ضوء برلماني لحكومة جديدة في ليبيا يواجه تحديات كبيرة

بنغازي (ليبيا) – يطرح إعلان البرلمان الليبي عن فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة، يُعلق عليها الآمال في أن تقود البلاد لإجراء انتخابات طال انتظارها، تساؤلات ما إذا كانت الخطوة ستشكل انفراجة لإنهاء الجمود السياسي أم أنها ستعمّق الانقسام الحالي.
وأعلن رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة، داعيا من يرغب في الترشح إلى تقديم مستندات ترشحه إلى مقر المجلس في بنغازي ابتداء من اليوم الأحد حتى 11 أغسطس المقبل.
ووفقاً لبيان نشره المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق اليوم الأحد، فقد دعا عقيلة صالح أعضاء مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة إلى تزكية من يرون فيه الكفاءة لشغل منصب رئيس الحكومة.
وأشار بليحق إلى استناد صالح في إعلانه فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة إلى "قوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب، وما جرى الاتفاق عليه بمخرجات لجنة 6+6، واستناداً إلى الاتفاق بين رئيس مجلس النواب الليبي ورئيس المجلس الأعلى للدولة ورئيس المجلس الرئاسي بمقر جامعة الدول العربية بالعاصمة المصرية القاهرة في العاشر من مارس الماضي".
وأضاف البيان أن الدعوة تأتي كذلك استناداً إلى البيان الصادر عن أعضاء مجلسي النواب والدولة بعد اللقاء الذي عُقد بالقاهرة في 18 يوليو الجاري.
وتنص القوانين الانتخابية التي أنجزتها لجنة 6+6 المشكلة من مجلسي النواب والدولة، والتي أصدرها مجلس النواب في أكتوبر الماضي، على تشكيل حكومة موحدة للإشراف على إجراء الانتخابات، وهو ما اتفق عليه أيضا صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة خلال اجتماعهما الذي نظمته جامعة الدول العربية بالقاهرة في العاشر من مارس الماضي.
يأتي ذلك برغم خلاف تكالة الشديد مع عقيلة صالح بسبب الخلافات حول صلاحيات المجلسين خاصة بعد إقرار مجلس النواب مشروع قانون الموازنة العامة للدولة.
وفي 18 يوليو الجاري عقد عدد من أعضاء مجلسي النواب والدولة اجتماعا في القاهرة، وأصدروا بيانا تضمن الاتفاق على تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد.
بعد ذلك رحبت البعثة الأممية بالاجتماع، مشجعة أعضاء المجلسين على البناء على ما جرى الاتفاق عليه، وتوخي مقاربة "تشمل الأطراف الليبية المعنية الأخرى، حتى تفضي مخرجات اجتماعهم إلى حل قابل للتنفيذ سياسيًا"، مضيفة أن "أي خطوات من هذا القبيل يجب أن تكون شاملة ومتضمنة مسارا واضحا نحو الانتخابات".
ويجري اختيار رئيس الحكومة وفق آلة التزكية من المجلسين، حيث يشترط على المترشح الحصول على عشرين تزكية من مجلس الدولة، وعشر تزكيات من مجلس النواب، على أن يكون التصويت على اختيار رئيس الحكومة من قبل مجلس النواب، وكذلك منح الثقة لحكومته.
وفي هذا الصدد، قال عضو مجلس النواب الليبي عبدالمنعم العرفي إن عدد المتحصلين على التزكيات المطلوبة للترشح لرئاسة الحكومة الجديدة التي ستشرف على تنظيم الانتخابات، بلغ قرابة 8 أشخاص.
وأوضح البرلماني الليبي، في تصريح لمنصة "فواصل" المحلية، أن المترشحين حصلوا على تزكيات من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، مشيرًا إلى أن مجلس النواب سيخصص جلسته المقبلة للتداول حول الحكومة الجديدة التي سيوكل إليها تنظيم الانتخابات.
ويثير إعلان البرلمان الليبي، توجسا من أن يكون مصير الحكومة الجديدة، مشابها لحكومة أسامة حماد، والتي منحها البرلمان الثقة، في مارس 2022، إلا أنها لم تتمكن من ممارسة صلاحياتها على كافة الأراضي الليبية، لرفض حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة التي تتخذ من العاصمة طرابلس مقرا، تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة.
وتشير الأوضاع على الأرض إلى أن الحكومة الجديدة سيكون مصيرها مشابها لحكومة حماد، حيث أن الدبيبة لن يتنازل عن رئاسته للحكومة، وخاصة وأنه يسيطر على العاصمة والمنطقة الغربية، التي تتمركز فيها معظم مؤسسات الدولة، ما يمنحه موقفًا أقوى.
ومن بين العراقيل كذلك، التوافق حول اسم رئيس الحكومة وأعضائها، وما إذا كانت ستعتمد على الكفاءات، أم ستكون المحاصصة العامل الرئيس في تشكيلها.
ويرى مراقبون أنه على مجلسي النواب والأعلى للدولة، القفز فوق تلك العقبة، والبعد عن المحاصصة، حتى ترى الحكومة النور قريبا.
أما المدينة التي ستتخذها الحكومة مقرا لها، فتعد من أبرز العراقيل التي قد تقف عائقا أمامها، خاصة أن حكومة الدبيبة تتخذ من العاصمة مقرا لها، ما يعني أن الحكومة الوليدة لن تستطيع الحكم من طرابلس، وسيتعين عليها، أن تتخذ من مدينة في وسط البلاد مقرا لها، مثل سرت، مما يضعها أمام تحد جديد، يتمثل في مدى قدرتها على بسط سيطرتها على أنحاء البلاد.
ولم تقف التحديات على ذلك، بل إن الميليشيات المسلحة تعد عقبة كأداء أمام تلك الحكومة، مما سيتعين عليها أن تبحث عن دعم دولي وإقليمي، يساعدها في مواجهة تلك العناصر المسلحة، وهو ما يبدو أنها ستفتقده إلى حد كبير، وخاصة وأن حكومة الدبيبة، لديها تأييد من بعض الدول المؤثرة في الساحة الليبية، وقد لا ترحب بتغيير حكومة الدبيبة.
ويشير المراقبون، إلى أن حالة الإجماع والتوافق المحلي (مجلسا النواب والأعلى للدولة، والرئاسي)، قد تدفع الأطراف الدولية، إلى إعادة النظر في دعمها لحكومة الدبيبة، شريطة تقديم الحكومة الجديدة، ما يبرهن على عدم تأثر مصالح تلك البلدان في ليبيا.