الجزائر تحتفي بزيارة وفد أفريكوم مع اتساع الفجوة بينها وبين موسكو

رئيس الأركان الجزائري لقائد أفريكوم: مستعدون لتعزيز تعاوننا العسكري الثنائي.
الأربعاء 2024/07/24
هواجس مشتركة

لفتت الزيارة التي قم بها وفد عسكري أميركي رفيع المستوى إلى الجزائر، وما حظي به من استقبال أنظار المتابعين، الذين أجمعوا على وجود رغبة جزائرية في تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة في ظل امتعاض جزائري من السلوكيات الروسية على خاصرتها الجنوبية.

الجزائر - حمل الاستقبال الذي حظي به، قائد القيادة الأميركية لأفريقيا الفريق أول مايكل لانغلي والوفد العسكري المرافق له، خلال زيارة إلى الجزائر، دلالات مهمة عن رغبة جزائرية في توثيق العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة في ظل فتور تسرب للعلاقة بينها وروسيا.

وجاءت زيارة الوفد العسكري الأميركي رفيع المستوى بمجرد مغادرة رئيس مجلس الدوما الروسي، فولودين فياتشيسلاف فيكتوروفيتش، العاصمة الجزائر بعد زيارة غير معلنة مسبقا والتقى خلالها بالرئيس عبدالمجيد تبون ورئيس المجلس الشعبي الوطني ابراهيم بوغالي.

وهذه الزيارة الثانية التي يقوم بها قائد أفريكوم إلى الجزائر، حيث كانت الأولى في فبراير من العام 2023.

والتقى لانغلي خلال الزيارة، بالرئيس تبون، كما عقد اجتماعا مع قائد الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة، في مقر أركان الجيش الوطني الشعبي.

وفيما اكتفى بيان لرئاسة الجمهورية الجزائرية بنشر صورة للقاء مرفوقة بخبر مختصر عن الحضور، الذي ضم إلى جانب الرئيس تبون، والفريق شنقريحة، مدير ديوان رئاسة الجمهورية بوعلام بوعلام، والمستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون المتعلقة بالأمن والدفاع، بن عتو بومدين، فإن بيانا لوزارة الدفاع الوطني تحدث بإسهاب عن استقبال لانغلي والوفد المرافق له.

 وقال بيان وزارة الدفاع إن رئيس أركان الجيش الجزائري استقبل الثلاثاء قائد القيادة الأميركية لأفريقيا، وإن مراسم الاستقبال التي جرت بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي، استهلت بتحية العلم الوطني وتقديم التحية العسكرية للضيف من طرف تشكيلات من مختلف قوات الجيش الوطني الشعبي.

ولفت البيان إلى أنه تم خلال اللقاء الذي حضره الأمين العام لوزارة الدفاع الوطني وقادة القوات ورؤساء الدوائر ومديرين مركزيين من أركان الجيش الوطني الشعبي ووزارة الدفاع الوطني وأعضاء الوفد العسكري الأميركي وسفيرة الولايات المتحدة بالجزائر، التطرق إلى “التحديات الأمنية التي تواجهها القارة الأفريقية وتبادلا وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وكذا الوسائل الكفيلة بتعزيز علاقات التعاون العسكري بين البلدين”.

ووفق البيان، فقد ألقى الفريق أول السعيد شنقريحة كلمة رحب في مستهلها بالوفد الزائر، مؤكدا أن “الجزائر تواصل جهودها لتعزيز المسعى الأفريقي المشترك لدحر الإرهاب والوقاية منه ورفعت العديد من المبادرات لتعزيز آليات التعاون الأمني الأفريقي”.

وقال بهذا الخصوص “أود في البداية أن أرحب بكم بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي، بمناسبة زيارتكم الثانية للجزائر منذ توليكم قيادة الأفريكوم والتي تؤكد تميز التعاون العسكري الثنائي الذي تطبعه البراغماتية واحترام المصالح المتبادلة”.

وأردف رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي يقول في هذا الشأن “وأخذا بعين الاعتبار المهمة المخولة لها من طرف الاتحاد الأفريقي كمنسق لمحاربة الإرهاب والتطرف العنيف على مستوى القارة، فإن الجزائر تواصل جهودها لتعزيز المسعى الأفريقي المشترك لدحر الإرهاب والوقاية منه ورفعت العديد من المبادرات، على غرار إعداد مخطط أفريقي لمحاربة الإرهاب، وتفعيل الصندوق الأفريقي لمحاربة هذا التهديد، وإعداد قائمة أفريقية للأشخاص والكيانات المتورطة في أعمال إرهابية وكذا إعداد مذكرة توقيف أفريقية”.

وجدد الفريق أول شنقريحة “التزام الجزائر بدعم كل مبادرة أفريقية ومساندة جهود هيئات الاتحاد الأفريقي،  لتمكين القارة الأفريقية من مواكبة التحديات الأمنية التي تواجهها”،  مضيفا “أؤكد لكم تمام استعدادنا لتعزيز تعاوننا العسكري الثنائي،  قصد المزيد من التشاور بخصوص السبل والوسائل المتعين توفيرها لبلوغ،  بكل واقعية،  الأهداف الأمنية للقارة الأفريقية عموما ومنطقة شمال أفريقيا على وجه الخصوص”.

من جهته، “عبر قائد القيادة الأميركية لأفريقيا عن سعادته بزيارة الجزائر، التي أتاحت له فرصة التباحث مع القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي حول مختلف القضايا الأمنية المطروحة على الساحتين الدولية والإقليمية، مؤكدا على إمكانيات الطرفين لتطوير التعاون العسكري الثنائي”.

وفي ختام اللقاء، تبادل الطرفان هدايا رمزية، ليوقع بعدها الفريق أول مايكل لانغلي على السجل الذهبي لأركان الجيش الوطني الشعبي، مثلما تضمنه بيان وزارة الدفاع الوطني.

زيارة الوفد الأميركي جاءت بمجرد مغادرة رئيس مجلس الدوما الروسي، فولودين فياتشيسلاف فيكتوروفيتش، الجزائر

ويرى مراقبون أن الاستقبال اللافت للوفد الأميركي يحمل بين طياته رسالة إلى روسيا، بأن الجزائر على استعداد لتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة، طالما أن موسكو لا تأخذ المصالح الجزائرية بعين الاعتبار، ولا تقوم بما يكفي لتبديد تحفظاتها تجاه وجود عناصر فاغنر في خاصرتها.

ويثير حضور ميليشيات فاغنر في دول الساحل وليبيا قلق الجزائر، وسبق وأن عبرت عن رفضها لهذا الوجود.

وفي يناير الماضي، قال وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إن بلاده فتحت رسميّا ملف تواجد قوات فاغنر خلف حدودها الجنوبية في منطقة الساحل الأفريقي مع روسيا. وقال، في مؤتمر صحافية، إنه ناقش الأمر شخصيّا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

ولفت عطاف إلى أنه تم “إنشاء آلية مشتركة، تضم دبلوماسيين وأمنيين، برئاسة الأمين العام لوزارة الخارجية، لوناس مقرمان، عن الجانب الجزائري، وميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية، والمبعوث الشخصي للرئيس فلاديمير بوتين، عن الطرف الروسي”. وأشار إلى أنّ اللجنة الثنائية المكلفة بمتابعة تواجد قوات فاغنر في الإقليم ستجتمع مرة أخرى في المستقبل القريب.

وكان الرئيس تبون انتقد في مقابلة له مع صحيفة لوفيغارو  الفرنسية عام 2022، بشكل غير مباشر وجود فاغنر في الساحل.

وقال الرئيس الجزائري حينها “الأموال التي يكلفها هذا الوجود ستكون في وضع أفضل وأكثر فائدة لو ذهبت لتطوير منطقة الساحل”.

ويرى مراقبون أن وجود فاغنر في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل يشكل مصدر قلق مشترك بين الولايات المتحدة والجزائر، وهذا قد يدفع جهود التعاون بينهما إلى الأمام.

وتتمتع العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة بمستوى مقبول، رغم وجود امتعاض لدى دوائر أميركية من السياسات الجزائرية.

وسبق وأن حاول نواب في الكونغرس الأميركي دفع إدارة جو بايدن إلى إصدار عقوبات ضد الجزائر بسبب مشترياتها من السلاح الروسي، معتبرين أنها بذلك تساهم في تمويل عمليات موسكو في أوكرانيا، لكن لم تلق تلك المحاولات استجابة.

4