تونس تعول على القطاع الخاص لإنعاش سوق الإسكان المتعثر

الحكومة تعكف على إعداد إستراتيجية عقارية تمتد إلى عشر سنوات.
الاثنين 2024/07/15
متى ينتهي المشروع؟

تعول تونس على القطاع الخاص لتنشيط سوق الإسكان المتعثر عبر إستراتيجية طموحة تمتد لعشر سنوات، يتوقع أن ترى النور قريبا، وتأخذ في الاعتبار التحديات الجاثمة على هذه الصناعة، والتي يتوجب تذليل العقبات أمامها لجعلها مساهما مهما في التنمية.

تونس - تعكف الحكومة التونسية على إعداد إستراتيجية جديدة للإسكان للفترة بين عامي 2025 و2035، والتي يتوقع أن يشهد خلالها هذا القطاع المتعثر تطويرا، أخذا في الاعتبار الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

وأكد مدير عام الإسكان بوزارة الإسكان نجيب السنوسي، أنه سيتم خلال العشرية القادمة العمل على “السيطرة العقارية” عبر توفير الرصيد الضروري والأراضي الصالحة للبناء.

وبالإضافة إلى ذلك، سيتم التركيز على الجانب التشريعي عبر مراجعة شاملة لمجلة (قانون) التهيئة الترابية والتعمير، والتي “سيتم الانتهاء من إعدادها في الفترة القادمة”.

ويركز القانون على تبسيط إجراءات المصادقة على تراخيص البناء والتقليص من مدد إسنادها، وأيضا تراخيص تقسيمات الأراضي وغيرها.

وربط السنوسي في مقابلة مع وكالة الأنباء التونسية الرسمية الأحد تحقيق هدف الإستراتيجية بتشريك القطاع الخاص بشكل أكبر نظرا لما قام به طيلة عقود في توفير عشرات الآلاف من المساكن في البلاد.

نجيب السنوسي: تجب دراسة إعادة تموقع الشركات الحكومية بالقطاع
نجيب السنوسي: تجب دراسة إعادة تموقع الشركات الحكومية بالقطاع

واعتبر أنه من المهم عند التنفيذ توفير الآليات، مثل تحيين المخططات العمرانية مع تطوير منظومة تدخل المطورين العقاريين التابعين للدولة، التي تضم الشركة العقارية التونسية (سنيت) وشركة النهوض بالمساكن الاجتماعية (سبرولس) ووكالة التهذيب والتجديد العمراني.

كما تقوم الوكالة العقارية للسكنى بدور كبير في توفير رصيد عقاري في كافة أنحاء البلاد إذ توفقت حتّى الآن في تهيئة 8 آلاف هكتار.

ولدى الوكالة العديد من المشاريع على غرار مشروع حدائق تونس غرب العاصمة على مساحة 330 هكتارا مع تهيئة أراضي في كل من الزهراء وفوشانة والمحمدية بولاية (محافظة) بن عروس.

وقال السنوسي “تجب دراسة إعادة تموقعها مستقبلا وتحديد دورها مع التفكير في إسناد وظائف جديدة لهذه المؤسسات العمومية”.

ولكن تتمثل أهم التوجهات المستقبلية، في الاستجابة للطلب المتنامي، وخاصة لذوي الدخل المحدود وتنشيط قطاع البناء الذي يمثل 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن مساهمته في توفير نصف مليون فرصة عمل مباشرة.

ومن أهم المؤشرات ما أظهرته نتائج التعداد العام لسنة 2014، والذي قدر الرصيد السكني بنحو 3.3 ملايين منزل مقابل 2.7 مليون أسرة، 77 في المئة منها تمتلك مسكنا، وفق بيانات للإدارة العامة للإسكان بالوزارة.

ولا تحجب هذه النتائج التي تعتبر ظاهرة إيجابية، المشكلات المرتبطة بازدياد الطلب على السكن وارتفاع الأسعار والتوسع الحضري العشوائي، والذي يشكل 37 في المئة من إجمال المنازل التي تم إنجازها.

كما تسجل المنظومة الحالية عديد النقائص، التي تجعلها غير قادرة على تمكين مختلف فئات المجتمع من الحصول على مسكن يتلاءم مع قدرتها المالية.

وتتعلق أبرز العوائق بطول إجراءات إعداد ومراجعة مخططات التهيئة العمرانية وغياب آليات لتمويل تنفيذها وتعقد إجراءات تقسيم الأراضي ومراحل الترخيص في البناء إلى جانب تراجع مساحات الأراضي المهيأة وندرتها وارتفاع الأسعار.

كما أن زيادة الطلب على الأراضي خارج سجلات الدولة وبروز أحياء فوضوية على الأراضي الزراعية المحيطة بالمدن مع محدودية الوحدات والمقاسم الاجتماعية الموجهة للفئات الضعيفة ومتوسطة الدخل، تشكل مشاكل أخرى معرقلة.

وسبق أن أعدت وزارة الإسكان في 2015 إستراتيجية تضمنت برامج ومشاريع، لكنها تنكب، حاليا، وفق السنوسي، على مراجعتها نظرا للظروف الاقتصادية والاجتماعية، وأيضا، للصعوبات مثل ارتفاع كلفة مواد البناء والطاقة واليد العاملة وتراجع المعروض.

ولذلك، تم تنظيم ورشة عمل في بداية 2024، بالتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، الشريك في هذه العملية، مع دعوة كافة المتدخلين في قطاع السكن والبناء في تونس للتباحث في خصوص واقع وآفاق القطاع.

وأفاد السنوسي بأنه تم إجمالا، تحديد 4 محاور كبرى سيتم الاشتغال عليها في الإستراتيجية الجديدة، الأول توفير المعروض، الثاني بتوفير السكن وتمويله ويتعلق الثالث بالعناية بالرصيد السكني القائم، فيما سيركز المحور الرابع على آليات التخطيط العمراني.

وأفضت الورشة إلى ضبط مخطط عمل لتنفيذ هذه المخرجات ضمن إستراتيجية جديدة للسكن خلال الفترة 2025 – 2035 مع تحيينها باستمرار أخذا في الاعتبار التطورات التي قد تطرأ على قطاع السكن والتعمير في البلاد.

أبرز محاور الخطة العشرية

- توفير المعروض العقاري في السوق
- العمل على توفير المساكن مع مرونة تمويلها
- العناية بالرصيد السكني القائم
- التركيز على آليات التخطيط العمراني في المدن

ولفت السنوسي إلى أن التمويل يواجه بعض الصعوبات قائلا إن “القروض مرتبطة بنسبة الفائدة البالغة 8 في المئة مع توظيف البنوك لنسبة فائدة قد ترفع إجمالي التكاليف إلى ما بين 11 و12 في المئة ما جعل النفاذ إلى القرض السكني صعب”.

وأكد أهمية النظر ضمن الإستراتيجية الجديدة للسكن، في مسألة التمويل في علاقة بآليات التمويل المتاحة وفي مقدمتها أنظمة الادخار السكني في اتجاه إعادة تطويرها وتطويعها لتيسير النفاذ إلى تمويل السكن.

ويقر السنوسي بعدم نجاح آلية قرض المسكن الأول منذ إطلاقها في العام 2017 لتخفيف الأعباء على المستهلكين، لكن شروط البنوك المتعلقة أساسا بتوفير المشترين للتمويل الذاتي بقيمة 20 في المئة من قيمة العقار تسبب في خفوت هذا البرنامج.

ومنذ بدء العمل بهذه الآلية لم يتم تمويل سوى 2800 عملية شراء منزل، وفق بيانات وزارة الإسكان، الأمر الذي يعكس أعباء التكاليف الباهظة على المواطنين خاصة في ظل ضغوط تكاليف المعيشة.

وعن خطة الوزارة لزيادة عدد العائلات المتمتعة بقرض المسكن الأول، قال السنوسي، إنه “من الضروري في المقام الأول مراجعة التمويل البنكي”.

وتجمع أوساط التطوير العقاري على أن غلاء أسعار المنازل والشقق إحدى المشاكل في تكبيل نشاط القطاع، وسعى السنوسي إلى تبرير ذلك بما يحدث من ارتفاعات في أسعار المواد الأولية للبناء الذي تحول إلى “واقع ملموس تم تسجيله في السنوات الأخيرة”.

وأوضح أن الأسباب متعددة وأبرزها نُدرة المعروض، الأمر الذي أثّر على الأسعار، مع ارتفاع كلفة مواد البناء الأساسية على غرار الأسمنت والحديد، علاوة على تطور كلفة اليد العاملة مع زيادة كلفة التمويل.

وبحسب وزارة الإسكان، يبلغ عدد المساكن التي يتم تشييدها سنويا حوالي 80 ألفا، منها أكثر من 85 في المئة عن طريق البناء الذاتي، أي أن المواطن يتولى بنفسه البناء إما على قطعة أرض أو فوق منزل العائلة.

10