رسائل طمأنة فرنسية للجزائر: نتطلع لدفعة قوية في العلاقات الثنائية

الجزائر - أعرب السفير الفرنسي بالجزائر بمناسبة اليوم الوطني لبلاده، عن تطلع باريس لدفعة قوية في العلاقات بين الطرفين خاصة بعد هزيمة اليمين المتطرف في الانتخابات، واستعرض فرص بلوغ سقف الطموحات المعبر عنها من طرف القيادتين السياسيتين، وذلك قبل أشهر قليلة من زيارة مبرمجة للرئيس تبون إلى فرنسا.
ويرى مراقبون أن تصريحات السفير الفرنسي موجهة للاستهلاك فقط، بما أن مخارج الانتخابات التشريعية الفرنسية لم تتضح معالمها بعد على التوجهات الجديدة لباريس، لافتين إلى أن العلاقة بين باريس والجزائر في مرحلة انتظار تبديد الغيوم السياسية في الأجواء الباريسية.
واعترف السفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتيه، في تصريح أدلى به بمناسبة اليوم الوطني الفرنسي المصادف لـ 14 جويلية، بأن علاقات بلاده مع الجزائر تراوحت خلال السنوات الأخيرة بين الفتور والحركية والأزمة، لأسباب مختلفة لكنها تبقى حتمية لأن البلدين في حاجة الى بعضهما البعض.
وقال “فرنسا بحاجة إلى الجزائر، وأننا مدعوين إلى مواصلة إثراء العلاقة الفريدة والمتنوعة بين البلدين”، في إشارة للملفات الثنائية الكثيفة على مختلف الصعد الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وجاء تصريح السفير الفرنسي، بالتزامن مع وضع سياسي معقد تعيشه بلاده في الآونة الأخيرة، مما أفضى الى حالة من الغموض غير المسبوقة، في مسار المؤسسات والتوازنات الجديدة بين الأقطاب الفاعلة.
ومنذ تعيينه سفيرا لبلاده في الجزائر، حاول السفير الفرنسي ستيفان روناتيه، إضفاء أجواء إيجابية على محور باريس- الجزائر، رغم التراكمات المترسبة عليه في السنوات الأخيرة، والذي أدى إلى تأجيل زيارة الرئيس الجزائري إلى فرنسا عدة مرات، قبل أن تستقر الأجندة المعلن عنها في الخريف الداخل.
وإذ رحبت الجزائر بقلب اليسار الفرنسي للطاولة الانتخابية على اليمين المتطرف، قياسا بما كان يمثله من تهديد للعلاقات الثنائية، وتداعيات برنامجه الاجتماعي والاقتصادي على حاضر ومستقبل الجالية الجزائرية في فرنسا.
واستغل السفير فرصة فوز اليسار، لتحفيز الجانب الجزائري على دفع العلاقات بين البلدين، وألمح إلى أن التركيبة السياسية في بلاده مشجعة، حتى ولو أن الأمر لم يحسم بعد.
وتحدث روماتيه عن طبيعة العلاقات التي كانت بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، حيث اتسمت بـ”التفاهم أحيانا وبالأزمات في أحيان أخرى”، وأن من المسائل التي جمعت الطرفين كاستقرار منطقة الساحل ومواجهة التحديات الأمنية، ومواجهة الوضعية المناخية الطارئة، ومعالجة قضايا الهجرة.
وأضاف: “لدي قناعة بأن الجغرافيا والمستقبل لا يمكن إلا أن يجمعانا، ولدي قناعة أيضا بأننا بحاجة لبعضنا البعض.. على أية حال، أستطيع أن أقول لكم بكل تأكيد أن فرنسا بحاجة إلى الجزائر، وأن مصير بلدينا يرتبط ارتباطا وثيقا بقوة وتشابك روابطنا العائلية”.
وتطرق السفير الفرنسي إلى ملف التاريخ والذاكرة المشتركة، والذي خصصت له القيادتان السياسيتان، لجنة مشتركة من الخبراء والمؤرخين، عقدت عدة لقاءات في الجزائر وفرنسا، وتم التوافق على عدة تفاصيل تخص الأرشيف والأغراض، بالقول “إن التاريخ فرقنا وعارضنا ومزقنا وجرحنا، وأحيانا في ظلمة ذكرياتنا مازالت هذه القصة تطاردنا، لكن قناعتي أنّ الجغرافيا والمستقبل يمكنهما أن يمضيا قدما”.
الجالية الجزائرية في فرنسا تعتبر أكبر جالية عربية وافريقية، ولذلك ظلت محل تجاذب سياسي وضغط اجتماعي على الجزائر
وأثنى المتحدث عن العلاقات بين البلدين، بالقول “أنها علاقة قرب فريدة وكثافة لا مثيل لها، وأن الجزائر بلد ترحيب، حيث كل لقاء يعد دائما ووعدا، ولدينا الآن مسؤولية وواجب مواصلة المسار، والمضي قدما بين فرنسا والجزائر، ومواصلة العمل بلا هوادة وبتصميم لمواصلة إثراء هذه العلاقة الفريدة”.
وعلى صعيد آخر نشرت السلطات الفرنسية، الثلاثاء، ستة مراسيم تنفيذية جديدة في الجريدة الرسمية، تتعلق بتصاريح الإقامة في فرنسا للمهاجرين.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانين على شبكات التواصل الاجتماعي، أن المراسيم تخص قانون الهجرة في فرنسا، وأنها سنتضاف إلى الإجراءات الصارمة للغاية المعمول بها بالفعل منذ اعتماد قانون الهجرة في 28 جانفي الماضي.
وكشف جيرالد دارمانين عن ترحيل 2500 أجنبي في النصف الأول من عام 2024، بزيادة قدرها 28 بالمئة، وبموجب قانون الهجرة، وبعد دخول المادة المتعلقة بتصاريح الإقامة في فرنسا حيز التنفيذ، يجب على الأجانب الذين يطلبون هذه الوثيقة أن يتعهدوا باحترام مبادئ الجمهورية، ويتضمن أحد المراسيم الجديدة رفض إصدار أو سحب تصاريح الإقامة للأجانب الذين لا يحترمون مبادئ الجمهورية.
وتعتبر الجالية الجزائرية في فرنسا، أكبر جالية عربية وافريقية، ولذلك ظلت محل تجاذب سياسي وضغط اجتماعي على الجزائر، خاصة بعد صعود أصوات فرنسية داعية لمراجعة اتفاقية العام 1968، المتضمنة مزايا وامتيازات للمهاجرين الجزائريين.
وكان قانون الهجرة المثير للجدل، قد تعرض إلى انتقادات كثيرة لكونه يتضمن تمييزا ضد المهاجرين، بعد المصادقة عليه من طرف البرلمان الفرنسي بفضل أصوات كتلة اليمين المتطرف، ونشره في الجريدة الرسمية مطلع العام الجاري.