولة مع الهيدروجين.

الشاحنات التي تعمل بمحركات الاحتراق ستكون أسهل في التعامل معها في الأمد المتوسط مقارنة بنماذج خلايا الوقود لأنها تقنية مألوفة لديهم

ورغم أن هذه التقنية ناضجة نسبيا، لكن ثمة تحديات يجب التغلب عليها، فعلى عكس خلايا الوقود، فإن حرق الهيدروجين يمكن أن ينتج بعض الانبعاثات الضارة التي قال مايكل كروجر، نائب الرئيس الأول للهندسة في المورد الرئيسي بوش، إنها “ستتطلب مرشحا”.

ويستخدم نظام محرك ويستبورت حاليا واحدا في المئة من كمية الديزل المستخدمة في إشعال الهيدروجين، والذي قال يوهانسون إنه “سيتم تقليله واستبداله في النهاية بوقود خال من الكربون”.

كما تحتاج شاحنات الهيدروجين إلى خزانات مضغوطة أكبر من تلك المستخدمة للديزل، لذلك تعمل شركات مثل كييو الناشئة، ومقرها ميونيخ، على أشكال مختلفة لتقليص حجمها. ويجب أن تكون آمنة في جميع الظروف لأن الهيدروجين غاز قابل للاشتعال السريع.

ومع ذلك، فإن أكبر مشكلة تواجه محركات احتراق الهيدروجين وخلايا الوقود على حد سواء هي ندرة توفر الهيدروجين الأخضر.

وتمول أوروبا والولايات المتحدة مشاريع الهيدروجين الأخضر جنبا إلى جنب مع شركات تصنيع الشاحنات مثل دايملر وشركات الطاقة العملاقة مثل بي.بي. ولكن طرح هذه التقنية كان بطيئا، وسيستغرق الأمر سنوات لبناء البنية الأساسية الكافية للتزود بالوقود.

أكبر مشكلة تواجه محركات احتراق الهيدروجين وخلايا الوقود على حد سواء هي ندرة توفر الهيدروجين الأخضر

وعلى الرغم من التحديات، يقول كبار الموردين مثل بوش وكومينز إن شركات تصنيع الشاحنات تبنت محرك احتراق الهيدروجين لأنها تمتلك بالفعل مصانع وسلاسل توريد مخصصة لهذه التقنية.

وقال أندريه كروجر من بوش لرويترز “نريد أن نكون سريعين. ولهذا السبب تلعب هذه التقنية دورا”.

كما تعمل شركات تصنيع الشاحنات من مجموعة إيفيكو الإيطالية وداف، وهي وحدة أوروبية لشركة صناعة الشاحنات الأميركية باكار، على خيارات احتراق الهيدروجين.

وفي الأسبوع الماضي كشفت شركة دايملر الألمانية عن نموذجين أوليين لمركبتين تعملان بمحرك احتراق الهيدروجين.

وقال جوناثان وود، كبير المسؤولين الفنيين في الشركة، إن شركة كومينز التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، “ستوفر نماذج اختبارية للزبائن في مناطق مختلفة في العام أو العامين المقبلين، وينبغي أن يكون لديها منتج جاهز للسوق في غضون خمس سنوات”.

ويعتقد بعض مصنعي الشاحنات والموردين أن محركات الاحتراق التي تعمل بالغاز الطبيعي أو الغاز الحيوي يمكن أن توفر حلاً مؤقتًا منخفض الانبعاثات مقارنة بالديزل، بدلا من ترك أساطيل الشاحنات تنتظر توفر الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع.

ويرى وود أن تصنيع محرك احتراق الهيدروجين يتضمن تغيير بعض المكونات الرئيسية في نماذج الغاز الطبيعي، مما سيسمح للمستخدمين بالعمل “على طريقهم إلى أسفل منحنى انبعاثات الكربون”، من الديزل إلى الغاز الطبيعي ثم الهيدروجين.

وأوضح أنه بالإضافة إلى كونها تحولًا أسهل للمصنعين، فإن الشاحنات التي تعمل بمحركات الاحتراق ستكون أسهل في التعامل معها في الأمد المتوسط مقارنة بنماذج خلايا الوقود لأنها تقنية مألوفة لديهم، وهو ما اعتبره يوهانسون اتجاها “يغير قواعد اللعبة”.

10