الجزائر تعتزم زيادة مساحة زراعة الحبوب في الموسم المقبل

مساحة الأراضي الزراعية المخصصة للحبوب تبلغ أقل من ثلاثة ملايين هكتار، وفق التقديرات الرسمية، منها نحو 450 ألف هكتار فقط مروية.
الأربعاء 2024/07/31
الكميات المحصودة لا تغطي الطلب

الجزائر- كشفت الجزائر أنها تخطط لزيادة المساحة المخصصة لزراعة الحبوب خلال الموسم المقبل رغم الجفاف، وذلك في مسعى من البلد النفطي لتأمين سلة غذاء أكثر من 46.3 مليون نسمة وتقليص الواردات بشكل أكبر قدر الإمكان.

وأعلن وزير الفلاحة والتنمية الريفية يوسف شرفة خلال اجتماع عقده الاثنين الماضي أن “الهدف المسطر مبدئيا يقضي ببلوغ مساحة 3.2 مليون هكتار خلال موسم 2024 – 2025 مع توفير 5.2 مليون قنطار من البذور لهذا الغرض”. وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المخصصة للحبوب أقل من ثلاثة ملايين هكتار، وفق التقديرات الرسمية، منها نحو 450 ألف هكتار فقط مروية.

وأشار شرفة إلى أنه مع نهاية شهر أغسطس المقبل سيتم تحديد الأهداف الخاصة بكل ولاية (محافظة) بشكل “دقيق” لحملة الحرث والبذر مع ضبط وتوفير البذور والأسمدة اللازمة تحسبا لذلك.

ووصف النتائج المحققة خلال الموسم الحالي بـ”المعجزة” نظرا إلى العراقيل التي عرفتها عملية توزيع البذور والأسمدة على المزارعين قبل أن يتم تدارك الوضع في شهر ديسمبر 2023.

يوسف شرفة: الهدف المسطر مبدئيا يقضي ببلوغ 3.2 مليون هكتار
يوسف شرفة: الهدف المسطر مبدئيا يقضي ببلوغ 3.2 مليون هكتار

وشدد شرفة خلال الاجتماع مع كوادر الوزارة على تفادي تكرار سيناريو الموسم الماضي، موجها مدراء المصالح الزراعية بالأخذ بمتطلبات المهنيين المتعلقة بحملة البذر والحرث باعتبارهم أدرى بالميدان.

وتوقعت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، مع بدء موسم الحصاد في مايو الماضي، أن يتراوح إنتاج القمح خلال موسم 2023 – 2024 ما بين 5 و5.5 مليون طن مقارنة مع 3.5 مليون طن في الموسم السابق.

وشملت المساحات التي تم حصادها خلال الفترة الممتدة بين يونيو ويوليو من هذا العام أكثر من 1.1 مليون هكتار من أصل أكثر من 2.8 مليون هكتار قابلة للحصاد، أي ما يمثل 40 في المئة من المساحة المزروعة، وفق المدير العام للإنتاج الفلاحي مسعود بن دريدي.

وتستهلك الجزائر، التي تعتمد بشكل مفرط على إيرادات الوقود الأحفوري، ما بين 9 و12 مليون طن سنويا من القمح بنوعيه اللين والصلب، جزء منه مستورد من الخارج وخصوصا فرنسا وبكميات محدودة من كندا.

وينتشر استهلاك القمح اللين بشكل كبير في البلاد، إذ يستعمل الطحين (الدقيق) في إنتاج الخبز في مخابز البلاد، بينما يستخدم طحين القمح الصلب (السميد) لدى العائلات في صناعة الخبز التقليدي خصوصا. وفي يونيو الماضي أكد مجلس الوزراء أن الإنتاج الوفير من القمح الصلب في البلاد هذا الموسم سمح بتوفير 1.2 مليار دولار لخزينة الدولة.

وذكر بيان للمجلس آنذاك أن الرئيس عبدالمجيد تبون أمر بتحديد هدف إستراتيجي لتوسيع المساحات المزروعة في الجنوب الكبير إلى نصف مليون هكتار، خاصة مع استثمار قطر 117 ألف هكتار، وإيطاليا 36 ألف هكتار، علاوة على استثمارات محلية في 120 ألف هكتار.

ومع ذلك اضطرت الجزائر إلى زيادة مشترياتها من القمح هذا العام رغم أن البلاد تتجه إلى إنتاج محلي أكبر هذا الموسم قياسا بالسابق، الأمر الذي يعكس مدى التحديات التي تواجه البلد لإطعام سكانه.

وتأتي هذه المشتريات لتؤكد أن البلد مازال يعتمد على الاستيراد لتغطية الطلب المحلي، الذي يتجاوز سبعة ملايين طن سنويا، بسبب عدم قدرته على تحقيق كفايته من هذه الحبوب عبر الإنتاج المحلي.

وبغض النظر عن الجفاف وتأثيراته على الزراعة، فإن لجوء البلد إلى المزيد من الاستيراد يعطي دليلا على ضيق خيارات الحكومة لاسيما وأن المسؤولين منذ 2019 ما فتئوا يؤكدون أنهم سيستغلون المساحات المهملة لزيادة المحاصيل دون أن يحرزوا تقدما يذكر.

64.6

مليار دولار مخزون العملة الصعبة في نهاية الثلث الأول من هذا العام وانخفضت معدلات التضخم إلى خمسة في المئة

ويقول خبراء إن اللافت للانتباه هو أن بلدا مثل الجزائر يفترض أن فيه مساحات زراعية شاسعة على بعد مرمى حجر من فرنسا، التي تعد من أكبر منتجي القمح في العالم، عاجز عن زراعة أراضيه بما يلبي احتياجات سكانه. ورغم السياق العالمي الذي يتسم بالتقلب في ظل تغير مناخي مزعج يؤثر على الإنتاج الزراعي، حققت الجزائر مكاسب كبيرة من تجارة النفط والغاز.

وأكد البنك الدولي في تقرير حديث نشره على منصته الإلكترونية أن الاقتصاد الجزائري حافظ على ديناميكيته وتجلى ذلك بمعدل نمو ناهز 4 في المئة “بفضل الأداء القوي في قطاعات المحروقات وخارج المحروقات”.

ويرجع ذلك إلى ديناميكية الاستهلاك الخاص وزيادة قوية في الاستثمار، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في الواردات. ويشير التقرير أيضا إلى أن الإنتاج القياسي للغاز الطبيعي عوض انخفاض إنتاج النفط الخام بسبب تخفيضات الحصص الطوعية داخل تحالف أوبك+.

وقال ممثل البنك في الجزائر كمال براهم مؤخرا إن “الاقتصاد الجزائري قد سجل خلال السنوات الثلاث الأخيرة نسبة نمو ناهزت 4 في المئة، وهي النسبة التي تم الحفاظ عليها في سياق تجد فيه العديد من البلدان صعوبة في تحقيق نمو إيجابي”. وأوضح أن فترة وباء كورونا حفزت الاقتصاد الجزائري، لاسيما الصناعة التي ازدهرت لتلبية الطلب الداخلي عكس بلدان أخرى واجهت صعوبات.

ورغم انخفاض الأسعار العالمية للمحروقات وزيادة الواردات وتقلص الميزان التجاري الذي نتج عنهما، استمرت احتياطات النقد الأجنبي للبلد في النمو، حيث وصلت إلى 16 شهرا من الواردات في نهاية عام 2023.

وتشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي إلى أن مخزون العملة الصعبة بلغ في نهاية الثلث الأول من هذا العام 64.6 مليار دولار. وانخفضت معدلات التضخم إلى خمسة في المئة في الربع الأول من عام 2024، مقارنة بنحو 9.3 في المئة بنهاية العام الماضي.

11