مكاسب أسواق العمل مهددة بفعل الإجهاد الحراري

جنيف (سويسرا) - يتعرض عدد متزايد من العمال، بمن في ذلك العاملون في سلسلة توريد المنسوجات والملابس وأيضا الزراعة والإنشاءات، لضغوط الحرارة المفرطة، وسط ضغوط لتحسين تدابير السلامة والصحة التي يمكن أن تخفض النفقات بالمليارات من الدولارات .
وتحذر البيانات الجديدة الصادرة عن منظمة العمل الدولية من أن المناطق التي لم تكن معتادة من قبل على الحرارة الشديدة ستواجه مخاطر متزايدة، في حين سيواجه العمال في المناخات الحارة بالفعل ظروفا أكثر خطورة.
وأكدت المنظمة في دراسة بعنوان “الحرارة في العمل: الآثار المترتبة على السلامة والصحة” أن تحسين تدابير السلامة والصحة لمنع الإصابات الناجمة عن الحرارة المفرطة في مكان العمل من شأنه أن يوفر 361 مليار دولار من الدخل المفقود ونفقات العلاج الطبي عالميا.
وقال جيلبرت ف. هونغبو المدير العام للمنظمة إن “الحرارة المفرطة تفرز تحديات غير مسبوقة للعمال في جميع أنحاء العالم على مدار العام، وليس فقط خلال فترات موجات الحر الشديدة”.
وأضاف “مع استمرار العالم في التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة، يتعين علينا حماية العمال من الإجهاد الحراري على مدار العام”.
361
مليار دولار سنويا يمكن توفيرها من الدخل المفقود عالميا إذا تم تحسين تدابير السلامة والصحة
ونبهت المنظمة في تقرير نشرته على منصتها الإلكترونية إلى أن الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل هي الأكثر تضررا، حيث يمكن أن تصل تكاليف الإصابات الناجمة عن الحرارة المفرطة في مكان العمل إلى 1.5 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي الوطني.
وتطرقت الدراسة إلى المخاطر المتزايدة التي ستواجه العمال في المناخات الحارة بعد أن أظهرت بيانات جديدة أن المناطق التي لم تكن معتادة في السابق على الحرارة الشديدة ستواجه مخاطر متزايدة وظروفا أكثر خطورة من أيّ وقت مضى.
وقالت المنظمة إن “الاجهاد الحراري قاتل غير مرئي وصامت، إذ أنه ومع مرور الوقت يمكن أن يؤدي أيضا إلى مشاكل خطيرة في القلب والرئة والكلى لدى العمال”.
ولفت التقرير إلى أن العمال في أفريقيا والدول العربية وآسيا والمحيط الهادئ هم الأكثر عرضة للحرارة المفرطة، إذ تتجاوز الأرقام المسجلة المتوسط العالمي البالغ 71 في المئة.
وبينما يتأثر في أفريقيا 92.9 في المئة من القوى العاملة بالإجهاد الحراري، رصدت المنظمة تأثر 83.6 في المئة من العمال في المنطقة العربية، و74.7 في المئة في آسيا والمحيط الهادئ.
وأوضح التقرير أن أفريقيا توجد بها أكبر نسبة من الإصابات المهنية التي تعزى إلى الحرارة المفرطة، وهي تمثل 7.2 في المئة من جميع الإصابات المهنية.
وشوهدت ظروف العمل الأسرع تغيرا في أوروبا وآسيا الوسطى، حيث سجلت المنطقة بين عامي 2000 و2020 أكبر زيادة في التعرض المفرط للحرارة مع ارتفاع نسبة العمال المتأثرين بنسبة 17.3 في المئة، أي قرابة ضعف متوسط الزيادة العالمية.
تأثير الحرارة على العمال في جميع أنحاء العالم أصبح قضية عالمية على نحو متزايد نتيجة التغيرات المناخية التي تهدد كوكب الأرض
أما الأميركتان وأوروبا وآسيا الوسطى فقد شهدت أكبر ارتفاع في الإصابات في مكان العمل بسبب الاجهاد الحراري منذ عام 2000 بزيادة قدرها 33.3 في المئة و16.4 في المئة تواليا.
وقدر التقرير أن 4200 عامل على مستوى العالم فقدوا حياتهم بسبب موجات الحر في عام 2020، وفي المجموع تعرض 231 مليون عامل لموجات الحر في عام 2020 مما يمثل زيادة بنسبة 66 في المئة عن عام 2000.
ومع ذلك، يؤكد خبراء المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن 9 من كل عشرة عمال على مستوى العالم تعرضوا لموجات الحر، كما أن 8 من كل عشر إصابات مهنية ناجمة عن الحرارة الشديدة حدثت خارج موجات الحر.
وينظر تقرير المنظمة في التدابير التشريعية في 21 دولة حول العالم للعثور على سمات مشتركة يمكن أن توجه إنشاء خطط فعالة لتوفير السلامة من الحرارة في مكان العمل.
كما يصف المفاهيم الرئيسية لنظام إدارة السلامة والصحة لحماية العمال من الأمراض والإصابات المرتبطة بالحرارة.
وتستند النتائج إلى تقرير سابق، نُشر في أبريل الماضي، والذي أشار إلى أن تغير المناخ يفرز خليطا من المخاطر الصحية الخطيرة لنحو 2.4 مليار عامل معرضين للحرارة المفرطة.
وأشار تقرير أبريل إلى أن الحرارة المفرطة وحدها تسبب 22.85 مليون إصابة مهنية وخسارة أكثر من 18.9 ألف شخص كل عام.
وأصبح تأثير الحرارة على العمال في جميع أنحاء العالم قضية عالمية على نحو متزايد نتيجة التغيرات المناخية التي تهدد كوكب الأرض، وهي مسألة تتطلب اتخاذ إجراء.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “إذا كان هناك شيء واحد يوحّد عالمنا المنقسم، فهو أننا جميعًا نشعر بالحرارة بشكل متزايد”.
وأضاف “أصبحت الأرض أكثر سخونة وأكثر خطورة على الجميع، في كل مكان، ولذا يجب أن نرتقي إلى مستوى تحدي ارتفاع درجات الحرارة، وتكثيف الحماية للعمال، على أساس حقوق الإنسان”.