الإنترنت التي غيرت العالم جذريا ستكون ساحة الحرب الثالثة

الكتاب بحث في ثقافة المنظومة الإلكترونية وقدرتها الكبيرة اليوم على صناعة القرار وتوجيه الشعوب والحكومات والدول.
الثلاثاء 2024/07/30
الإنترنت مجال الصراع الأخطر

دمشق- تعتبر الإنترنت، بفضل الزاد الهائل من الأخبار والمعلومات التي توفرها، إحدى أهم الوسائل الإعلامية الحديثة التي أصبحت تؤثر بأشكال ودرجات مختلفة في سلوك الأفراد والمجموعات داخل المجتمع، وبالتالي على عادات وتقاليد الشعوب وثقافاتها المختلفة.

كما تتمتع التكنولوجيات الجديدة في الواقع الراهن بأهمية كبرى نظرا إلى قدرتها على بلورة مفهوم جديد للقوة والتأثير والقدرة على توجيه السياسات العالمية في عصر الإنترنت والشبكات الافتراضية العملاقة، التي تحولت إلى ساحات صراعات تتقاطع عبرها المصالح والأجندات الضخمة للأفراد والدول.

في رصد لأهمية الأنترنت اليوم وقدرتها على صناعة القرار بل وهيمنتها عليه، يأتي كتاب “الإنترنت ساحة الحرب العالمية الثالثة وأدواتها دراسة تاريخية ومستقبلية وقانونية للحرب”، للباحثين القاضي مالك أمين والمهندس مهند الإبراهيم، حيث يسلطان عبره الضوء على التداعيات والمتغيرات وما سببته وستسببه شبكة الإنترنت من إيجابيات وسلبيات على مستوى العالم.

وأشار الكتاب إلى أن شبكة الإنترنت غيرت الكثير من أنماط الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية وغير ذلك، كما ستغير من أنماط التعامل بين الدول، وهذا ما نراه خلال انتشار وتضخم المعلومات التي أصبحت قيمتها كبيرة جداً لدرجة أنها غدت العامل الأساسي في تحديد مدى تقدم الدول أو تخلفها، كما أصبحت العامل الأكثر أهمية في حسم المعركة لصالح الطرف الذي لديه معلومات أكثر ونظم معلوماتية أقوى مما لدى خصمه.

ويرى المؤلفان أنه من الضرورة الاستفادة من كل المعلومات في مواقع الإنترنت وحصرها لتقييم قدرات الخصوم وكسب القدرة على اتخاذ قرارات مناسبة حيالها، وذلك بدءاً من تفاصيل الحياة اليومية البسيطة لأفراده سواء ما يتعلق بالغذاء والماء والتجارة والدواء والأزمات والروح المعنوية وغيرها.

الحرب القادمة ستكون ساحتها الرئيسية شبكة الإنترنت
الحرب القادمة ستكون ساحتها الرئيسية شبكة الإنترنت

وأشار المؤلفان إلى أن الحرب القادمة ستكون ساحتها الرئيسية شبكة الإنترنت التي تكفل للأقوى تحقيق النصر وإرغام العدو على القبول بشروطه، شأنها في ذلك شأن الحرب التدميرية، فمعركة العقول تخاض في كل السبل الإعلامية والثقافية وسيكون ذلك من خلال خلايا متمركزة عبر العالم ومرتبطة بشبكة الإنترنت.

لقد غيرت هذه التحولات التكنولوجية الدقيقة من تفاصيل الحياة اليومية وأدخلت ثورة رقمية متسارعة الإيقاع والتفاصيل خاصة مع سهولة استخدامها وانخفاض تكلفتها ما يجعلها في متناول الجميع وإن بمستويات متفاوتة وهو ما أدى إلى انتشارها وتوسع أدوارها في الحياة البشرية.

وتتحكم اليوم ثنائيات من الآحاد والأصفار المتناهية الصغر في حركة العالم وتدير شبكات من ملايين النظم والبرامج والتطبيقات وهو ما يبين أهمية وخطورة القدرة على امتلاك آليات توظيف هذه البيئة الإلكترونية واستغلالها وتكييفها وفق المصالح والأهداف وبما ينعكس على الملايين من الأشخاص من المتفاعلين والمتلقين.

فعبر أدوات تقنية بسيطة لا تتجاوز كمبيوترا ذا قدرات تشغيلية وتقنية جيدة مرتبط بشبكة الإنترنت أصبح بإمكان أي من مستخدمي الفضاء الإلكتروني أن يوقع خسائر فادحة بالطرف الآخر، وأن يتسبب في شل البنية المعلوماتية والاتصالية الخاصة به، كما يمكن أن يسبب خسائر مادية واقتصادية كبيرة من خلال التلاعب بالبيانات الاقتصادية والمالية وتزييفها أو مسحها من أجهزة الكمبيوترات وكذلك اختراق مواقع المؤسسات والبنوك والسيطرة على بيانات الآلاف من الحرفاء والعملاء وأرقام بطاقاتهم الائتمانية وغيرها من المعطيات الحساسة.

وبحسب ما أورده المؤلفان في مثل هذه الحالات سيتم تجاوز الأساليب التقليدية لصنع السياسة الدولية بفعل تأثير الإعلام الجديد، وخاصة البث الفضائي والإنترنت وأدوات أخرى ذات تقنيات عالية، مبينين أن تقصي الحقائق والمعلومات الصحيحة والكاملة سيسعى إلى سلامة المجتمع ووعي أفراده، فالدول الكبرى جعلت من الإنترنت أدوات حرب على كل الجبهات دون الحاجة إلى استخدام الأسلحة التدميرية، فلا بد أن تفهم الدول التي لا تعي ذلك مستقبل كل المنظومات التي تهدف إليها من خلال الإنترنت.

ويؤكد الكتاب أن الإنترنت ستكون ساحة حرب دولية ترتكب من خلالها الجرائم وسيصعب تحقيق العدالة الدولية خلال ذلك. مبينا سيناريو الحرب العالمية القادمة.

وعرف الكتاب بماهية الشبكة وخدماتها وحربها ووسائلها وعناصرها وأثرها بذلك وأمثلة وتطبيقات على ذلك ومجالاتها عبر الشبكة ونتائج التوصيات وطرح وسائل التمسك بالوعي.

يشار إلى أن الكتاب من منشورات دار توتول ويقع في 211 صفحة من القطع الكبير، حيث أوضح مدير الدار الأديب محمد الطاهر أن البحث في ثقافة المنظومة الإلكترونية ضروري جداً، وخاصة لجيل الشباب نظراً لحضورها الواسع وعملها وسعيها لاستهداف هذه الفئة العمرية، ومن هنا تأتي أهمية الكتاب وغيره من المنشورات للحديث عن هذا المجال.

13