جولة مباحثات أمنية أميركية - عراقية بأهداف متباعدة

مسؤولون من الولايات المتحدة والعراق يبحثون التعاون الأمني بين البلدين.
الأربعاء 2024/07/24
يوما ما كانوا في العاصمة ويريدون اليوم موطئ قدم خارجها

واشنطن - انطلقت في واشنطن جولة مباحثات أمنية أميركية – عراقية يخوضها الطرفان بخلفيات وأهداف متباعدة تصل حدّ التضاد، حيث تسعى الولايات المتحدة من ورائها لإيجاد صيغة للالتفاف على المطالبة العراقية بإخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقية، فيما تبحث حكومة رئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني عن صيغة لإنهاء الوجود العسكري الأجنبي في البلاد بطريقة لا تغضب الشريك الأميركي الرئيسي في مجال الأمن والدفاع وتسترضي في الوقت ذاته القوى السياسية والفصائل المسلّحة ذات النفوذ الكبير داخل الحكومة ذاتها، والتي لا تفتأ تجاهر بالمطالبة بإخراج القوات الأميركية من البلاد.

وكثيرا ما ترفع واشنطن يافطة الحاجة العراقية للمساعدة الأميركية في حفظ الأمن والاستقرار لتبرير مساعيها لإيجاد أرضية للإبقاء على موطئ قدم لقواتها في البلد.

وخلال الفترة التي سبقت انطلاق جولة المباحثات الحالية كثفت الولايات المتحدة من تحذيراتها من خطورة تنظيم داعش في العراق مؤكدة أن التنظيم مايزال يشكل تهديدا لأمن البلد والإقليم والعالم.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية بنتاغون، أن مسؤولين من الولايات المتحدة والعراق اجتمعوا لبحث التعاون الأمني بين البلدين.

وقال متحدث الوزارة بات رايدر في لقاء مع الصحفيين إنّ حوار التعاون الأمني المشترك نشأ بناء على عمل اللجنة العسكرية العليا التي انبثقت عن الاجتماع بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بواشنطن في أبريل الماضي.

مهمة صعبة للحكومة العراقية في التوفيق بين مصلحة حليفتها واشنطن ومطالبة القوى الشيعية برحيل القوات الأميركية من البلاد

ولفت إلى أن الطرفين يناقشان متى وكيف ستنتهي مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في العراق، وكيفية الانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية دائمة.

وأضاف “يعكس الاجتماع الحواري هذا الأسبوع تصميم البلدين على تعزيز العلاقات الأمنية الثنائية القائمة على أعمال اللجنة العسكرية العليا في الأشهر الأخيرة”.

وتابع رايدر “يوافق هذا الاجتماع الذكرى السنوية العاشرة الوشيكة لانطلاق المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق”. وتم تشكيل التحالف الدولي ضد داعش في سبتمبر 2014 لمحاربة التنظيم في العراق وسوريا ويضم 85 دولة ومنظمة شريكة.

وقد أتاح ظهور التنظيم وسيطرته على مناطق شاسعة في العراق للقوات الأميركية العودة، وإن بصيغة مختلفة وبأعداد أقل، إلى العراق بعد أن كانت قد انسحبت منه بالكامل سنة 2011.

ولا يبدو أن الولايات المتحدة راغبة في سحب قواتها من هناك كي لا تخلي الساحة بالكامل أمام إيران التي ضمنت وجودها على الساحتين السورية والعراقية عن طريق العشرات من الميليشيات الموالية لها.

لا يبدو أن الولايات المتحدة راغبة في سحب قواتها من هناك كي لا تخلي الساحة بالكامل أمام إيران

ويخالف ذلك رغبة بغداد التي قالت أربعة مصادر عراقية إنّها تريد أن تبدأ قوات التحالف في الانسحاب بدءا من سبتمبر القادم وإنهاء عملها رسميا بحلول الشهر نفسه من سنة 2025 مع احتمال بقاء بعض القوات الأميركية بصفة استشارية يجري التفاوض عليها.

وقالت المصادر العراقية ومسؤولون أميركيون إنه تجري مناقشة الموقف العراقي مع مسؤولين أميركيين في واشنطن هذا الأسبوع في قمة أمنية، وإنه لا يوجد اتفاق رسمي على إنهاء التحالف أو أي جدول زمني مرتبط بذلك حتى الآن.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في إفادة صحفية إن الجانبين المجتمعين في واشنطن يسعيان لتحديد كيفية إحداث تحول في مهمة التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة على أساس التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية.

وتبقي الولايات المتحدة حاليا على نحو 2500 جندي في العراق على رأس قوات تحالف – يضم أكثر من خمسة وثمانين عضوا – تم تشكيله عام 2014 لصد اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية للعراق وسوريا.

وتتمركز القوات في ثلاث قواعد رئيسية في بغداد ومحافظة الأنبار غرب العراق وإقليم كردستان في الشمال.

القوات الأميركية تتمركز في ثلاث قواعد رئيسية في بغداد ومحافظة الأنبار غرب العراق وإقليم كردستان في الشمال

ولم يتضح بعد عدد القوات التي ستغادر حال التوصل لاتفاق، إذ تقول مصادر عراقية إنها تتوقع رحيل معظم القوات في نهاية المطاف، لكن مسؤولين أميركيين يقولون إن من المحتمل أن يبقى عدد كبير من أجل مهمة لتقديم المشورة والدعم يجري التفاوض عليها.

ويحرص المسؤولون الأميركيون على الاحتفاظ بموطئ قدم للقوات في العراق على أساس ثنائي. ويرتبط الأمر بالسياسة بشكل وثيق، إذ تسعى الأحزاب والفصائل العراقية المتحالفة مع إيران بشكل أساسي إلى إظهار أنها تسعى إلى إخراج القوات المحتلة سابقا من البلاد مرة أخرى، في حين يرغب المسؤولون الأميركيون في عدم منح إيران وحلفائها أي انتصار.

كما أن هناك تحذيرات وتخويفا من قدرة تنظيم الدولة الإسلامية على إعادة ترتيب صفوفه. وأعلن الجيش الأميركي أن التنظيم هُزم فيما يتعلق بسيطرته على مناطق في العراق عام 2017 وفي سوريا عام 2019 لكنه لايزال ينفذ هجمات في كلا البلدين وفي طريقه لزيادة الهجمات في سوريا إلى المثلين هذا العام مقارنة بعام 2023.

وفي حين تتمثل مهمة التحالف في تقديم المشورة والدعم للقوات العراقية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، يقول مسؤولون غربيون إن الولايات المتحدة وحلفاءها يرون أيضا أن وجود القوات في العراق يعمل على مراقبة النفوذ الإيراني.

وبدأت واشنطن وبغداد محادثات حول مستقبل التحالف في يناير الماضي وسط هجمات متبادلة بين الفصائل المسلحة الشيعية المتحالفة مع إيران والقوات الأميركية، وهي مواجهات أشعلتها الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في غزة.

ويمكن أن يشكل الاتفاق على انسحاب قوات التحالف انتصارا سياسيا لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي تعرض لضغوط من الفصائل المتحالفة مع إيران لإخراج القوات الأميركية لكنه سعى إلى تحقيق ذلك بطريقة تراعي موقف العراق الحساس نظرا لأنه حليف لكل من واشنطن وطهران.

3