شبح البوعزيزي يخيم على كردستان عقب مقتل بائع شاي على يد رجل أمن

السليمانية (العراق)- اتسعت ردود الأفعال على مقتل بائع الشاي الشاب الكردي آري جايجي من قبل أحد أفراد قوات الكومندوس التابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني. وأثار الحدث غضبا واسعا في الأوساط الشعبية والسياسية ومواقع التواصل الاجتماعي في إقليم كردستان.
وما أجّج غضب سكان المنطقة أن عملية القتل تمت دون مبرر وببرودة دم شديدة، وأن بائع الشاي لم يستفز قوات الكومندوس، ولا يُعرف الدافع وراء استهدافه. وجرى الحادث في حي رابرين غربي مدينة السليمانية التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني.
ويربط البعض قصة بائع الشاي الكردي بقصة بائع الخضروات التونسي محمد البوعزيزي في مدينة سيدي بوزيد في تونس، الذي كان قد أشعل النار في نفسه أواخر عام 2010 بسبب اعتداء من قبل ضابطة شرطة، ما قاد إلى احتجاجات واسعة انتهت بمغادرة الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي البلاد.
ويسيطر الخوف على أجواء إقليم كردستان بسبب ازدياد حالات قتل المواطنين دون رقيب أو حسيب. وتقول وسائل إعلام محلية إنه خلال أقل من أسبوع قُتل طفل وشاب في مدينة السليمانية من قبل وحدات الكومندوس التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني.
ويقول مراقبون إن القوات التابعة للحزبين الكبيرين لا تتم محاسبة أفرادها ولا تطبيق القانون عليها لأن استهدافها سيبدو وكأنه استهداف للحزب الذي تتبعه، وهو ما يفتح الباب أمامها للاستمرار في تجاوز القانون.
وطالب عدد من الكتاب والصحافيين في رسالة مفتوحة إلى الرأي العام المحلي والخارجي بضرورة وضع حد للانتهاكات والاعتداءات التي تمارسها قوات تابعة للحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني.
وقال لطيف فاتح فرج وعزيز رؤوف، الكاتبان والصحافيان الكرديان، إن الانتهاكات بحق المواطنين والمدنيين تزداد يوما بعد آخر ما أثر سلبا على الحياة العامة في الإقليم، مطالبينِ القنصليات والممثليات الدولية في الإقليم باتخاذ موقف صارم تجاه الممارسات الخطيرة بحق المواطنين.
ونوه الكاتبان إلى أنه قد تم تسجيل أعداد متزايدة من حالات القتل في مناطق عديدة ضمن إقليم كردستان، والتي تمارسها قوات تابعة للحزبين الحاكمين.
واتهم زعيم جبهة الشعب لاهور الشيخ جنكي كلا من رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني وشقيقه قوباد طالباني بالتسبب في ازدياد ظاهرة القتل والفوضى الأمنية التي تعم السليمانية، محملا إياهما مسؤولية الأوضاع الأمنية الهشة في المدينة.
وقال الشيخ جنكي في تصريح صحفي إن بافل طالباني هو المسؤول الرئيسي عن الخروقات والبلبلة الأمنية في السليمانية، لافتا إلى أنه لا يمكن السكوت على ظاهرة قتل المواطنين والقتل بدم بارد من قبل أفراد الأجهزة التابعة لقوات الاتحاد الوطني الكردستاني.
وأضاف أن “منتسبين إلى قوات كومندوس ومكافحة الإرهاب التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني يداهمون المدينة ويعتقلون المواطنين ويقتلونهم، في حين أن بافل طالباني يعرب عن دعمه ومساندته لهم”، لافتا إلى أن “ما يجري في السليمانية من الفوضى الأمنية ليس له مثيل في العالم، خاصة أن القانون لا يسمح للقوات العسكرية بالانتشار في مراكز المدن وإطلاق النار عشوائيا، وأنه يسمح فقط للقوات الأمنية والشرطة بالانتشار في المدن”.
وأكد الشيخ جنكي أنه “لا يمكن القبول بهذه الممارسات اللاقانونية في السليمانية”.
ويعيش إقليم كردستان العراق أوضاعا اجتماعية صعبة في حين يهتم الحزبان الرئيسيان بالصراع السياسي ويعمل كل منهما على تحقيق مكاسب له وللدائرة المستفيدة من حكمه من قيادات سياسية وعسكرية. وشهد الإقليم أكثر من مرة مظاهرات واسعة للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي قوبلت برد فعل عنيف من القوات المحلية، سواء في السليمانية أو في أربيل عاصمة الإقليم التي يتمركز فيها الحزب الديمقراطي.