الخارجية الأميركية: الفساد والانقسام السياسي وانتشار السلاح أبرز عراقيل الاستثمار الأجنبي في ليبيا

تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في ليبيا من 2.7 مليار دولار في العام 2010 إلى 50 مليون دولار في العام 2022.
الأحد 2024/07/21
انتشار السلاح يغذي حالة عدم الاستقرار في ليبيا

واشنطن - اصطدمت ليبيا بعدة عقبات حالت دون جلب الاستثمار الأجنبي في مختلف مناطق البلاد، حيث زاد الانقسام السياسي، وانتشار السلاح، وتنامي ممارسات الفساد الإداري، من صعوبة إقناع المستثمرين لبعث المشاريع.

وأكدت وزارة الخارجية الأميركية وجود عديد العقبات أمام الاستثمار الأجنبي في ليبيا، أبرزها الانقسام الحكومي، وتهديد المجموعات المسلحة، والفساد والبيروقراطية، على الرغم من إمكانات الاستثمار المحلي والأجنبي في البلاد.

وقالت في تقريرها للعام 2024 عن مناخ الاستثمار في ليبيا، “ليبيا تواجه صعوبات في بيئة الاستثمار على الرغم من الإمكانات الكبيرة الناتجة من حاجة إعادة البناء، وطلب المستهلكين، والموارد الطبيعية الغنية”. ولفتت إلى تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في ليبيا من 2.7 مليار دولار في العام 2010 إلى 50 مليون دولار في العام 2022. كما أشارت إلى “السجل الطويل للحكومات الليبية في عدم الامتثال للالتزامات التعاقدية، والسداد في الوقت المناسب”، موضحة أن قطاعات النفط والغاز والكهرباء والبنية التحتية هي التي حظيت بأكبر قدر من الاستثمار في ليبيا.

وأفادت أنه على الرغم من الاهتمام الذي أبدته حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها تجاه جذب الاستثمار الأجنبي، والتعاون مع الشركات الدولية، إلا أنه لا تزال هناك عراقيل عدة أمام إمكانات الاستثمار الأجنبي في ليبيا، أبرزها البيروقراطية، والتعقيدات الناجمة عن انقسام مؤسسات الدولة، واللوائح المرهقة، والفساد المتفشي في الإدارة العامة، وتهديدات المجموعات المسلحة.

وذكّر تقرير الخارجية الأميركية بالقدرات الكبيرة التي تملكها ليبيا في مجال الاستثمار المحلي أو الأجنبي، إذ تملك أكبر احتياطي نفطي مثبت في أفريقيا، وخامس أكبر احتياطي للغاز الطبيعي، وتسهم الصادرات الهيدروكربونية بـ97 في المئة تقريبا من العائدات الحكومية، وتنتج ليبيا تقريبا 1.2 مليون برميل يوميا من النفط.

وزارة الخارجية الأميركية تعتبر أن البيروقراطية في ليبيا من بين الأكثر غموضا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

لكن الإنتاج النفطي يتعرض بشكل دوري إلى التوقف والاضطرابات بسبب مجموعات تطالب بخدمات أفضل أو تنازلات سياسية. وذكّر التقرير باضطرابات شهدتها منطقة الجنوب أسفرت عن إغلاق حقل الشرارة النفطي، الأكبر في ليبيا، يناير الماضي.

وأشارت الخارجية الأميركية كذلك إلى غياب أيّ تنظيمات قانونية لتعزيز الاستثمار المباشر الأجنبي في ليبيا بعد تمرير قانون الاستثمار لعام 2010، الذي يعد الإطار القانوني الرئيسي لتنظيم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وسلط التقرير الضوء أيضا على الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية داخل ليبيا، لافتا إلى تجذر الفساد في كل مستويات الإدارة العامة، وذلك حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية والاتصالات المحلية المطلعة.

وأوضح أن “الافتقار إلى آليات واضحة وخاضعة للمساءلة لإدارة احتياطات النفط وعائداته، ومنح العقود الحكومية، وتنفيذ لوائح تنظيمية غامضة في الكثير من الأحيان، يمنح المسؤولين الحكوميين فرصا كبيرة لممارسة الأنشطة الاستغلالية والفاسدة”.

تقرير الخارجية الأميركية ذكّر بالقدرات الكبيرة التي تملكها ليبيا في مجال الاستثمار المحلي أو الأجنبي

وتحدث التقرير أيضا عن افتقار ليبيا إلى هيكل تنظيمي واضح وشفاف، لافتا إلى أن أدوار المؤسسات الحكومية وواجباتها غير محددة بالشكل الجيد. كما أنه لا يجري الالتزام بأدوار كل مؤسسة وواجباتها بشكل كامل.

وحلت ليبيا في تصنيف منخفض بمؤشر مدركات الفساد لعام 2023، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، إذ جاءت في المرتبة 170 من أصل 180 دولة يشملها المؤشر. كما أنها حلت في المرتبة 186 من أصل 190 دولة في مؤشر البنك الدولي لممارسة الأعمال.

وتعتبر الخارجية الأميركية أن “البيروقراطية في ليبيا من بين الأكثر غموضا والأصعب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما أن الإطارات القانونية والسياسية صعبة في الفهم”.

وقالت “تخضع عملية منح التراخيص والأذونات في الأغلب لتأخيرات طويلة غير مبررة. كما أن القرارات تقوم في الأغلب على معايير منحازة وغير شفافة، مما يسمح بتفشي الفساد والاستغلال”، مضيفة “لا توجد استشارة عامة أو نشر لمشاريع اللوائح قبل سنّها. ومن الصعب العثور على معلومات موثوقة ومحدثة حول اللوائح التجارية الرئيسية. وقد أدت هذه العوامل إلى تثبيط الاستثمار الأجنبي”.

وأشارت الخارجية الأميركية إلى حالة الانقسام الحكومي المستمرة في ليبيا منذ توقيع اتفاق الهدنة لعام 2020، الذي أفضى إلى تشكيل أول حكومة موحدة منذ العام 2014، وهي حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، لكن تأجيل الانتخابات، التي كانت مقررة في ديسمبر العام 2021، دفع هذه الحكومة إلى الاستمرار في إدارة البلاد بشكل موقت، لكن يقتصر نفوذها على المنطقة الغربية. في الوقت نفسه، حافظت “القيادة العامة” وحكومة مجلس النواب في الشرق على السيطرة الفعلية في المناطق الشرقية والجنوبية.

وتابعت “في فبراير العام 2023، أطلق المبعوث الأممي السابق لدي ليبيا، عبدالله باتيلي، مبادرة جديدة تهدف إلى تحقيق التوافق السياسي على مسار ذي مصداقية صوب إجراء الانتخابات”.

2