أحمر شفاه

في إطار البحث الدائم عن كل ما يساهم في الرفع من مستويات الجمال، ابتكر سكان بلاد ما بين النهرين ما سمّي لاحقا بأحمر الشفاه واستخدموه، حيث كانت المرأة تطحن نوعا من الحجارة الكريمة وتضع دقيقها على شفاهها وأحيانا حول العيون .
كان ذلك قبل نحو 5000 عام، ويبدو أن الهنود استفادوا من ذلك الابتكار، حيث اكتشف العلماء، أن تلك العادة كانت موجودة لدى حضارة وادي السند، التي تعتبر جزءا من دولة باكستان حاليا.
كما انتشرت الظاهرة لدى المصريين القدامى الذين كانوا يصنعون أحمر شفاه من أعشاب البحر واليود والبروميين باللون الأحمر المائل إلى البنفسجي، فيما اتجهت كليوبترا ملكة المملكة البطلمية في مصر من عام 51 وحتى 30 قبل الميلاد، إلى استخدام أحمر شفاه مصنوع من نوع من الخنافس يعطي صبغة حمراء داكنة مع إضافة نمل ومادة مستخرجة من صدف أحد الحيوانات البحرية.
وخلال القرن الحادي عشر للميلاد، قام العالم العربي الأندلسي أبوالقاسم الزهراوي مؤسس طب التجميل باختراع أول أحمر شفاه صلب وقد وصفه في كتابه «التصريف لمن عجز عن التأليف»، وبعد خمسة قرون بدأ استخدام أحمر الشفاه بالانتشار في إنجلترا خلال فترة حكم إليزابيث الأولى حيث كان يصنع من شمع النحل وصباغ نباتي أحمر.
مع بداية القرن 19، أعلن في فرنسا عن تصنيع أول أحمر شفاه تجاري مصنوع من شحم الغزلان وزيت الخروع وشمع العسل، ومع وصول الظاهرة إلى الولايات المتحدة، تم استخدام فرشاة بدلا من الأنبوب في تلوين الشفاه. في العام 1880صنع العطار الفرنسي غيرلان أول قلم أحمر شفاه .
لم تتوقف جهود المتخصصين في علوم التجميل وفنونه في تطوير أحمر الشفاه ليصل إلى ما هو عليه اليوم من تنوع الأشكال وتعدد الألوان وفي السبعينات من القرن الماضي، تم تقديم ألوان ممتعة مثل الأزرق الداكن المتلألئ والأخضر الليموني المصنفر .
وكما يستعمل من أجل التجميل، فإن لأحمر الشفاه أهدافا صحية حيث تحتوي بعض الماركات على مكونات مرطبة تساعد في الحفاظ على رطوبة الشفاه، مما يمنع الجفاف والتشقق أو في حمايتها من أضرار أشعة الشمس.
غدا وككل يوم 29 يوليو من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لأحمر الشفاه الذي كانت وراء الدعوة إليه هدى قطان، وهي خبيرة تجميل، ورائدة أعمال ويوتيوبر عراقية – أميركية، ولدت في أوكلاهوما سيتي، يوم 2 أكتوبر 1983، وعاشت الجانب الأكبر من حياتها في التنقل بين الولايات المتحدة حيث النشأة والتعلم ، وبين دبي حيث العمل وبدء مغامرة التأسيس والاستثمار في مستحضرات التجميل، وفي العام 2013، تم إطلاق أول منتج لها، وهو سلسلة من الرموش الاصطناعية التي اشتهرت بها كيم كاردشيان ، ثم بدأت في تقديم منتجات تجميل أخرى، بما في ذلك ألواح ظلال العيون، وأحمر الشفاه السائل، وبطانات الشفة، وألواح التظليل، وكريمات الأساس، والأظافر الزائفة. وصنفت واحدة من «أقوى عشر مؤثرين في عالم الجمال» من قبل مجلة فوربس، ومن ضمن أكثر 25 شخصية مؤثرة في الإنترنت من قبل مجلة تايم سنة 2017. واحتلت هدى عام 2018 المرتبة الـ37 في قائمة فوربس للسيدات الأميركيات اللاتي صنعن ثروتهن بأنفسهن.
وتؤكد هدى قطان على أمر شديد الأهمية، وهو أن أحلام الطفولة هي التي تقودك إلى النجاح لاحقا، وعندما كانت صغيرة كانت تتمنى أن تكون خبيرة تجميل، وأول خطواتها في ذلك أحمر شفاه تطلعت إليه وهي طفلة، لتصبح من ورائه صاحبة إمبراطورية في عالم التجميل .