السعودية في نقلة جديدة باتجاه ترسيخ صناعة التعدين

الرياض - شكل إدراج ميناء جدة في بورصة لندن دفعة قوية لخطط السعودية في صناعة التعدين، والتي ترمي من خلالها أن يكون ثالث محرك إستراتيجي للتنمية وفق أجندة التحول التي تبقى على تنفيذها ست سنوات.
وأعلنت الهيئة العامة للموانئ الثلاثاء أن الخطوة تمت من خلال الشريك الإستراتيجي شركة لوجي بوينت التابعة لمجموعة سيسكو، مبينة أن ذلك يؤكد الدور المحوري للميناء في دعم التجارة العالمية.
وقالت في بيان إن إدراج الميناء في بورصة لندن للمعادن كمركز تسليم جديد للنحاس والزنك، خطوة مهمة للمساهمة في جعل المملكة منصة لوجستية عالمية، ويعزز جاذبيتها كوجهة استثمارية للبورصات العالمية”.
كما “يضع الميناء ضمن المنصات العالمية الخاصة بتخزين المعادن التي يتم تداولها ضمن البورصة، مما يعمل على تحويله إلى مركز توزيع عالمي”.
وترى الحكومة أن ذلك سيسهم أيضا في زيادة سيولة السوق وتوفير خيار تسليم إضافي للمواد، ما يساعد على جذب مزيد من المستثمرين، وتحسين كفاءة سلسلة التوريد، ودعم نمو قطاع من خلال توفير منصة تداول أكثر سهولة للمواد المعدنية.
وبورصة لندن تُعد واحدة من أكبر بورصات تداول المعادن بالعالم، وتشكل المركز العالمي لتجارة المعادن الصناعية، حيث تتم غالبية أعمال العقود الآجلة للمعادن غير الحديدية عبر منصاتها.
وتصنف السعودية التعدين الركيزة الثالثة للصناعة إلى جانب النفط والغاز، والبتروكيماويات، ما دفعها إلى تسريع وتيرة تطوير البيئة التنظيمية بهدف جذب الشركات من حول العالم للاستثمار في القطاع.
ويسعى البلد الخليجي إلى تحقيق أقصى استفادة من قطاع التعدين في إطار برنامجها للتحول الاقتصادي بعيدا عن النفط. ووافق مجلس الوزراء مؤخراً على إنشاء “البرنامج الوطني للمعادن”، ليكون تحت اختصاص وزارة الصناعة والثروة المعدنية.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز مكانة السعودية كمركز إقليمي وعالمي لقطاع التعدين والمعادن، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المحلية والعالمية المتزايدة على المعادن، وبناء القدرات المحلية، والمساهمة في عمليات الاستكشاف.
وتحاول السلطات من خلال البرنامج، ضمان جودة وكفاية سلاسل الإمداد للمعادن الحالية والمستقبلية، بالإضافة إلى تطوير وإدارة المخزونات الإستراتيجية للمعادن، مع حصر وتأمين احتياجاتها منها، فضلا عن توفير الإمدادات الصناعية من المواد الخام التعدينية.
وتبحث السعودية عن وسائل لاستيراد الليثيوم من تشيلي ومعالجته محليا، وبيع البطاريات المصنوعة من المعدن محليا وخارجيا.
وقال وزير الصناعة بندر الخريف في مقابلة مع رويترز أثناء زيارة لتشيلي حاليا إن “شركة منارة المعادن السعودية تبحث فرص الاستثمار في إنتاج الليثيوم بالبلد الواقع في أمريكا الجنوبية.
وأوضح الثلاثاء أن الشركة، وهي مشروع مشترك بين شركة التعدين المملوكة للدولة معادن وصندوق الاستثمارات العامة، تعكف على “تحليل الخيارات المختلفة”.
وتعمل السعودية على تأمين الحصول على الليثيوم ومعادن أخرى في إطار هدفها للتحول إلى مركز لتصنيع البطاريات والمركبات الكهربائية، إذ تسعى إلى تنويع موارد اقتصادها المعتمد على النفط.
وأكد الخريف إن معادن مهتمة بتشيلي، ثاني أكبر منتج في العالم للمعدن المستخدم في صناعة البطاريات. وقال “أعتقد أننا يمكن أن نرى شيئا يحدث مع منارة فيما يتعلق بالأصول التشيلية هنا. هذا منطقي للغاية”.
السعودية سجلت النمو الأسرع عالمياً خلال السنوات الخمس الأخيرة بتطوير البيئة الاستثمارية في التعدين
وأضاف أنه لمس “التزاما كبيرا” من الحكومة التشيلية بالمساعدة في تأمين الاستثمار. وأشار إلى أنه ليس لديه تفاصيل عن مناقشات جارية.
وتبحث شركة التعدين المملوكة للدولة في تشيلي كوديلكو حاليا عن شريك لمشروع كبير لليثيوم في منطقة ماريكونغا الملحية، وأتاحت الحكومة مؤخرا عددا من مستودعات الليثيوم الأخرى للاستثمار الخاص.
وشارك الخريف والرئيس التنفيذي لشركة منارة بيير تشينارد في اجتماعات الاثنين الماضي، مع وزارة التعدين في تشيلي شاركت فيها كوديلكو.
وشدد الخريف على أن بلاده مهتمة بتأمين إمدادات الليثيوم بسرعة، منها إمدادات من تشيلي، إذ تهدف إلى إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية محليا. وقال “لدينا قيادة طموحة للغاية. نحن جادون في الحصول عليها الآن… في أقرب وقت ممكن”.
وذكرت وزارة التعدين في تشيلي أن الخريف ناقش خلال اجتماع مع نظيرته التشيلية أورورا ويليامز سلسلة توريد المعادن وقضايا إمدادات المياه والليثيوم. وقالت في بيان إن “الخريف اقترح أيضا إنشاء مجموعة بين الحكومتين لاستكشاف سبل التعاون المحتمل”.
وتقدر إمكانيات الثروات المعدنية غير المستغلة بها بنحو 2.5 تريليون دولار بزيادة قدرها 90 في المئة عن تقديرات سابقة.
ووفق التقييم العالمي لمخاطر الاستثمار في القطاع الصادر مؤخرا عن ماين هيوت بالتعاون مع مايننغ جورنال سجلت السعودية النمو الأسرع عالمياً خلال السنوات الخمس الأخيرة بتطوير البيئة الاستثمارية في التعدين.