إيقاف مدير عام الخطوط التونسية يسلط الضوء على استمرار الفساد في الشركة

تونس - أعلنت السلطات التونسية، إيقاف رئيس مدير عام شركة الخطوط التونسية (تونيسار) خالد الشلي في خطوة جديدة سلطت الضوء على تواصل ممارسات الفساد المالي والإداري، داخل الشركة.
وتقول أوساط سياسية في تونس، إنه في الوقت الذي تم فيه تعيين خالد الشلّي لمعالجة الأزمة الخانقة التي تمر بها مؤسسة الخطوط الجوية التونسية، تبيّن أن التعيين لم يقلّص من ممارسات الفساد الإداري والمالي ولم يحلّ المشاكل التي جاء من أجل حلّها داخل المؤسسة.
ويقود الرئيس التونسي جهودا حثيثة لمحاربة الفساد الذي ينخر المؤسسات العمومية، على غرار الخطوط التونسية، عبر إغراقها بالتعيينات العشوائية، وكثيرا ما دعا إلى تطهيرها ممن يصفهم بـ”المندسين” وإنقاذ تلك المؤسسات من شبح الإفلاس، كما يعتبر أنها “مخترقة” من أشخاص يعمدون إلى تعطيلها وخصوصا ممن تم تعيينهم بعد 2011.
وقررت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء سجن رئيس مدير عام شركة الخطوط التونسية خالد الشلي في علاقة بملف قضية الكاتب العام لنقابة الخطوط الجوية التونسية نجم الدين المزوغي.
وأكد المتحدث باسم المحكمة في تصريح لإذاعة “موزاييك” الخاصة، أن الشلي “سيمثل الأربعاء أمام النيابة العمومية بعد أن أذنت لأعوان الإدارة الفرعية للقضايا الإجرامية بالقرجاني بالتمديد في الاحتفاظ به مدة 48 ساعة إضافية”.
وكانت النيابة العمومية قد أذنت سابقا بالاحتفاظ بالمزوغي على إثر إيقافه بأحد المعابر الحدودية من أجل تتبعات تتعلق ”بتدليس شهائد علمية وإعداد محل لتعاطي البغاء والتوسط فيه والارتشاء عبر استخلاص مبالغ مالية للتدخل في الانتدابات والترقيات صلب شركة الخطوط الجوية التونسية”.
وتعاني شركة الخطوط التونسية من صعوبات مالية وهيكلية منذ سنوات، ومن زيادة كبيرة في أعداد الموظفين فوق حاجتها الحقيقية.
وأثير ملف الفساد داخل المؤسسة منذ ثلاث سنوات، حيث وجهت اتهامات لمسؤولين كبار.
كما صدرت قرارات بحجر السفر على رؤساء عامين سابقين في الشركة على خلفية تورّطهم في قضايا فساد إداري ومالي واستغلال مناصبهم لتحقيق منافع شخصية.
وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي بأن "إيقاف الكاتب العامة لنقابة الخطوط التونسية أفضى إلى سرد أسماء العديد من الأشخاص من بينهم الرئيس المدير العام للمؤسسة الذي ما زال قيد الإيقاف التحفظي إلى حدّ الآن".
وأضاف في تصريح لـ”العرب”، "المؤسسة تتوفر على 10 طائرات وتشغّل 8 آلاف موظّف مقارنة مع المغرب التي تملك قرابة 50 طائرة وتشغل خطوطها الجوية 4 آلاف موظّف، وهذا ما يبيّن حجم الفساد الإداري".
شركة الخطوط التونسية تعاني من صعوبات مالية وهيكلية منذ سنوات، ومن زيادة كبيرة في أعداد الموظفين فوق حاجتها الحقيقية
وتابع الرابحي ” مع الأسف هناك موظّفين وضعتهم السلطة، لكن اتّضح أن عديد الأسماء منهم غير قادرة على تحمل هذه المسؤوليات وإدارة المؤسسات الكبيرة، والرئيس قيس سعيد قال، هناك من ائتمنوا وخانوا الأمانة، وهذا يحدث في بعض الأحيان”.
ولفت المحلل السياسي إلى “ضرورة أن توضع مؤسسة الخطوط التونسية مع الشريك الاجتماعي، (في إشارة إلى الاتحاد العام التونسي للشغل)، حتى يتم عقد برنامج بخصوصها وإعادة هيكلتها”.
وأجرت السلطات التونسية عمليات تدقيق واسعة في ملفات مالية تخص الشركة، بطلب من الرئيس قيس سعيد، الذي كان قد طالب قي زيارة غير معلنة له في أبريل الماضي إلى شركة الخطوط التونسية بفتح كل ملفات الفساد المتعلقة بها، مطالبا بتطهيرها من التعيينات التي تتوفر فيها الشروط القانونية. وكشف عن وجود ما يناهز 130 شهادة مزورة لأشخاص تم إدماجهم في الشركة.
وسرّع سعيد وتيرة الكشف عن ملفات الفساد، وقال في ديسمبر الماضي إن عشرات الملفات تصله يوميا وتشمل عدة قطاعات كالنقل والصحة والأدوية وأملاك الدولة والصفقات العمومية والمواد الأساسية.
وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي قد أذنت في شهر أبريل الماضي، للفرقة المركزية الثالثة للبحث في الجرائم المالية المتشعبة التابعة للحرس الوطني بالعوينة بمواصلة الأبحاث للكشف عن الأطراف التي سهّلت عمليات التزوير تلك، وفق ما صرح الناطق الرسمي للنيابة العمومية لدى المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة لوكالة الأنباء الرسمية في تونس.
وأودعت السلطات القضائية التونسية في القضية، ثلاثة موظفين من الناقلة الجوية التونسية السجن للاشتباه في عمليات توظيف واسعة النطاق لموظفين بشهادات مزورة.
ووفق مؤشرات نشرت على موقع بورصة الأوراق المالية بتونس، شهدت الناقلة الوطنية انهيارا واضحا في إيراداتها تجاوز 29 في المئة خلال الستة أشهر الأولى لعام 2021.