دول الخليج تدشن أولى مراحل مفاوضات تحرير التجارة مع تركيا

أنقرة - تدشن دول الخليج العربي الاثنين أولى مراحل مفاوضات التجارة الحرة مع تركيا، حيت تحتضن العاصمة أنقرة الاجتماعات الخاصة بهذا المسار الذي يتوقع أن يؤسس لشراكة مستقبلية مفتوحة على كافة المجالات بين الطرفين.
ويراقب المحللون منذ فترة مساعي دول المنطقة الست لفتح منافذ جديدة أمام تحفيز نمو اقتصاداتها بشكل أكبر خلال السنوات المقبلة من خلال إقامة شراكات تجارية إستراتيجية مع الأتراك، والتي يرجح أن تتبعها اتفاقيات أخرى أثقل وزنا.
في المقابل تسعى تركيا إلى بناء أسس وثيقة مع بلدان المنطقة بعد توقفها لسنوات نتيجة تردّي العلاقات، في سياق محاولات تنشيط اقتصادها الذي بدت عليه علامات تشوه جراء السياسات غير التقليدية أملا في إعادة ضبط المؤشرات السلبية.
2.4
تريليون دولار قيمة المنطقة الحرة التي ستتولد من الاتفاق المتوقع بين الطرفين
وتناقش الجولة الأولى من المفاوضات الكثير من القضايا التي تشمل تجارة السلع والخدمات والاستثمار وقواعد المنشأ والعوائق الفنية أمام التجارة، والتدابير الصحية، وهو ما يُعد دلالة على رغبة الدول الأطراف في تنمية الشراكة الإستراتيجية.
وتهدف هذه الجولة إلى الاتفاق على المبادئ التي ستسير عليها المفاوضات في الموضوعات المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى وضع الإطار للجولات التفاوضية المقبلة والأهداف المرجوة منها سعيًا للانتهاء من المفاوضات في أقرب وقت ممكن.
كما يسعى المتفاوضون إلى تبادل المعلومات والبيانات ومناقشة التحديات والفرص التجارية، وبناء الثقة والشراكة عبر تحديد مجالات التعاون والتنسيق المشترك، ما سيمهد الطريق في الجولات القادمة للتوصل إلى اتفاق نهائي وشامل.
وكان الجانبان قد أبرما في مارس الماضي اتفاقية لبدء المفاوضات، وهي خطوة تؤكد التناغم الذي أضحت عليه دول المنطقة لبلوغ التكامل الاقتصادي وتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع شركاء لهم قيمة كبيرة في الأسواق.
ومن المقرر أن تعمل الاتفاقية على إعطاء ميزة تفضيلية لنفاذ المنتجات المحلية في أسواق جميع الأطراف عبر تحرير أغلب السلع والخدمات.
وبالإضافة إلى ذلك تسهيل وتشجيع وحماية الاستثمارات، ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين، فضلا عن تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية في الدول الأعضاء.
وتعد هذه الاتفاقية الأولى من نوعها هذا العام التي يوقعها مجلس التعاون الخليجي بعد الصفقتين اللتين وقعها مع كل من كوريا الجنوبية وباكستان خلال عام 2023، في إطار تعزيز علاقات الاستثمار والتجارة مع الشركاء الاقتصاديين الرئيسيين في آسيا.
ومن المتوقع أن تؤدي الاتفاقية النهائية بعد عملية من المفاوضات والنقاشات على مدار أشهر إلى واحدة من أكبر مناطق التجارة الحرة في العالم بقيمة إجمالية تبلغ 2.4 تريليون دولار في منطقة ستضم 142.6 مليون نسمة.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن حجم التبادل التجاري بين دول الخليج وتركيا بلغ العام الماضي أكثر من 26 مليار دولار.
وتتصدر الإمارات دول المنطقة في المبادلات مع تركيا بنحو 19 مليار دولار، في حين حلت السعودية في المرتبة الثانية بواقع 5.6 مليار دولار.
وحلت سلطنة عُمان في المركز الثالث بنحو 1.4 مليار دولار، تليها قطر بنحو 1.33 مليار دولار ثم الكويت بواقع 791.6 مليون دولار، بينما جاءت البحرين في المركز السادس بنحو 577.6 مليون دولار.
الجولة ستناقش الكثير من القضايا التي تشمل تجارة السلع والخدمات والاستثمار وقواعد المنشأ والعوائق الفنية والتدابير الصحية
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال في يوليو الماضي قبل جولته الخليجية إن “حجم التبادل التجاري الثنائي بين تركيا ودول الخليج خلال العقدين الأخيرين ارتفع من 1.6 مليار دولار إلى نحو 22 مليار دولار”.
وتتطلع حكومات الخليج إلى الانتقال بأقصى سرعة في عملية التحول الاقتصادي خاصة مع الظروف والمتغيرات العالمية التي تتطلب عقد شراكات طويلة المدى مع اقتناص أكثر ما يمكن من الفرص لتعظيم المبادلات التجارية وزيادة الانفتاح الاستثماري.
وتوفر اتفاقيات التجارة الحرة لبنات قوية لضمان وجود أسواق قوية وكبيرة للسلع والخدمات مع إعفاءات جمركية توفرها دول الخليج والانفتاح الكبير الذي تبحث عنه في العديد من الأسواق والتكتلات مثل مجموعة آسيان.
ومع تحسن العلاقات تريد دول المنطقة التعاون مع أنقرة على المساعدة في تطوير الصناعات المحلية ونقل التكنولوجيا، وذلك في إطار سعيها الطموح لتنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط.
أما بالنسبة إلى تركيا فإنها تنظر الآن بشكل مختلف لمنطقة الخليج، وذلك في أعقاب عودة العلاقات الدبلوماسية بعد سنوات من الجفاء بسبب سياسات أردوغان المناقضة لمواقف بعض دول المنطقة وفي مقدمتها الإمارات والسعودية والبحرين.
وفي العقد الماضي تمتعت أنقرة بعلاقات سياسية واقتصادية واستثمارية وتجارية قوية مع قطر، فيما تركت حبل التوازن مع كل من الكويت وسلطنة عمان.
وبعد سنوات من التوتر أطلقت تركيا حملة دبلوماسية لإصلاح العلاقات مع دول الخليج، وتحديدا مع الإمارات والسعودية. ووقعت منذ ذلك الحين صفقات بمليارات الدولارات مع دول الخليج، ومن بينها قطر.