لقاء قريب بين الأسد وأردوغان بمكان غير متوقع

أجهزة المخابرات في أنقرة ودمشق عقدت جولات من المحادثات وتم الاتفاق على عقد اللقاء بين الزعيمين في معبر كسب الحدودي في أغسطس المقبل.
الأحد 2024/07/28
جهود المصالحة بين الأسد وأردوغان تتسارع

أنقرة – سرّعت أنقرة ودمشق، مؤخرا، من جهود تطبيع العلاقات، وهو ما ظهر جليّا في اللقاءات الاستخباراتية المكوكية، وتحديد المكان المحتمل لانعقاد أول لقاء منذ أكثر من عقد، بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد.

وكشفت مصادر تركية عن أن اللقاء المحتمل بين أردوغان والأسد، قد يعقد عند معبر كسب الحدودي في أغسطس المقبل، بحسب ما اتُفق عليه بين رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم كالين ورئيس الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين خلال لقائهما في أنقرة قبل أيام قليلة.

وذكرت صحيفة "تركيا" المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، نقلا عن مصادر مطلعة على الأمر، أن مسؤولين أتراكا وسوريين عقدوا 3 جولات من المحادثات خلال شهر يونيو الماضي، للتحضير للقاء أردوغان والأسد، وأن العملية تتطور بسرعة، وقد يعقد اللقاء في معبر كسب على الحدود التركية - السورية في أغسطس المقبل.

وسبق أن استضاف المعبر قبل نحو 3 سنوات لقاء بين مسؤولين من الاستخبارات التركية والسورية في بدايات التحركات التي قادتها روسيا لإعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى طبيعتها.

وأوضحت الصحيفة، نقلا عن مصادرها، أنه جرى الاتفاق على مكان وزمان اللقاء بين الزعيمين، حيث جرى بداية مناقشة فكرة أن يكون مكان اللقاء في العاصمة العراقية بغداد، ثم استبعدت الفكرة. إلى أن قررت أنقرة دراسة خيار عقد القمة في معبر كسب.

ولفتت إلى أنه بعد لقاء الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، الأربعاء الماضي، تردد أن لقاء الأسد وأردوغان سيعقد في موسكو، لكن مصادر دبلوماسية سارعت إلى نفي ذلك.

وكانت صحيفة "صباح" القريبة من الحكومة التركية، قالت الثلاثاء الماضي، إن لقاء أردوغان والأسد سيعقد في أغسطس بموسكو، لكن مصدرا مسؤولا بوزارة الخارجية نفى صحة هذه المعلومات.

وقال المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر تشيليك، خلال مؤتمر صحافي الثلاثاء، عقب اجتماع مجلس الإدارة والقرار المركزي للحزب برئاسة أردوغان في أنقرة، إن جهازي الاستخبارات التركي والسوري عقدا اجتماعات في فترات مختلفة لتحضير ملف اللقاءات الخاصة بالعلاقات بين أنقرة ودمشق.

وأضاف تشيليك "بعد أن يصبح الملف الذي قامت به استخبارات البلدين ملفاً سياسياً، تبدأ اللقاءات بين وزيري الخارجية، وبعد ذلك سيتم تقديم الإطار الذي أعدته وزارات الخارجية والدفاع في البلدين لرئيسنا والرئيس السوري، وسيوجه الرئيس أردوغان دعوة له بمجرد الانتهاء من تحضير الملف".

وكانت وسائل إعلام تركية تحدثت عن وصول طائرة تقل ناريشكين إلى مطار أسنبوغا في أنقرة، بالتزامن مع لقاء بوتين والأسد في موسكو، ونقلت عن خبراء أمنيين أن طائرة "مفرزة" خاصة، يعتقد أنها تقل مدير المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين وصلت إلى أنقرة قادمة من موسكو.

وقالت مصادر لصحيفة "تركيا" إن الاجتماع بين كالين وناريشكين كان حاسماً في تحديد موعد ومكان لقاء أردوغان والأسد.

وسبق أن قالت مصادر روسية مطلعة على زيارة الأسد الخميس الماضي إلى روسيا، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يطلب من الأسد اللقاء بالرئيس التركي أردوغان. وفقاً لما نقله موقع "روسيا اليوم".

وأضافت المصادر أنّ "الرئيس الروسي على اطلاع تام مسبق عبر مبعوثه الخاص ألكسندر لافرنتييف على موقف الأسد حيال العلاقة مع تركيا".

وتابعت أنّ (العلاقة بين الأسد وتركيا) "يجب أن تنطلق من أسس ومرجعيات حول الانسحاب التركي من الأراضي السورية وكذلك حول مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية في الشمال السوري".

وتُظهر المصالحة التي يحرص بوتين على رعايتها بين الأسد وأردوغان، في حال نجاحها، مدى أهمية الدور الذي يريد الرئيس الروسي أن تلعبه بلاده في أكثر من منطقة وتستعيد به النفوذ الذي كانت تتمتع به في عهد الاتحاد السوفياتي.

ويلاقي الحرص الروسي على المصالحة تفهما من الأسد الذي يجد في الغطاء الروسي للمفاوضات فرصة لاستعادة أراضيه وتقوية سلطته، ومن أردوغان الذي عبر أكثر من مرة عن رغبته في لقاء الأسد والتوصل إلى تسوية.

ويريد الرئيس التركي، الذي يقضي آخر ولاية رئاسية له، أن ينهي مرحلة التوترات التي صنعها بنفسه في المحيط الإقليمي (العربي والغربي) حتى لا تبقى لعنة الأزمات تطارد حكمه لعقود. وفي الوقت الذي تطورت فيه العلاقات مع دول الخليج ومصر والولايات المتحدة واليونان تبقى الأزمة السورية هي العقدة التي يمكن أن تؤثر على صورة أردوغان على المدى البعيد داخل تركيا وخارجها.

وتشترط دمشق منذ العام 2022 أن تسحب تركيا قواتها التي تسيطر على شريط حدودي واسع في شمال البلاد وتحظى بنفوذ في شمال غربها، كمقدمة للقاء الأسد وأردوغان وعودة العلاقات تدريجيا إلى طبيعتها.

ومنذ بداية النزاع في سوريا عام 2011، قدمت أنقرة دعماً أساسياً للمعارضة السياسية والعسكرية، كما شنت منذ العام 2016 ثلاث عمليات عسكرية واسعة في سوريا، استهدفت بشكل أساسي المقاتلين الأكراد، وتمكنت قواتها بالتعاون مع فصائل سورية موالية لها من السيطرة على منطقة حدودية واسعة في شمال سوريا.

إلا أن الأسابيع الأخيرة كانت شهدت تطورات كثيرة في هذا الملف، إذ دعا الرئيس التركي مرارا نظيره السوري لزيارة، في حين أكد الأخير على أنه لا يمانع عودة العلاقة لكنه طالب بمزيد من التفاصيل عن الأهداف.