واشنطن حريصة على تعزيز الشراكة الأمنية مع تونس

يعكس البرنامج الذي أميط عنه اللثام لتدريب الآلاف من عناصر الحرس التونسي، حرصا أميركيا على الحفاظ على علاقات أمنية قوية مع تونس، الحليف البارز من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو).
تونس - تم الكشف الثلاثاء عن برنامج طموح بين تونس والولايات المتحدة لتدريب وتأهيل الآلاف من عناصر الحرس الوطني التونسي وفق معايير دولية.
جاء ذلك خلال مؤتمر إعلامي نظمته الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي بالشراكة مع “معهد الولايات المتحدة الأميركية للسلام”، بالعاصمة تونس، للتعريف بمشروع “إرساء نظام التعلم صلب الإدارة العامة للحرس الوطني التابعة لوزارة الداخلية التونسية”.
وقال سفير الولايات المتحدة في تونس جوي هود، في كلمة له بالمناسبة “اليوم مرحلة مهمة من التعاون بين البلدين في مجال الأمن والذي سيمثل ثورة في تكوين أكثر من 35 ألف عون من الحرس الوطني بمعايير دولية مما سيمكنهم من مزيد الحرفية”.
ولفت السفير الأميركي إلى أن بلاده دعمت تونس في المجال الأمني بأكثر من مليار دولار منذ سنة 2011، وذلك من خلال توفير التكوين اللازم والتجهيزات، منوّها بمجهودات قوات الأمن التونسي في المحافظة على الأمن في تونس وجعلها وجهة آمنة للاستثمار.
وترتبط تونس والولايات المتحدة بشراكة مميزة على الصعيدين الأمني والعسكري، ولم يؤثر الفتور السياسي الذي طبع العلاقات بين الجانبين منذ الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021 على هذه الشراكة.
ويرى متابعون أن البرنامج الطموح الذي أعلن عنه لتدريب الآلاف من عناصر الحرس الوطني، يعكس حرصا أميركيا على الحفاظ على علاقات أمنية قوية مع تونس، الحليف البارز من خارج حلف شمال الأطلسي.
ويلفت المتابعون إلى أن هذا البرنامج سيكون له بالتأكيد تأثير مهم على تطوير قدرات الحرس الوطني الذي يضطلع بمهام كبيرة سواء في علاقة بضبط الأمن داخل البلاد، وفي التصدي للتهديدات الإرهابية والتهريب وتجارة البشر.
وأكد سفيان بالصادق كاتب دولة لدى وزير الداخلية مكلف بالأمن الوطني أن “تعاون تونس والولايات المتحدة في مختلف المجالات ومنها المجال الأمني يترجم عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين”.
وأشار بالصادق إلى أن “تونس اعتمدت على مقاربة تقوم على تدعيم الشراكة مع البلدان الشقيقة والصديقة والمنظمات والهيئات الدولية وذلك بهدف تعزيز قدرات منتسبي وزارة الداخلية في مختلف الاختصاصات والارتقاء بجودة العمل على أساس سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وفي إطار مقاربة إصلاحية تقوم على بناء الثقة وخلق آليات للتواصل والحوار والشراكة مع كافة مكونات المجتمع”.
اقرأ أيضا:
وتحدث المسؤول في وزارة الداخلية التونسية عن المجهود المبذول مع الشركاء من أجل إصلاح المنظومة التكوينية من خلال تطوير مناهج التكوين وفقا للمعايير الدولية والوطنية للجودة والتميز من خلال إرساء نظام رقمي لإدارة التعلم بالإدارة الوطنية للحرس الوطني، مضيفاً “هذه تجربة نموذجية أولى من نوعها على الصعيدين الوطني والإقليمي والتي ستساهم من تطوير القدرات والرفع من الكفاءة والمردودية لمنتسبي الإدارة العامة للحرس الوطني”.
ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة على الرغم من التحفظات التي تبديها حيال سياسات الرئيس سعيد، لكنها تحرص على ترك المجال مفتوحا لتعزيز التعاون الثنائي خصوصا وأن تونس تحتل موقعا جيوستراتيجيا مهما.
ويقول المراقبون إن واشنطن لا تريد أن تترك المزيد من الثغرات لموسكو للتغلغل في منطقة شمال أفريقيا، وهو ما يتضح من خلال عملها على تعزيز العلاقات مع الجزائر، والأمر ذاته ينطبق على تونس.
وشهد اليوم الإعلامي الكشف عن منصة رقميّة “نظام إدارة التعلم” تمثل فضاء تكوينيا تفاعليا يضم الجوانب الاستراتيجية والبيداغوجية واللوجستية، موزعة على 100 مركز تكوين عن بعد في كامل تراب الجمهورية يهم 1500 دارس في الوقت ذاته.
وأوضح الناطق باسم الإدارة العامة للحرس الوطني العميد حسام الدين الجبابلي، إن إدارة الحرس الوطني أن المنصة تُسهل العملية التكوين خاصة بالنسبة للمناطق البعيدة عن مدارس التكوين، مؤكّدا أنها فرصة للمحافظة على الكفايات العلمية والعملية لمنتسبي سلك الحرس الوطني.